تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الصاد المهملة

صفحة 137 - الجزء 2

  ولو دَرَى لَكَفَاه ... مما يَروم صُبَابَهُ

  وفي لسان العرب: فأَمّا ما أَنْشده ابن الأَعْرَابِيّ من قول الشاعر:

  وَلَيْلٍ هَدَيْتُ بِهِ فِتْيَةً ... سُقُوا بِصُبَابِ الكَرَى الأَغْيَدِ

  قال: قَدْ يَجُوزُ أَنَّه أَرَادَ بصُبَابَةِ الكَرَى فحذَفَ الهَاءَ أَو جَمَع صُبَابَة، فيكون من الجَمْع الذي لا يُفَارِق وَاحِدَه إِلَّا بالْهَاءِ كشَعِيرَة وشَعِير. ولَمَّا اسْتَعَارَ السَّقْي لِلْكَرَى اسْتَعَارَ الصُّبَابَةَ لَهُ أَيْضاً، وكل ذلك على المَثَل.

  ومن المَجَازِ: لم أُدْرِك من العَيْش إِلا صُبَابَةً وإِلا صُبَابَاتٍ. ويُقَالُ: قد تَصَابَّ فُلَانٌ المَعِيشَةَ بَعْدَ فُلَانٍ أَي عَاشَ. وقد تَصَابَبْتُهم أَجْمَعِين إِلَّا وَاحِداً.

  وفي لسان العرب: تَصَابَّ المَاءَ⁣(⁣١). واصْطَبَّهَا وتَصَبَّبها وتَصَابَّهَا بِمَعْنًى. قال الأَخْطَلُ ونَسَبَه الأَزْهَرِيّ للشَّمَّاخ:

  لقَوْمٌ تَصَابَبْتُ المَعِيشَةَ بَعْدَهُمْ ... أَعزُّ عَلَيْنَا من غِفَاءٍ تَغَيَّرَا⁣(⁣١)

  جعل لِلْمَعِيشَةِ صُبَاباً، وهو عَلَى المَثَل، أَي فَقْدُ مَنْ كُنتُ مَعَه أَشَدّ عليّ من ابْيِضَاضِ شَعرِي. قال الأَزهريّ: شَبَّه ما بَقِي من العَيْشِ بِبَقِيَّةِ الشَّرَاب يَتَمَزَّزُه وَيَتَصَابُّه.

  ومن أَمْثَالِ المَيْدَانِيّ: «صُبَابتي تُرْوِي وليْسَتْ غَيْلاً».

  الغَيْلُ: المَاءُ يَجْرِي عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ. يُضْربُ لمَنْ يَنْتَفع بِمَا يبذُل وَإِنْ لَم يَدْخُل في حَدِّ الكَثْرَة.

  والصَّبَبُ مُحَرَّكَةً: تَصَبُّبُ هَكَذا في النُّسَخ، وصَوَابُه «تَصَوُّبُ» كَمَا في المحْكَم ولِسَانِ العَرَب نَهْر أَو طَرِيق يَكُونَ في حَدُور «وفي صِفَةِ النَّبِيِّ ÷ أَنَّه كَانَ إِذَا مَشَى كأَنَّه يَنْحَطُّ في صَبَب»⁣(⁣٢) أَي في موضع مُنْحَدِرٍ. وقال ابْنُ عَبَّاس: أَرَادَ بِهِ أَنَّه قَوِيُّ البَدَنِ، فإِذا مَشَى فكأَنَّهُ يَمْشِي على صَدْرِ قَدَمَيْه من القُوَّة. وأَنْشَدَ:

  الوَاطِئينَ عَلَى صُدُورِ نِعَالِهِمْ ... يَمْشُونَ في الدَّفْئِيّ والأَبْرَادِ

  وفي رِوَايَة: «كأَنَّمَا يَهْوِي من صَبَب» كالصّبُوبِ «بالفَتْح والضَّمِّ». وقيل بالْفَتْح: اسْمٌ لِمَا يُصَبُّ عَلى الإِنْسَانِ من مَاءٍ وغَيْرِه كالطَّهُورِ والغَسُول، والضَّم جَمْعُ صَبَب.

  والصَّبَبُ: ما انْصَبَّ مِنَ الرَّمْل. وَمَا انْحَدَرَ من الأَرْضِ. والقومُ أَصَبُّوا أَي أَخَذُوا فِيهِ أَي الصَّبَب ج أَصْبَابٌ. قَالَ رُؤْبَةُ:

  بَلْ بَلَد ذِي صُعُدٍ وأَصْبَابْ⁣(⁣٣)

  والصَّبوب: ما انْصببْت فيه. والجمع صُبُبٌ وصَبَبٌ.

  وقال أَبو زيد: سمعت العرب تقول للحَدور الصَّبوب.

  وجمعها صُبُبٌ. وهي الصَّبِيبُ وجَمْعُه أَصْبَابٌ. وقَوْلُ عَلْقَمَة بْنِ عَبَدَة:

  فأَوْرَدْتُهَا⁣(⁣٤) مَاءٌ كَأَنَّ جِمَامَه ... من الأَجْنِ حِنَّاءٌ مَعاً وصَبِيبُ

  قيل: هي عُصَارَة وَرَقُ الحِنَّاء والعُصْفِر. وقيل: هو العُصْفُر المخلَص. وأَنشَدَ:

  يَبْكُونَ مِنْ بَعْدِ الدُّمُوعِ الغُزَّرِ ... دَماً سِجَالاً كَصَبِيبِ العُصْفُرِ

  وعن أَبي عمرو: الصَّبِيبُ: الجَلِيد وأَنْشَد في صِفَة السَّماءِ⁣(⁣٥).

  ولا كَلْبَ إلَّا وَالِجٌ أَنْفَه اسْتَه ... ولَيْسَ بِهَا إلا صَباً وصَبِيبُها

  وقيل: هو الدَّمُ. وهو أَيْضاً العَرَقُ. وأَنْشَدَ:

  هَوَاجِرٌ تَجْتَلِب الصَّبِيبَا⁣(⁣٦)

  وشَجَرٌ كالسَّذَابِ يُخْتَضَبُ بِهِ والصَّبِيبُ: السَّنَاءُ الذي يُخْضَبُ بِهِ اللِّحَى كالحِنَّاءِ. ويوجد في النُّسَخ هُنَا «السِّنَاءِ»


(١) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله غفاء لعل الصواب عفاء بالعين المهملة وهو الشعر الطويل كما في القاموس» ومثله في اللسان والأساس والمقاييس.

(٢) في غريب الهروي: كأنه يمشي في صبب.

(٣) بل بمعنى ربّ قاله أبو عبيد.

(٤) الصحاح: فأوردها.

(٥) في اللسان: الشتاء.

(٦) بهامش المطبوعة المصرية: قوله تجتلب الذي في التكملة تحتلب بالحاء.