تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[صوف]:

صفحة 331 - الجزء 12

  حَلْبَانَةٍ رَكْبانَةٍ صَفُوفِ ... تَخْلِطُ بينَ وَبَرٍ وصُوفِ

  قال ثَعْلَبٌ: قال ابنُ الأَعْرابِيِّ: أي أَنَّها تُباعُ فيُشْتَرَى بها غَنَمٌ وإِبِلٌ، وقالَ الأَصْمَعِيُّ: يَقُولُ: تُسْرِعُ في مِشْيَتِها، شَبَّه رَجْعَ يَدَيْها بقَوْسِ النَّدّافِ الَّذِي يَخْلِطُ بينَ الوَبَرِ والصُّوفِ.

  وَيُقال لواحِدَةِ الصُّوفِ: صُوفَةٌ، ويُصَغَّرُ صُوَيْفَة.

  وَفي الأَساس: فلانٌ يَلْبَسُ الصُّوفَ والقُطْنَ: أي ما يُعْمَلُ منهما.

  ومن المَجازِ قَوْلُهم: خَرْقاءُ وَجَدَتْ صُوفاً قال الأَصْمَعِيُّ: وهو من أَمْثالِهم في المَالِ يَمْلِكُه مَنْ لا يَسْتَأْهِلُه قال الصّاغانِيُّ: لأَنَّ المَرْأَةَ غيرَ الصَّناعِ إذا أصابت صوفاً لم تَحْذِقْ غَزْلَه، وأَفْسَدَتْه، يُضْرَبُ ذلِكَ للأَحْمَق يَجِدُ مالاً فَيُضَيِّعُه في غيرِ مَوْضِعِه، وهو بَقِيَّةُ قولِ الأَصْمَعِيِّ: وفي الأَساسِ: لمَنْ يَجِدُ ما لا يَعْرِفُ قِيمَتَهُ فيُضَيِّعُه.

  ومن المَجازِ قَوْلُهم: أَخَذْتُ بصُوفِ رَقَبَتِه، وبِصافِها الأَخيرُ لم يَذْكُرْه الجَوْهَرِيُّ والصاغانِيُّ، إِنّما ذَكَرَه صاحبُ اللِّسانِ، زادَ الجَوْهَرِيُّ: وكذا بطُوفِ رَقَبَتِه، وبِطافِها، وَبظُوفِ رَقَبَتِه، وبقافِها: أَو بجِلْدِها قالَه ابنُ الأَعْرابِيّ أَو بشَعَرَهِ المُتَدَلِّي في نُقْرَةِ قَفاهُ قاله ابنُ دُرَيْدٍ، أَو بِقَفَاهُ جَمْعَاءَ، قاله الفرَّاءُ أَو أَخَذْتُه قَهْرًا قالَهُ أَبو الغَوْثِ، و* فَسَّرَه أَبو السَّمَيْدَعِ، فقَالَ: وذلِكَ إذا تَبِعَه وقَدْ ظَنَّ أَنْ لَنْ يُدْرِكَهُ، فلَحِقَهُ، أَخَذَ برَقَبَتِه أَوْ لمْ يَأْخُذْ نَقَلَ هذه الأَقوالَ كُلَّها الجَوْهَرِيُّ والصّاغانِيُّ وصاحبُ اللِّسانِ، واقتصرَ الزَّمَخْشَرِيُّ على الأَخِيرِ.

  ومن المَجازِ قولُهم: أَعْطاهُ بِصُوفِ رَقَبَتِه كما يَقُولُونَ: أَعْطاهُ برُمَّتِه نقَله الجَوْهَرِيُّ، أَو أَعْطاهُ مَجّانًا بلا ثَمَنٍ قالَه أَبو عُبَيْدٍ، ونَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.

  وصُوفَةُ أَيْضاً: أَبُو حَيٍّ من مُضَرَ، وهو الغَوْثُ بنُ مُرِّ بنِ أُدِّ بنِ طابِخَةَ بْنِ الياس بنِ مُضَرَ قالَه ابنُ الجَوّانِيِّ⁣(⁣١) في المُقَدِّمَةِ، سُمِّيَ صُوفَةُ لأَنّ أُمَّه جَعَلَتْ في رَأْسِه صُوفَةً، وَجعَلْتهُ رَبِيطاً للكَعْبَةِ يَخْدِمُهُا، قال الجَوْهَرِيُّ: كانُوا يَخْدِمُونَ الكَعْبَةَ، ويُجِيزُونَ الحاجَّ في الجَاهِلِيَّةِ، أي: يُفيضُونَ بِهِمْ زادَ في العُبابِ مِنْ عَرَفات وفي المُحْكَم «من مِنًى» فيَكُونُونَ أَوَّلَ مَنْ يَدْفَعُ وكانَ أَحَدُهُمْ يَقُومُ، فيَقُولُ: أَجِيزِي صُوفَةُ، فإِذَا أَجازَتْ قال: أَجِيزِي خِنْدِفُ، فإِذَا أجازَتْ أُذِنَ للنّاسِ كُلِّهِم في الإِجازَةِ قال ابنُ سِيدَه: وهي الإِفاضَةُ، قال ابنُ بَرِّيّ: وكانَت الإِجازَةُ بالحَجِّ إِلَيْهِمْ في الجاهِلِيَّةِ، وكانَت العَرَبُ إذا حَجَّتْ وحَضَرَتْ عَرَفَةَ، لا تَدْفَعُ منها حتّى تَدْفَعَ بها صُوفَةُ، وكذلِكَ لا يَنْفِرُونَ مِنْ مِنًى حَتّى تَنْفِرَ صُوفَةُ، فإذا أَبْطَأَتْ بهم قالُوا: أَجِيزِي صُوفَةُ.

  أَوْهُمْ قومٌ من أَفناءِ القَبائِلِ، تجمَّعُوا، فَتَشَبَّكُوا كتَشَبُّكِ⁣(⁣٢) الصُّوفَةِ قالَه أَبو عُبَيْدَةَ، ونقله الصاغانِيُّ وقولُ الجَوْهَرِيُّ: ومِنْه قولُ الشّاعِرِ:

  حَتَّى يُقال: أَجِيزُوا آلَ صُوفانَا⁣(⁣٣)

  أَتى به شاهِداً على أنَّ صُوفَةَ يُقال له: صُوفانُ، قال الصّاغانِيُّ: وهو وَهَمٌ، والصَّوابُ في رِوايَةِ البَيْتِ: آلَ صَفْوانَا، وهُمْ قَوْمٌ من بَنِي سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَناةَ بنِ تَمِيمٍ، وَموضِعُ ذكره باب الحُروف اللّيِّنَةِ قال أَبو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بنُ المُثَنَّى في كتابِ التّاجِ - بعد ذِكْرِهِ روايةَ البيتِ - ما نَصُّه: حَتّى يَجُوزَ القائِمُ بذلكَ من آل صَفْوَانَ قال الصاغانِيُّ: والبَيْتُ لأَوْسِ بنِ مَغْراءِ السَّعْدِيّ وصَدْرُه:

  ولا يَرِيمُونَ في التَّعْرِيفِ مَوْقِفَهُمْ

  كذا في العُبابِ والتَّكْمِلَة. قلت: وفي قولِ الزَّمَخْشَرِيِّ ما يَدُلُّ على أَنّه يُقالُ لهُمُ: الصُّوفانُ، وآلُ صُوفان معاً⁣(⁣٤)، فلا إشكالَ حِينَئِذٍ، فَتأَمَّل.

  وذُو الصُّوفَةِ أَيضاً: فَرَسٌ، وهو أَبُو الخُزَزِ والأَعْوَجِ نَقَلَه الصّاغانيُّ، وقد تقَدَّم كُلُّ منهما في مَحَله.

  وصافَ الكَبْشُ بعدَ ما زَمِرَ، يَصُوفُ صُوفاً بالفتح وصُوُوفاً كقُعُودٍ فهو صافٌ وصافٍ، وأَصْوَفُ وصائِفٌ،


(*) بالقاموس: «أو» بدل «و».

(١) واللسان أيضاً وجمهرة ابن حزم ص ٢٠٦ وفي التهذيب والمحكم: وَصوفة حي من تميم.

(٢) على هامش القاموس عن نسخة أخرى: تَشَبُّكَ.

(٣) عجز بيت لأوس بن معزاء السعدي كما في اللسان والتهذيب وصدره في اللسان:

وَلا يريمون في التعريف موقفهم

(٤) كذا بالأصل وفي الأساس: ويقال لهم: آل صَوْفَان وآل صَفْوان.