تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[عنق]:

صفحة 359 - الجزء 13

  حَتَّى رُمِيتُ بِمَزاقٍ عَنْسَقِ ... تَأْكُلُ نِصفَ المُدّ لَمْ يُلَبَّقِ

  المِزاقُ: التي يَكادُ يَتَمزَّق [عنها]⁣(⁣١) جلدُها من سُرْعَتِها، كما في العُباب.

  * ومما يُسْتَدْرَكُ عليه:

  [عنشق]: عَنْشَق، كجَعْفَرٍ: اسم، كما في اللِّسان.

  [عنفق]: العَنْفَقُ كجَعْفَرٍ، أَهمله الجَوْهَرِي. وقال ابنُ دُرَيْدٍ: هو خِفَّة الشَّيْءِ وقِلَّتُه، ومنه اشْتِقاق العَنْفَقَة. قال اللّيثُ: اسمٌ لِشُعَيْرات بَيْنَ الشَّفَة السُّفْلَى والذَّقَنِ.

  وقالَ غيرُه. هي ما بَيْنَ الشَّفَةِ السُّفْلَى والذَّقَن، لِخِفَّةِ شَعْرِها، وقيلَ: هي ما بَيْن الذَّقَنِ وطَرَفِ الشَّفَةِ السُّفْلَى، كان عليها شَعْرٌ أَو لم يَكُنْ.

  وقيل: هي ما نَبَتَ على الشَّفَةِ السُّفْلَى من الشَّعَر.

  وقال الأَزْهَرِيُّ: هي شَعَراتٌ من مُقدِّمةِ الشَّفَةِ السُّفْلى.

  ورجُلٌ بادِي العَنْفَقَة: إِذا عَرِي مَوْضِعُها من الشَّعَر. وفي الحَدِيثِ: «أَنَّه كانَ في عَنْفَقَتِه شَعَراتٌ بِيض» والجَمْعُ عَنافِقُ، قال:

  أَعْرِفُ مِنْكم جُدُلَ العَواتِق ... وشَعَر الأَقْفاءِ والعَنافِق

  [عنق]: العُنْقُ، بالضَّمِّ، وقالَ سِيبَوَيْهٌ: هو مُخَفَّفٌ من العُنُقِ بضَمَّتَيْن.

  وقولُه: كأَمِير وصُرَدٍ لم يَذكُرهما أَحدٌ من أَئِمَّة اللُّغَةِ فيما رَأَيتُ، غير أَنِّي وَجَدْتُ في العُبابِ قال - في أَثناءِ التركيبِ -: والعَنيقُ: العَنَق، فظَنَّ المُصنّفُ أَنه العُنُق بضَمَّتَين، وليس كذلِكَ، بل هو العَنَق، محركةً، بمعنى السَّيْرِ، ولكنّ المُصَنِّفَ ثِقَةٌ فيما يَنقلُه، فيَنْبَغِي أَن يكونَ ما يأْتِي به مَقْبولاً: الجِيدُ، وهو وُصْلَةُ ما بينَ الرأْسِ والجَسَدِ، وقد فَرّقَ بينَ الجِيدِ والعُنُق بما هو مَذْكُور في شَرْح الشّفاءِ للخَفاجِيّ فراجعُه، يُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ. قال ابنُ بَرِّيّ: ولكن قولهم: عُنُقٌ هَنْعاءُ، وعُنُقٌ سَطْعاءُ يشهدُ بتَأْنِيث العُنُق.

  والتَّذكِيرُ أَغْلَبُ، قاله الفَرّاءُ وغيرُه. وقالَ بَعضُهم: من خَفَّفَ ذَكَّر ومن ثَقَّل أَنَّث. وقالَ سِيبَوَيْهٌ: ج أَي: جَمْعُها أَعْناق لم يُجاوِزُوا هذا البناءَ.

  ومن المَجَاز: العُنُق: الجَمَاعة الكَثِيرة، أَو المُتَقَدِّمَةُ من النَّاس مُذَكَّر. وقيل: هم الرُّؤَساءُ مِنْهُم والكُبَراءُ والأَشْرافُ. وبهما فُسِّر قولُه تعالَى: {فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ}⁣(⁣٢) أي: فتَظَلُّ أَشْرافُهم أَو جَماعاتُهم. والجَزاءُ يَقَع فيه الماضِي في مَعْنَى المُسْتَقْبَلِ، كما في العُبابِ، وقيل: أَرادَ بالأَعْناقِ هُنا: الرِّقابَ، كقولك: ذَلَّتْ له رِقابُ القَوْمِ وأَعناقُهم.

  ويُقالُ: جاءَ القومُ عُنُقاً عُنُقاً، أَي: طَوائِفَ. وقال الأَزهرِيُّ: أَي فِرَقاً، كُلُّ جماعةٍ منهم عُنُقٌ، وقِيلَ: رَسَلاً رَسَلاً، وقَطِيعاً قَطِيعاً. وقال الأَخْطَلُ:

  وإِذا المِئُونَ تَواكَلتْ أَعْناقُها ... فاحْمِلْ هُناكَ عَلى فَتىً حَمَّالِ

  قالَ ابنُ الأَعرابيّ: أَعناقُها: جَماعاتُها. وقال غَيرُه: سَاداتُها. وفي الحَدِيث: «لا يَزالُ النَّاسُ مُخْتَلِفةً أَعناقُهم في طَلَبِ الدُّنْيا» أَي: جَماعات مِنْهم، وقِيلَ: أَرادَ بهم الرُّؤساءَ والكُبَراءَ، كما تقدّم.

  والعُنُق من الكَرِشِ: أَسْفَلُها. قال أَبو حَاتِم: هو والقِبَةُ شَيءٌ واحد.

  والعُنُق من الخُبْزِ القِطْعَةُ منه كذا في النُّسخِ، والصَّوابُ «من الخَيْرِ» كما هو نَصُّ ابنِ الأَعْرابِيِّ. قالَ: يُقال: لفُلانٍ عُنُقٌ من الخَيْر، أَي: قِطْعةٌ قال: ومِنْه الحَدِيثُ: المُؤَذِّنُون أَطْولُ النَّاسِ أَعْناقاً يوم القيامةِ أَي: أَكْثَرُهُم أَعْمالاً. ويَشْهَدُ لذلك قَولُ مَنْ قَالَ: إِنَّ العُنُق هو القِطْعَة من العَمَل⁣(⁣٣) خَيْراً كانَ أَو شَرّاً. أَو أَرادَ أَنَّهُم يَكُونُون رُؤَساءَ يَوْمَئِذٍ لأَنَّهم أَي: الرُّؤَساء عند العَرَبِ يُوصَفُون بِطُولِ العُنُقِ، قالَهُ ابنُ الأَثِير. ولو قالَ بطُولِ الأَعْناقِ كان أَحْسَنَ. قال الشَّمَرْدَلُ بن شَرِيك اليَرْبُوعِيّ:

  يُشَبَّهُون سُيوفاً في صَرامَتِهم ... وطُولِ أَنْضِيَةِ⁣(⁣٤) الأَعْناقِ واللِّمَمِ


(١) زيادة عن التكملة، والنص فيها.

(٢) سورة الشعراء الآية ٤.

(٣) في التهذيب واللسان والتكملة: والعُنُق: القطعة من المال، والعُنُق أيضاً القطعة من العمل خيراً كان أو شراً.

(٤) عن الكامل للمبرد ١/ ٧٩ وبالأصل «أنقية» وصدره في الكامل: