تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل العين مع القاف

صفحة 364 - الجزء 13

  والتَّعَانِيقُ أَيضاً: جَمْع تُعْنُوق، بالضِّمّ للسَّهْل مِنَ الأَرْضِ، وكأَنّه من ذلك يُسَمَّى الموضع.

  والمِعْناقُ: الفَرَسُ الجَيّدُ العَنَق أَي: السَّير، وقد أَعْنَقَ إِعناقاً ج: مَعانِيق.

  وأَعْنَق الكَلْبَ، جَعَلَ في عُنُقه قِلادَةً، نقلَه الجوهريُّ.

  وأَعنَقَ الزَّرعُ: طَالَ، وطَلَع سُنْبُله، كأَنّه صارَ ذا عُنُق.

  ومن المَجازِ: أَعْنَقَتِ الثُّرَيَّا أَي: غَابَت قال:

  كأَنّي حينَ أَعْنَقَتِ الثَّرَيّا ... سُقِيتُ الرَّاحَ أَو سَمًّا مَدُوفَا

  وقيلَ: أَعْنَقَتِ النُّجومُ: إِذا تقَدَّمَتْ للمَغِيبِ.

  وأَعْنَقَتِ الرِّيحُ أَي: أَذْرَتِ التُّرابَ وهو مَجاز.

  والمُعْنِقُ، كمُحْسِنٍ: ما صَلُبَ وارْتَفَع من الأَرْض وحَوالَيْه سَهْلٌ، وهو مُنْقادٌ نحو ميل وأَقَلّ من ذلِك، والجمع مَعَانِيقُ. تَوهَّمُوا فيه مِفْعالاً لكَثْرةِ ما يَأْتِيانِ معاً، نحو: مُتْئِم ومِتْئام ومُذْكِر ومِذْكار.

  ومَرْبَأَةٌ مُعْنِقَةٌ: مُرتَفِعة طَوِيلَةُ. قال أَبو كَبِيرٍ الهُذَلِيّ يصِفُها:

  عَنْقاءَ مُعْنِقَةٍ يكونُ أَنِيسُها ... وُرْقَ الحَمامِ جَمِيعُها لم يُؤْكَلِ⁣(⁣١)

  وعَنَّقَ عليه تَعْنِيقاً: مَشَى وأَشْرَفَ.

  وعَنَّقَت كوافِيرُ النِّخْلِ جمع كَافُور: طَالَت ولم تفلق.

  وعَنَّقَت استُه: خَرَجَت.

  وعَنَّقتِ البُسْرَةُ: بَقِيَ منها حَوْلَ القِمَعِ مِثْلُ الخاتَمِ، وذلِكَ إِذا بَلَغَ التَّرْطِيبُ قَرِيباً من قِمَعِها.

  وعَنَّق فُلاناً أَي: خَيَّبَه، من العَناقِ بمَعْنَى الخَيْبَةِ.

  والمُعَنِّقَةُ، كمُحَدِّثة: دُوَيْبَةٌ هكذا في النُّسَخ، والصَّوابُ بكَسْرِ الميمِ، والجَمْع مَعانِقُ، قال أَبو حَاتِم: المَعانِقُ: هي مُقَرِّضاتُ الأَساقِي، لها أَطْواقٌ في أَعْناقِها ببياضِ.

  والمُعَنِّقاتُ كمُحَدِّثات: الطِّوال من الجِبَالِ هكذا في النُّسَخِ، وصوابُه «الحِبال» بالحَاءِ المُهْمَلة.

  وقولُه لأُمِّ سَلَمَة ^ حينَ دَخَلَت شاةٌ لجارٍ لها، فأَخذَت قُرْصاً من تحت دَنٍّ لها، فقامَتْ إِليها فأَخَذَتْها من بَيْنِ لَحْييْها، فقالَ: «ما كان يَنْبَغِي لَكِ أَنْ تُعَنِّقِيها إِنه لا قَلِيل من أَذَى الجَارِ» أَي: تَأْخُذِي بِعُنُقِها وتَعْصِرِيها، أَو مَعْناه: تُخَيِّبيها، مِن عَنَّقَه إِذا خَيَّبه كما ذُكِر قريباً ورُوِي: تُعَنِّكِيها بالكافِ، والتَّعْنِيكُ: المَشَقَّة والتَّعْنِيف، كما سَيأْتِي. قال الصاغانِيُّ: ولو رُوِيَ تُعَنِّفِيها بالفَاءِ من العُنْف لكان وَجْهاً قريباً إِذا وافَقَت الرِّواية.

  وتَعانَقَا واعْتَنَقا بِمَعْنَىً واحِد.

  وقيل: عانَقَا في المَحَبَّة مُعانَقَة وعِناقاً، وقد عانَقَه إِذا الْتَزَمه فأَدْنَى عُنُقَه من عُنُقِه. وقال الجَوْهَرِيُّ: العِناقُ: المُعانَقَةُ، وقد عانَقَه: إِذا جَعَلَ يَدَيْهِ على عُنُقِه وضَمَّه إِلى نَفْسِه. واعْتَنَقا في الحَرْب ونَحْوِها وقد يَجُوز الافْتِعال في مَوْضع المُفَاعَلَة، فإِذا خَصَصْتَ بالفِعْلِ واحداً دُونَ الآخر لم تَقُل إِلَّا عانَقَه في الحَالَين.

  قال الأَزهريُّ: وقد يَجوزُ الاعْتِناق في الموَدَّة كالتَّعانُق، وكُلُّ في كُلٍّ جائز⁣(⁣٢).

  والمُعْتَنَق على صِيغَة اسم المَفْعُول: مَخْرَجُ أَعْناقِ الجِبالِ صوابُه «الحِبال» بالحاءِ⁣(⁣٣) المهملة مِنَ السَّرابِ قال رُؤْبَة يَصِفُ الآلَ والسَّرابَ:

  تَبدُو لنا أَعلامُه بَعْدَ الغَرَقْ ... في قِطَعِ الآلِ وهَبْواتِ الدُّقَقْ

  خارجةً أَعناقُها من مُعْتَنَقْ ... تَنَشَّطَتْه كُلُّ مِغْلاةِ الوهَقْ

  أَي: اعْتَنَقَت فأَخرجَت أَعْناقَها.

  والتَّركِيبُ يدُلُّ على امْتِدادٍ في شَيْءٍ إِمّا في ارْتِفاع، وإِمَّا في انْسِياحٍ.

  * ومما يُسْتَدْرَكُ عليه:


(١) ديوان الهذليين ٢/ ٩٧ برواية: «عيطاء معنقة» وفيه: «العيطاء الطويلة العنق» والمعنقة: الطويلة.

(٢) قيل المعانقة في المودة، والاعتناق في الحرب، أو أكثر ما يستعمل في الحرب وشاهده قول زهير:

يطعنهم ما ارتموا حتى إذا اطّعنوا ... ضارب حتى إذا ما ضاربوا اعتنقا

(٣) والذي في التهذيب: أعناق الجبال بالجيم. وفي اللسان: وعنق الجبل: ما أشرف منه.