[طوف]:
  والطَّوْفُ: الغائِطُ وهو ما كانَ من ذلِك بعد الرَّضاعِ، وَأَمّا ما كانَ قبْلَه فهو عِقْيٌ، قالَه الأَحْمَر، وفي الحَدِيث: «لا يَتَناجَى اثْنانِ على طَوْفِهِما» وفي حَدِيثِ ابنِ عَبّاسٍ: «لا يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكم وهو يُدافِعُ الطَّوْفَ والبَوْلَ» وفي كَلامِ الرّاغبِ ما يَدُلُّ على أَنَّه من الكِناية.
  وطافَ يَطُوفُ طَوْفاً: إذا ذَهَبَ إلى البَرازِ ليَتَغَوَّطَ زاد ابنُ الأَعرابِيِّ كاطَّافَ يَطّافُ اطِّيَافاً: إذا أَلْقَى ما في جَوْفِه، وَأَنشَدَ:
  عَشَّيْتُ جابانَ حي اسْتَدَّ مَغْرِضُه ... وَكادَ يَنْقَدُّ إلّا أَنَّهُ اطّافَا
  وَهو على افْتَعَلَ.
  والطّائِفُ: العَسَسُ كما في الصِّحاح قال الرّاغِبُ: وهو الذي يَدُورُ حول البُيُوتِ حافِظاً، وقَيَّدَه غيرُه باللَّيْل.
  والطّائِفُ: بِلادُ ثَقِيفٍ قال أَبُو طالِبِ بنُ عَبْدِ المُطلِبِ:
  مَنَعْنا أَرْضَنا من كُلِّ حَيٍّ ... كما امْتَنَعَتْ بطائِفِها ثَقِيفُ
  وَهي في وادٍ بالغَوْرِ أَوّلُ قُراها لُقَيْمُ، وآخرُها الوَهْطُ، سُمِّيَتْ لأَنّها طافَتْ على الماءِ في الطُّوفانِ، أو لأَنّ جِبْرِيلَ # طافَ بِها عَلَى البَيْتِ سَبْعا نقله المَيُورْقِيّ عن الأَزْرَقِيِّ.
  أَو لأَنَّها كانَتْ قريةً بالشّامِ، فَنَقَلَها الله تَعالَى إلى الحِجازِ بدَعْوَةِ إِبراهيمَ # اقْتِلاعاً من تُخُومِ الثَّرَى بعُيُونِها وَثِمارِها ومَزارِعِها، وذلك لمَّا قالَ: {رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}(١) نقله أَبو داودَ الأَزْرَقيُّ في تاريخ مكَّةَ، وأَبُو حذيفَةَ إِسحاقُ بْنُ بِشْرٍ القُرَشِيُّ في كتاب «المُبْتَدا» وهو قولُ الزُّهْرِيِّ، وقالَ القَسْطَلّانِيُّ في المَواهِبِ: إِنّ جِبْرِيلَ # اقْتَلَعَ الجَنَّة التي كانَتْ لأصحابِ الصَّرِيمِ، فسارَ بِها إلى مكَّةَ، فطافَ بها حولَ البيتِ، ثمّ أنزلَها حيثُ الطّائِفُ، فسُمِّيَ الموضعُ بها، وَكانت أَوّلاً بنواحي صَنْعَاءَ، واسمُ الأَرضِ «وَجٌّ» وهي بَلْدَةٌ كبيرةٌ على ثلاثِ مَراحِلَ أو اثْنَتَيْنِ من مكَّةَ من جهة المَشْرِقِ، كثيرةُ الأَعنابِ والفَواكِهِ، وروى الحافِظ ابنُ عاتٍ(٢) في مَجالِسِه أنَّ هذه الجَنَّةَ كانت بالطّائِفِ، فاقْتَلَعَها جِبْرِيلُ، وطافَ بها البيتَ سَبْعاً، ثم رَدَّها إلى مَكانِها، ثم وَضَعَها مكانَها اليوم، قال أَبو العَبّاس المَيُورْقِيُّ: فتَكُون تلك البُقْعَةُ من سائِرِ بُقَع الطّائِفِ طِيفَ بها بالبيتِ مَرَّتَيْنِ في وَقْتَيْنِ.
  أَو لأَنَّ رَجُلاً من الصَّدِفِ وهو ابنه الدَّمُّونُ بنُ الصَّدِفِ(٣)، واسمُ الصَّدِفِ مالِكُ بنُ مُرْتِعِ بن كِنْدَةَ من حَضْرَموْت أَصابَ دَماً في قَوْمِه بحَضْرَمَوْتَ، ففَرَّ إلى وَجٍّ ولَحِقَ بثَقِيفَ، وأَقامَ بها وحالَفَ مَسْعُودَ بنَ مُعَتِّبٍ الثَّقَفيّ أَحدَ من قِيلَ فيه: إِنَّهُ المُرادُ من الآية (عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ)(٤)، وكانَ له مالٌ عَظِيمٌ، فقَالَ لهم: هَلْ لَكُمْ أَنْ أَبْنِيَ لكم طَوْفاً عَلَيْكُم يُطِيفُ ببلدِكم يكونُ لكم رِدْءاً من العَرَبِ؟ فقالُوا: نَعَمْ، فبَناهُ، وهو الحائِطُ المُطِيفُ المُحْدِقُ به وهذا القَوْلُ نَقَلَه السُّهَيْلِيُّ في الرَّوْضِ عن البَكْرِيّ، وأَعرضَ عنه، وذَكَر ابنُ الكَلْبِيِّ ما يُوافِقُ هذا القولَ، وقد خُصَّت الطّائفُ بتَصانِيفَ، وذَكَرُوا هذا الخِلافَ الذي ساقَه المُصنِّفُ، وبَسَطوا فيه، أَوردَ بعضَ ذلك الحافِظُ ابنُ فَهْدٍ الهاشِمِيُّ في تاريخٍ له خَصَّه بذكر الطّائِف، جزاهم الله عنا كُلَّ خيرٍ.
  والطّائِفُ من القَوْسِ: ما بَيْنَ السِّيَةِ والأَبْهَرِ نقله الجوهريُّ.
  أَو هو قَرِيبٌ من عَظْمِ الذِّراعِ من كَبِدِها.
  أَو الطّائِفانِ: دُونَ السِّيَتَيْنِ والجمعُ طوائِفُ، قال أَبو كَبِيرٍ الهُذَلِيُّ:
  وَعُراضَةُ السِّيَتَيْنِ تُوبِعَ بَرْيُها ... تَأْوِي طَوائِفُها لعَجْسٍ عَبْهَرِ(٥)
(١) سورة إبراهيم الآية ٣٧.
(٢) تذكرة الحفاظ للذهبي ٤/ ١٣٨٩ وفيها: أبو عمر أحمد بن هارون بن أحمد بن جعفر بن عات النفزي الشاطبي ولد سنة ٥٤٢ ومات سنة ٦٠٩.
(٣) في معجم البلدان: رجل من الصدف يقال له الدمون بن عبد الملك قتل ابن عمٍّ له يقال له عمر بحضرموت ثم أقبل هارباً وقال:
وَحربة ناهكٍ أوجرت عمرًا ... فما لي بعده أبداً قرارُ
(٤) سورة الزخرف الآية ٣١.
(٥) ديوان الهذليين ٢/ ١٠٣ وبهامشه: وطائف القوس: ما بين.