تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[فوق]:

صفحة 411 - الجزء 13

  وهم قُرَيشٌ، وغَطَفانُ، وبَنُو قُرَيظَةَ. وكانت قُرَيْظةُ قد جاءَتْهُم من فَوْقِهم، وجاءَتْ قُرَيْشٌ وغَطَفانُ من ناحِيَةِ مَكَّة من أَسْفَل منهم.

  وقَولُه تَعالَى: {إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما} بَعُوضَةً فَما فَوْقَها⁣(⁣١). قال أَبو عُبَيْدةٌ أَي: في الصِّغَر أَي: فما دُونَها، كما تَقُولُ: إِذا قِيلَ لك فُلانٌ صَغِيرٌ، تقول: وفَوْقَ ذلِك، أَي: أَصْغَرُ من ذلك، وقِيلَ في الكِبَر أَي: أَعظَم منها يَعْنِي الذُّبابَ والعَنْكَبُوتَ، وهو قَوْلُ الفَرّاءِ، كما في الصِّحاح.

  وفَاقَ أَصحابَه يَفوقُهم فَوْقاً، وفَواقاً أَي: عَلاهُم بالشَّرَفِ وغَلَبَهم وفَضَلهم، وفي الحَدِيثِ: «حُبِّبَ إِليّ الجَمالُ، حتَّى ما أُحِبُّ أَنْ يَفُوقَنِي أَحَدٌ بشِراكِ نَعْلٍ» يُقال: فُقْتُ فُلاناً، أَي: صِرْتُ خَيْراً منه وأَعْلَى وأَشْرَف، كأَنَّك صِرتَ فوقَهُ في المَرْتَبةِ، ومنهُ حَدِيثُ حُنَيْن:

  فما كانَ حِصْنٌ ولا حابِسٌ ... يَفُوقانِ مِرْداسَ في مَجْمَعِ⁣(⁣٢)

  وفَاقَ الرجلُ يَفُوق فُواقاً، بالضمِّ: إِذا شَخَصَت الرِّيحُ من صَدْرِه.

  وفَاقَ بِنَفْسِه يَفُوق فُؤُوقاً، وفُوَاقاً بضَمِّهِما: إِذا كانَتْ نَفسُه على الخُرُوجِ مثلُ: يَرِيقُ بنفسِه.

  أَو فاقَ بنَفْسِه: مَاتَ.

  أَو فاقَ بِنَفْسِه: جَادَ بِهَا.

  وقالَ ابنُ الأَعرابيّ: الفَوْق: نَفْسُ المَوْت.

  وفاقَتِ النَّاقَةُ تَفُوقُ فَواقاً: اجْتَمَعَت الفِيقَةُ في ضَرْعِها.

  وفِيقَتُها، بالكَسْرِ: دِرَّتُها، كما سيأْتي.

  والفائِقُ: الخِيارُ من كُلِّ شَيْءٍ والجَيِّدُ الخالِصُ في نَوْعه.

  والفائِقُ: مَوْصِلُ العُنُقِ والرَّأْسِ. وفي العُبابِ: في الرَّأْسِ، فإِذا طالَ الفائِقُ طالَ العُنُقُ، ومِثلُه في اللّسان.

  وقالَ ابنُ الأَعرابيِّ: الفَوَقَة مُحَرَّكةً: الأُدَباءُ الخُطَباءُ. وقال اللَّيثُ: الفاقُ: الجَفْنَةُ المَمْلُوءَةُ طَعاماً، وأَنْشَدَ:

  تَرَى الأَضْيافَ يَنْتَجِعُون فاقِي

  كذا في التَّهْذِيبِ.

  والفَاقُ: الزَّيتُ المَطْبوخُ. قالَ الشّمَّاخُ يصِف شَعَرَ امْرأَة:

  قامَتْ تُرِيكَ أَثِيثَ النَّبْتِ مُنْسَدِلاً ... مِثلَ الأَساوِدِ قَدْ مُسِّحْنَ بالفَاقِ

  وقِيلَ: أَرادَ الأَنفاق، وهو الغَضُّ من الزَّيت⁣(⁣٣).

  ورواه أَبو عَمْروٍ: «قد شُدِّخْن بالفاقِ». وقالَ: الفاقُ هو الصَّحْراءُ. وقالَ مَرّة: هي أَرْضٌ واسِعَة.

  وقولُه: الفاقُ: الطَّوِيلُ المُضْطَربُ الخَلْقِ، كالفُوقِ والفُوقَة بضَمِّهِما. والفِيقِ بالكَسْر. والفُواقِ والفُياقِ، بضَمِّهِما إِلى هُنا الصّواب فيه بقافَيْن، كما سيأْتِي له أَيضاً هُناك، ولم يَذكُر أَحدٌ من أَئِمَّة اللُّغَةِ هذه الأَلفاظَ بهذا المَعْنَى. وكذا قَوْلُه: الفاقُ: طائِرٌ مَائِيٌّ طَوِيلُ العُنُق فإِنه أَيضاً بقافَيْن على الصَّحِيح، كما سيَأْتِي له أَيضاً، وقد تَصحَّفَ على المُصنِّفِ في هذه الأَلْفاظِ فلْيُتَنَبَّه لذلِكَ.

  والفاقَةُ: الفَقْرُ والحَاجَةُ ولا فِعْلَ لها.

  ورَوى الزَّجّاجِيُّ في أَمالِيه بسَنَدِه عن أَبي عُبَيْدة قال: خَرَجَ سامةُ بنُ لُؤيِّ بنِ غالِبٍ من مَكَّة، حتى نَزَلَ بعُمانَ وأَنشأَ يَقُولُ:

  بَلِّغا عامِراً وكَعْباً رَسُولاً: ... إِنَّ نَفْسِي إِليهِما مُشتاقَهْ

  إِن تَكُنْ في عُمانَ دارِي فإِنِّي ... غالِبِيٌّ خرَجْتُ من غَيْرِ فَاقَهْ

  ويُرْوَى:

  ماجِدٌ ما خَرَجْتُ من غير فاقَهْ

  ثُمَّ خَرَج يَسِيرُ حتَّى نَزَل على رَجُل من الأَزْدِ، فَقَراهُ وباتَ عندَه، فلما أَصْبَح قَعَدَ يَسْتَنُّ، فنظَرَت إِليه زَوْجَةُ الأَزْدِيّ، فأَعجَبَها، فلمّا رَمَى سِواكَه أَخَذَتْها فمَصَّتْها، فنَظَر إِليها زَوجُها فحَلَبَ ناقَةً، وجَعل في حِلابها سُمّاً، وقَدَّمه


(١) سورة البقرة الآية ٢٦.

(٢) البيت للعباس بن مرداس، انظر سيرة ابن هشام ٤/ ١٣٦ - ١٣٧.

(٣) ونقل الأزهري عن أبي عبيدة قوله: الفاق: البان في قوله الشماخ.