تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الصاد المهملة

صفحة 150 - الجزء 2

  وفي المِصْبَاحِ: اصْطَلَب الرجلُ إِذَا جَمَعَ العِظَامَ واسْتَخْرَجَ صَلِيبَها. وهو الوَدَكُ ليَأْتَدِمَ بِهِ.

  وعن شَمِر، يقال: صَلَبَه الحَرُّ أَي أَحْرَقَه يَصْلِبه بالكَسْر ويَصْلُبُه بالضَّم صَلْباً. وصَلَبَتْه الشمسُ، فهو مَصْلُوبٌ: مُحْرَقٌ. قال أَبُو ذُؤيْب:

  مُسْتَوْقِدٌ في حَصَاهُ⁣(⁣١) الشّمسُ تصْلبُهُ ... كأَنَّه عَجَمٌ بالبِيدِ مَرْضُوخُ

  وصَلَب الدَّلْوَ وصَلَّبَها إِذا جَعَلَ عَلَيْها وفي نُسْخَة لَهَا والأُولَى الصَّوَاب صَلِيبَيْن وهما الخَشَبَتَانِ اللَّتَانِ تُعَرَّضَانِ عَلَى الدَّلْوِ كالعَرْقُوَتَيْنِ، كذا في لِسَانِ الْعَرَب.

  والصَّلِيبُ: الوَدَكُ، وفي الصَّحَاحِ وَدَكُ العِظَام. قال أَبُو خِرَاشٍ الهُذَلِيّ يذكُرُ عُقَاباً شَبَّه فَرَسَهُ بها.

  جَرِيمَةَ نَاهِضٍ في رأْسِ نِيقٍ ... تَرَى لِعِظَامِ مَا جَمَعَتْ صَلِيبَا

  أَي وَدَكاً.

  وفي حَدِيثِ [عَليّ]⁣(⁣٢) «أَنَّه اسْتُفْتِيَ في اسْتِعْمَالِ صَلِيبِ المَوْتَى في الدِّلَاءِ والسُّفُن فأَبَى عَلَيْهم».

  وبه سُمِّيَ المَصْلُوبُ لِمَا يَسِيلُ مِنْ وَدَكِه.

  والصَّلْبُ هَذِه القِتْلَة المَعْرُوفَةُ مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِك لأَنَّ وَدَكَه وصَديدَه يَسِيلُ. كالصَّلَبِ مُحَرَّكَة والمَصْلُوب ج صُلُبٌ ككُتب. ومِنْهُ الحَدِيثُ أَنَّه لَمَّا قَدِم مَكَّة زِيدَتْ شَرَفاً أتَاهُ أَصْحَابُ الصُّلْب قيلَ: أَي الذين يَجْمَعُونَ العِظَامَ إِذا لُحِبَ عَنْهَا لُحْمَانُها⁣(⁣٣) فيَطْبُخُونَهَا بِالْمَاءِ، ويَسْتَخْرِجون وَدَكها ويأْتَدِمُونَ بِه.

  والصَّلِيبُ: العَلَمُ بفَتْح العَيْن واللَّامِ. قال النَّابِغَةُ:

  ظَلَّت أَقاطِيع أَنْعَامٍ مُؤَبّلَةٍ ... لَدَى صَلِيبٍ على الزَّوْرَاءِ مَنْصُوبِ

  والزَّوْرَاءُ: المَفَازَةُ المَائِلَةُ عن القَصْدِ والسَّمْتِ. وقال الأَصْمَعيّ: الزَّوْرَاءُ هي الرُّصَافَة، رُصَافَةُ هِشَام، وكانت للنُعمان وَكَان والِيهَا. وقِيلَ: سَمَّى النَّابغةُ العَلَم صَلِيباً لأَنَّه كَان عَلَيْه صَلِيب، لأَنَّه كَانَ نَصْرَانِيَّا⁣(⁣٤).

  والصَّلِيبُ: الأَنْجُمُ الأَرْبَعَةُ خَلْفَ* النَّسْرِ الطَّائِرِ. وقَوْلُ الجَوْهَرِيّ خَلْفَ الوَاقِع سَهْو كَذَا وجد بخَطِّ الشَّيْخ ابْنِ الصَّلَاح المُحَدِّث في هَامِشِ بَعْضِ النُّسَخِ. قَالَ: وهَذَا مما وَهِمَ فِيهِ الجَوْهَرِيّ؛ كذا في لِسَان الْعَرَبِ.

  والصَّلِيبُ: الَّذِي للنَّصَارَى جَمْعُه صُلْبَانٌ. وقَال اللَّيْثُ: الصَّلِيبُ: ما يَتَّخِذُه النَّصَارَى قِبْلَةً، جمعه صُلُبٌ. قال جرير:

  لقد وَلَدَ الأُخَيْطلَ أُمُّ سَوْءٍ ... على بَاب اسْتِها صُلُبٌ وشَامُ

  والرُّهْبَانُ قْدَ صَلَّبُوا: اتَّخَذُوا في بِيعَتِهِم صَلِيباً.

  وفي المِصْبَاح: ثَوْبٌ مُصْلَّبٌ أَيْ فِيه⁣(⁣٥) نَقْشٌ كالصَّليبِ.

  وفي حَدِيثِ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ إِذَا رأَى التَّصْلِيبَ في ثَوْبٍ قَضَبه» أَي قَطَع مَوْضِعَ التَّصْلِيب مِنْه. وفي الحديثِ: «نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ في الثَّوْبِ المُصْلَّب».

  وَهُو الَّذِي فِيهِ نقْشٌ أَمْثَالُ الصُّلْبَان. وفي حَدِيثِ عَائِشَةَ أَيْضاً: «فنَاوَلْتُهَا عِطَافاً فرَأَتْ فِيهِ تَصلِيباً، فقالت: نَحِّيه عَنِّي» وفي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَة «أَنَّهَا كَانَتْ تَكْرَهُ الثِّيَابَ المُصَلَّبَة» وفي حَدِيثِ جَرِيرُ: «رأَيْتُ عَلَى الحَسَنِ ثَوْباً مُصَلَّبا».

  وكُلُّ ذلِك في التَّهْذِيبِ.

  والصَّلِيبُ: سِمَةٌ للإِبِل. وفي المُحكَم ضَرْبٌ مِنْ سِمَاتِ الإِبِل. قَال أَبُو عَلِيٍّ في التَّذْكِرَةَ: الصَّلِيبُ قد يَكُونُ كَبِيراً وصَغِيراً وَيَكُونُ في الخَدَّيْن والعُنُقِ والفَخِذَين. وقِيلَ: الصَّلِيبُ: مِيسَمُ في الصُّدْغِ، وقِيلَ في العُنُقِ، خَطَّان أَحَدُهُما عَلَى الآخر.

  وبَعِيرٌ مُصَلَّبٌ ومَصْلُوبٌ: سِمَتُه الصَّلِيبُ. ونَاقَةٌ مَصْلُوبَةٌ كذلك. أَنْشَدَ ثَعْلَبٌ:

  سَيَكْفِي عَقِيلاً رِجْلُ ظَبْيٍ وعُلْبَةٌ ... تَمَطَّتْ بِهِ مَصْلُوبَةٌ لم تُحَارِدِ

  وإِبِل مُصَلَّبَةٌ.


(١) «حصاه» عن اللسان وبالأصل «حصاة».

(٢) زيادة عن اللسان.

(٣) في النهاية: «إذا أخذت عنها لحومها».

(٤) في معجم البلدان عن ابن السكيت: وكان عليها صليب لأنه كان نصرانياً (يريد: النعمان، والضمير في عليها يعود إلى الزوراء).

(٦) (*) عن القاموس: التي خَلْفَ.

(٥) المصباح: عليه.