تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[رزدق]:

صفحة 162 - الجزء 13

  [رزدق]: الرُّزْداقُ، بالضَّمِّ: السَّوادُ والقُرَى: لُغَةٌ في الرُّسْداق، تَعْرِيب الرُّسْتاقِ، وسَيَأْتِي، والرُّسْتاقُ: مُعَرَّبُ رُسْتا وقالَ حَمْزَةُ بنُ الحَسَن: أَصْلُه «رُوزَه فَسْقا»، فرُوزَه للسَّطْرِ والصَّفِّ، و «فسقا»: اسمٌ للحالِ، والمَعْنَى أَنّه على التَّسْطِير والنِّظامِ، وقالَ ياقُوت: الَّذِي شاهَدْناهُ في زمانِنا في بلادِ الفُرْسِ: أَنَّهُم يَعْنُونَ بالرُّسْتاقِ: كلَّ موضِعٍ فيه مُزْدَرَعٌ وقُرًى، ولا يُقال ذلِكَ للمُدُن، كالبَصْرَةِ وبَغْدادَ، فهو عندَ الفُرْسِ بمنزِلةِ السَّوادِ عندَ أَهْلِ بَغْداد، فهو أَخَصُّ من الكُورَةِ والاسْتانِ.

  والرَّزْدَقُ: الصَّفُّ من النّاسِ، والسَّطْرُ من النَّخْلِ وهو مُعَرَّبٌ فارِسِيَّتُه رُسْتَه⁣(⁣١) نقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وأَنشَدَ لرُؤْبة:

  والعِيسُ يَحْذَرْنَ السِّياطَ المُشَّقا ... ضَوابِعاً نَرْمِي بهِنَّ الرَزْدَقَا

  وقالَ اللَّيْثُ: تَقُولُ للَّذِي يَقُولُ له الناسُ - وهو الصَّفُّ -: رَزْدَق، وهو دَخِيلٌ.

  [رزق]: الرِّزْقُ، بالكَسْرِ: ما يُنْتَفَعُ به، وقِيلَ: هو ما يَسُوقُه اللهُ إِلى الحَيَوانِ للتَّغَذِّي، أَي: ما به قِوامُ الجسِم ونَماؤُه، وعندَ المُعْتَزِلَةِ: مملوكٌ يَأْكُلُه المُسْتَحِقُّ فلا يَكُونُ حَراماً كالمُرْتَزَقِ على صِيغَةِ المَفْعُولِ، قال رُؤْبَةُ:

  وخفَّ أَنْواءُ⁣(⁣٢) الرَّبِيعِ المُرْتَزَقْ

  وقد يُسَمَّى المَطَرُ رِزْقاً، وذلِكَ قولُه تَعالى: {وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها}⁣(⁣٣) وقالَ تَعالَى: {وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ}⁣(⁣٤) قالَ مُجاهِدٌ: وهو المَطَرُ، وهذا اتِّساعٌ في اللُّغَةِ، كما يُقال: التَّمْرُ في قَعْرِ القَلِيبِ، يُعْنِي به سَقْيَ النَّخْلِ، وقال لَبِيدٌ:

  رُزِقَتْ مَرابِيعَ النُّجُومِ وَصَابَهَا ... وَدَقُ الرَّواعِدِ جَوْدُها فرِهامُها⁣(⁣٥)

  أَي: مُطِرَتْ ج: أَرْزاقٌ.

  والأَرْزاقُ نَوعانِ: ظاهِرَةٌ للأَبْدانِ، كالأقْواتِ، وباطِنَةٌ للقُلُوبِ والنُّفوسِ، كالمَعارِف والعُلُوم.

  وقالَ بَعْضُهم: الرِّزْقُ بالفَتْحِ: المَصْدَرُ الحَقِيقِيُّ وبالكَسْرِ الاسْمُ، وقد رُزِقَ الخَلْقُ رَزْقاً ورِزْقاً والمَرَّةُ الواحِدَةُ منه بهاءٍ، ج: رَزَقَاتٌ مُحَرَّكَةً، وهي أَطْماعُ الجُنْدِ، يُقال: رَزَقَ الأَمِيرُ المجُنْدَ، ويُقالُ: رُزِقَ الجُنْدُ رَزْقَةً لا غيرُ، ورُزِقُوا رَزْقَتَيْنِ، أَي: مَرَّتَيْنِ.

  ورَزَقَهُ اللهُ يَرْزُقُه: أَوْصَلَ إِليه رِزْقاً، وقال ابنُ بَرِّيّ: الرِّزْقُ: العَطاءُ، وهو مَصْدَرُ قولِكَ: رَزَقَه اللهُ، قال: وشاهِدُه قولُ عُوَيْفِ القَوافِي في عُمَرَ بنِ عبدِ العَزِيزِ:

  سُمِّيتَ بالفارُوقِ فافْرُقْ فَرْقَهْ ... وارْزُقْ عِيالَ المُسْلِمينَ رَزْقَهْ

  وفيه حَذْفُ مُضافٍ تَقْدِيرُه: سُمِّيت باسْمِ الفارُوقِ، والاسمُ هو عُمَرُ، والفارُوقُ هو المُسَمَّى.

  ورَزَقَ فُلاناً: شَكَرَهُ لغةٌ أَزْدِيَّةٌ إِلى أَزْدِ شَنُوءَةَ ومنه قولُه تَعالى: وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ⁣(⁣٦) ويُقال: فَعَلْتُ ذلك لَمّا رَزَقْتَنِي، أَي: لمّا شَكَرْتَنِي، وقالَ ابنُ عَرَفَة - في مَعْنَى الآية - يَقولُ: اللهُ يَرْزُقُكُم وتَجْعَلُون مَكانَ الاعْتِرافِ بذلِك، والشُّكْرِ عليه، أَنْ تَنْسُبُوه إِلى غيرِه، فذلِكَ التَّكْذِيب، وقال الأَزْهَرِيُّ وغيرُه: مَعناه تجْعَلُون شُكْرَ رِزقكم التَّكْذِيبَ، وهُوَ كَقْولِه: {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ}⁣(⁣٧) يعنِي أَهْلَها.

  ورَجُلٌ مَرْزُوقٌ: مَجْدُودٌ أَي: مَبْخُوتٌ.

  والرّازقيُّ: الضَّعِيفُ من كُلِّ شَيْءٍ، كما في اللِّسانِ والمُحِيط.

  والعِنَبُ الرّازِقِيُّ: ضَرْبٌ من عِنَبِ الطّائِفِ أَبْيَضُ طَوِيلُ الحَبِّ، وفي التَّهْذِيب: هو المُلاحِيُّ كغُرابِيٍّ، وقد يُشَدَّدُ، كما تَقَدَّم في «ملح».

  والرّازِقِيَّةُ بهاءٍ: ثيابُ كَتّانٍ بِيضٌ.

  والرّازِقِيَّةُ: الخَمْرُ المُتَّخَذُ من هذا العِنَبِ كالرّازِقِيِّ وبهما رُوِي حديثُ الجَوْنِيَّةِ: «اكْسُها رازِقِيَّيْنِ، أَو رازقِيَّتَيْنِ» وقالَ لَبِيدٌ ¥ يَصِفُ ظُرُوفَ الخَمْر:


(١) ضبطت بالقلم في الصحاح واللسان بفتح الراء.

(٢) عن الديوان ص ١٠٥ وبالأصل «أنواع».

(٣) سورة الجاثية الآية ٥.

(٤) سورة الذاريات الآية ٢٢.

(٥) ديوانه ط بيروت ١٦٤ وبهامشه: ويروى: مرابيع السحاب.

(٦) سورة الواقعة الآية ٨٢.

(٧) سورة يوسف الآية ٨٢.