تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الواو مع الفاء

صفحة 529 - الجزء 12

  ويُقالُ: الوَقّافُ: المُحْجِمُ عن القِتالِ كأَنَّه يَقِفُ نَفْسَه عنه ويَعُوقُها، كأَنَّه جَبانٌ، قال:

  فَتَّى غيرُ وَقّافٍ وليسَ بزُمَّلِ

  وَقالَ دُرَيْدُ بنُ الصِّمَّةِ:

  فإِنْ يَكُ عَبْدُ الله خَلَّى مَكانَه ... فما كانَ وَقّافاً ولا طائِشَ اليَدِ⁣(⁣١)

  والوَقّافُ: شاعِرٌ عُقَيْلِيٌّ.

  وقال ابنُ عَبّادٍ: كُلُّ عَقَبٍ لُفَّ على القوسِ: وَقْفَةٌ، وَعلى الكُلْيَةِ العُلْيا وَقْفَتانِ وقال ابنُ الأَعْرابِيِّ: وُقُوفُ القَوْسِ: أَوْتارُها المَشْدُودَةُ في يَدِها ورِجْلِها.

  وقال اللِّحْيانِيُّ: المِيقَفُ، والمِيقافُ كمِنْبِرٍ ومِحْرابٍ: عُودٌ يُحَرَّكُ به القِدْرُ، ويُسَكَّنُ بِهِ غَلَيانُها قال: وهو المِدْوَمُ وَالمِدْوامُ أَيضاً، قال: والإِدامَةُ: تَرْكُ القِدْرِ على الأَثافيِّ بعدَ الفَراغِ.

  قال الجَوْهرِيُّ: والوَقِيفَةُ كسَفِينَةٍ: الوَعِلُ تُلْجِئُه قال ابنُ بَرِّي: صَوابُه: الأُرْوِيَّةُ تُلْجِئُها الكِلابُ إِلَى صخْرِّةٍ لا مخْلَص لها مِنه⁣(⁣٢) فلا يُمْكِنُه أَنْ يَنْزِلَ حتَّى يُصادَ قال:

  فلا تَحْسبَنِّي شَحْمةً من وقِيفَةٍ ... مُطَرَّدَةٍ مما تَصِيدُكَ سَلْفَعُ

  قلتُ: هكَذا أَنْشَدَه ابنُ دُرَيْدٍ وابنُ فارِسٍ، وأَنشَده ابنُ السِّكِّيتِ في كِتابِ «معانِي الشِّعْر» من تأَلِيفِه: «وقِيفَةٍ تَسَرَّطُها مما تَصِيدُكَ⁣(⁣٣)» وسلْفَعُ: اسمُ كَلْبةٍ، وقيل: الوقِيفَةُ: الطَّرِيدَةُ إذا أَعْيَتْ من مُطارَدَةِ الكِلابِ.

  وأَوْقَفَ: سكَتَ نَقَلَه الجَوْهريُّ عن أَبِي عَمْرٍو، ونَصُّه: كَلَّمْتَهم ثم أَوْقَفْتُ؛ أي: سكَتُّ⁣(⁣٤)، وكل شَيْءٍ تُمْسِكُ عنهُ تقولُ فيه: أَوْقَفْتُ.

  وأَوْقَفَ عنهُ أي: عن الأَمْرِ الذي كانَ فِيه: أَمْسَكَ وَأَقْلَعَ وأَنْشَد الجوهرِيُّ للطَّرِمّاحِ:

  جامِحاً في غَوايَتِي ثُمَّ أَوْقَفْ ... تُ رِضاً بالتُّقَى، وذُو البِرِّ راضِي

  وليسَ في فَصِيحِ الكَلامِ أَوْقَفَ إلّا لِهذَا المَعْنَى ونَصُّ الجَوْهَريِّ: وليس في الكَلامِ «أَوْقَفْت» إِلا حَرْفٌ واحِدٌ.

  قلتُ: ولا يَرِدُ عَلَيه ما ذَكَرَه أَوّلاً مِن أَوْقَفَه بمعنى أَقامَهُ؛ فإِنَّه مُخَرَّجٌ على قولِ من قالَ وَقَفَ وأَوْقَفَ سَواءٌ، وهو يَذْكُرُ الفَصِيحَ وغيرَ الفَصيحِ، جَمْعاً للشَّواردِ، كما هو عادَتُه.

  ووَقَّفَها تَوْقِيفاً فهِيَ مُوَقَّفَةٌ: جَعَلَ في يَدَيْها الوَقْفَ أي: السِّوار، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.

  ووَقَّفَت المَرْأَةُ يَدَيْهَا بالحِنّاءِ تَوْقِيفاً: نَقَطَتْهُما نَقْطاً.

  والمُوَقَّفُ كمُعَظَّمٍ من الخَيْلِ: الأَبْرَشُ أَعْلَى الأُذُنَيْنِ، كأَنَّهُما مَنْقُوشَتانِ ببَياضٍ، ولَوْنُ سائِرِه ما كانَ كما في العُبابِ واللِّسانِ.

  وقال اللِّحْيانِيُّ: المُوَقَّفُ من الحُمُرِ: ما كُوِيَتْ ذِراعاهُ كَيًّا مُسْتَدِيرًا وأَنشَدَ:

  كوَيْنا خَشْرَماً في الرَّأْسِ عَشْرًا ... وَوَقَّفْنَا هُدَيْبَةَ إِذْ أَتانَا

  ومِنَ الأَرْوَى والثِّيرانِ: ما في يَدَيْهِ حُمْرَةٌ تُخالِفُ سائِرَهُ وَفي نُسَخٍ: تُخالِفُ لَوْنَ سائِرِه⁣(⁣٥).

  وَفي اللِّسانِ: التَّوْقِيفُ: البَياضُ مع السَّوادِ، ودابَّةٌ مُوَقَّفَةٌ تَوْقِيفاً، وهو شِيَتُها، ودابَّةٌ مُوَقَّفَةٌ: في قَوائِمِها خُطُوطٌ سُودٌ، قال الشَّمّاخُ:

  وَما أَرْوَى وإِنْ كَرُمَتْ عَلَيْنَا ... بأَدْنَى مِنْ مُوَقَّفَةٍ حَرُونِ

  أَراد بالمُوَقَّفَةِ أُرْوِيَّةً في يَدَيْها حُمْرَةٌ تخالِفُ لونَ سائِرِ جَسَدِها، ويُقالُ أَيضاً: ثَوْرٌ مُوَقَّفٌ، قال العَجّاجُ:

  كأَنَّ تَحْتِي ناشِطاً مُجَأّفَا ... مُذَرَّعاً بوَشْيِه مُوَقَّفَا

  وَاسْتَعْمَلَ أَبُو ذُؤَيْبٍ التَّوْقِيفَ في العُقابِ، فقَالَ:

  مُوَقَّفَةُ القَوادِمِ والذُّنابَى ... كأَنَّ سَراتَها اللَّبَنُ الحَلِيبُ⁣(⁣٦)


(١) بالأصل «فليس بوقافٍ ولا طائش ...» والمثبت عن اللسان والتهذيب، وَفيه: ولا رعش اليد.

(٢) في اللسان: لا مخلص لها منها فلا يمكنها أن تنزل حتى تصاد.

(٣) بالأصل «تصدك» والتصويب عن التهذيب، وقد وردت هذه الرواية فيه.

(٤) كذا بالأصل واللسان وفي الصحاح: أسكتُّ.

(٥) نبه عليها بهامش القاموس المطبوع على أنها عبارة نسخة أخرى.

(٦) ديوان الهذليين ١/ ٩٥ ويروى: مثقفة أي مقومة، ويروى: مولعة أي ذات ألوان مختلفة. وفي شرح موقفة يقول: في قوادمها بياض وفي ذناباها بياض.