تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[فلق]:

صفحة 406 - الجزء 13

  والفِلْقُ، بالكَسْر: الدَّاهِيَة. يُقالُ: جاءَ بالفِلْق عن اللِّحْيانِيِّ، وقال سُوَيْدُ بن كُراع العُكْلِيُّ، وكُراعُ أُمُّه:

  إِذا عَرَضَتْ داوِيَّةٌ⁣(⁣١) مُدْلَهِمَّةٌ ... وصَوَّتَ حادِينَا فَعَلْنَ بنا فِلْقَا

  هكذا رواه الصاغانِيُّ، وأَنْشَدَه ابنُ السِّكِّيتِ، فقال:

  إِذا عَرَضَت داوِيَّة⁣(⁣١) مُدْلَهِمَّة ... وغَرَّدَ حَادِيها فَرَيْنَ بها فِلْقَا

  قال ابنُ الأَنْباريِّ: أَراد عملن بها سَيْراً عَجَباً. والفِلْقُ: العَجَبُ، أَي: عَمِلن بها داهِيَةً من شِدَّة سَيْرِها. والفَرْي: العَمَلُ الجَيِّدُ الصّحيحُ. والإِفْراءُ: الإِفْسادُ. وغَرَّدَ: طَرَّبَ في حُدائِه، وعَرَّد⁣(⁣٢): جَبُن عن السيرِ. قالَ القَالِي: رِوايةُ ابنِ دُرَيْد غَرَّد بغين معجمةٍ، ورواية ابن الأَعْرابي: عَرَّدَ بعَيْن مهملة، وأَنكرَ ابنُ دُرَيدٍ هذه الروايةَ كالفِلْقَةِ بزيادةِ الهاءِ.

  والفَلِيق، والفَلِيقَة كأَمِير وسَفِينَة والمَفْلَقَة كمَحْمَدَة عن ابنِ دُرَيْدٍ، والفَلْقَى كسَكْرىَ، وضَبَطه بَعضٌ بالتَّحْرِيك، وبهما يُرْوى قَولُ أَبِي حَيَّةَ النُّمَيْرِيِّ:

  وقالَتْ إِنَّها الفَلَقَى فأَطْلِقْ ... على النَّقَدِ الّذي مَعَك الصِرارَا

  ويَقُولون: يا لَلْفَلِيقة، يَعْنُونَ الدَّاهِيَةَ.

  والفِلْق: ة باليَمامَةِ والفِلْق: الأَمْرُ العَجَبُ. وبه فُسِّرَ أَيضاً قَولُ سُوَيْد السابقُ.

  والفِلْق: قوس تُتَّخَذ من نِصْفِ عُود، وذلك أَن تُشَقَّ من العُودِ فِلْقة مع أُخْرى، فكُلُّ واحدةٍ من القَوْسَين فِلْق.

  وقَوْس فِلْقٌ، وُصِف بذلك، عن اللِّحْيانِيِّ.

  وفي الصِّحاح: الفِلْق: القَضِيبُ يُشَقُّ باثْنَيْن فيُعمَلُ منه قَوْسان. فكُلُّ شِقٍّ فِلْقٌ. وقالَ أَبو حَنِيفَة: من القِسيِّ الفِلْقُ، وهي التي شُقَّت خَشَبَتُها شِقَّتَيْنِ، أَو ثلاثاً، ثم عُمِلَتْ.

  والفِلْقَةُ بهاءٍ: الكِسْرَةُ من الجَفْنة، أَو من الخُبْزِ. ويُقالُ: الفِلْقَةُ من الجَفْنَة: نِصْفُها. يُقال: أَعْطِني فِلْقَةَ الجَفْنةِ، وقِيلَ: أَحدُ شِقَّيْها إِذا انْفَلَقَت.

  والفَلَقُ، مُحَرَّكةً: الصُّبْحُ بعَيْنِه. وأَنشدَ الجوهريُّ لِذِي الرُّمَّة يَصِفُ الثَّورَ الوَحْشِيَّ:

  حَتَّى إِذا ما انْجَلَى عن وَجْهه فَلَقٌ ... هَادِيه فِي أُخْرَياتِ اللَّيْلِ مُنْتَصِبُ

  قال ابنُ بَرِّيّ: والرِّوايةُ الصحِيحةُ:

  حَتَّى إِذا ما جَلَا عن وَجْهه شَفَقٌ

  وبه فُسِّر أَيضاً قولُه تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}⁣(⁣٣) قالَ الفَرَّاءُ: أَو هو ما انْفَلَقَ من عَمُودِه يُقال: هو أَبْيَنُ من فَلَقِ الصُّبْحِ ومن فَرَقِه، وهو الضِّياءُ المُمتَدُّ كالعَمُودِ. وقالَ الزجّاجُ: الفَلَقُ: بيانُ الصُّبْحِ، وفي الحَديثِ: «أَنَّه كانَ يَرَى الرُّؤْيا فتَأْتِي مثلَ فَلَقِ الصُّبحِ» وهو ضَوؤُه وإِنارَتُه، أَي: مُبِينَةً مثل مَجِيءِ الصُّبحِ. وقالَ رُؤبةُ يَصِفُ صائِداً:

  وَسْوَسَ يَدَعْوُ مُخلِصاً رَبَّ الفَلَقْ ... سِرّاً وقد أَوَّنَ تَأوِينَ العُقُقْ

  أَو الفَلَق: الفَجْر وكُلُّه راجِعٌ إِلى مَعْنَى الشَّقِّ.

  ويُقالُ: الفَلَقُ: الخَلْق كُلُّه نَقَله الزَّجاجُ.

  والفَلَق: جَهَنَّمُ، أَو جُبٌّ فِيها، قالَه السُّدِّيُّ، نعوذُ بالله منها.

  وقالَ الأَصمعيُّ: الفَلَق: المُطْمَئِنُّ من الأَرْضِ بينَ رَبْوَتَيْنِ⁣(⁣٤) وأَنْشَدَ لأَوْس بنِ حَجَرٍ:

  وبالأُدْمِ تُحْدَى عَلَيْها الرِّحا ... لُ وبالشَّوْلِ في الفَلَقِ العَاشِبِ⁣(⁣٥)

  ج: فُلقانٌ، بالضَّمِّ مثل: خَلَق وخُلْقان، وحَمَل وحُمْلان، ويُجمع أَيضاً على أَفْلاقٍ، ومنه حديث الدَّجّال: «فأَشرَفَ⁣(⁣٦) على فَلَقٍ من أَفْلاقِ الحَرَّة» كالفالِقِ والفَالِقَةِ.

  وقال أَبو حَنِيفةَ: قال أَبو خَيْرَةَ، أَو غَيرُه من الأَعرابِ: الفالِقَةُ بالهاءِ، تكون وَسْطَ الجِبال تُنبِتُ الشَّجَر، وتُنْزَلُ،


(١) عن التهذيب واللسان وبالأصل «دواية» والرواية الثانية موجودة فيهما.

(٢) عن اللسان وبالأصل وغرد.

(٣) الآية الأولى من سورة الفلق.

(٤) الأصل واللسان وفي التهذيب: بين المرتفعين.

(٥) ديوانه ط بيروت ص ١٢ ولم ينسبه في التهذيب واللسان.

(٦) الأصل والنهاية وفي اللسان: فأشرق.