تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[وسق]:

صفحة 483 - الجزء 13

  أَي: لم تَحْمِلْه. يقولُ: ليس في يَدِي شَيْءٌ من ذلِك، كما أَنّه ليس في يَدِ القَابِضِ على الماءِ شَيْءٌ.

  ووَسَقه يَسِقه وَسْقاً: طَرَده. ومنه سُمِّيَت الوَسِيقَة وهي مِنَ الإِبِلِ والحَمِيرِ كالرُّفْقَةِ من النَّاسِ، وقد وَسَقَها وَسْقاً فإِذا سُرِقَت طُرِدَت مَعاً.

  قال الأَسودُ بنُ يَعْفُر:

  كَذَبْتُ عليكَ لا تزال تَقُوفُنِي ... كما قافَ آثارَ الوَسِيقةِ قائِفُ

  هو إِغراءٌ، أَي: عَلَيك بي.

  وقالَ الأَزهري: الوَسِيقَة: القَطِيعُ من الإِبل يَطرُدها الشَّلَّال، وسُمِّيت وَسِيقَة؛ لأَنَّ طارِدَها يَجْمَعُها ولا يَدَعُها تَنْتَشِر عليه، فيلحَقُها الطَّلَبُ فيردّها. وهذا كَما قِيل للسّائق: قابِضٌ؛ لأَنَّ السائِقَ إِذا ساقَ قَطِيعاً من الإِبل قَبَضَها أَي: جَمَعَها⁣(⁣١)؛ لئلا يتعذَّرَ عليه سَوقُها، ولأَنّها إِذا انتَشَرت عليه لم تتتابع، ولم تَطَّرِد على صَوْبٍ واحدٍ.

  والعَرَبُ تَقُول: فلانٌ يَسُوقُ الوَسِيقَة ويَنْسُل الوَدِيقة، ويَحْمي الحَقِيقةَ. وقد مرَّ شاهِدُه من قَوْلِ الهُذَلِيِّ⁣(⁣٢) في «وَدَق» قريباً.

  ووَسَقَتِ النَّاقَةُ وغَيرُها وَسْقاً ووُسوقاً⁣(⁣٣): حَمَلَتْ وأَغْلَقَتْ على المَاءِ رَحِمَها، فهِيَ ناقَةٌ وَاسِقٌ من نُوق وِساقٍ بالكَسْر، مثل نَائِم ونِيام، وصَاحِب وصِحاب. قال بِشْرُ بنُ أَبي خازِم:

  أَلظَّ بَهِنَّ يَحْدُوهُنَّ حَتَّى ... تَبيَّنَتِ الحِيالُ من الوِسَاقِ

  ويُقال أَيضاً: نُوقٌ مَواسِقُ ومَوَاسِيقُ جَمْع على غَيْر قِياسٍ، كما في الصِّحاحِ. قال ابنُ سِيدَه: وعِندِي أَنَّهما جَمعُ مِيسَاق ومَوْسِق. ومن المَجازِ قَولُهم: لا آتِيكَ ما وسَقَت العَيْنُ المَاءَ أَي: ما حَمَلَتْه.

  وفي المُحِيطِ واللِّسانِ: الوَسِيقُ كأَمِيرٍ: السَّوْقُ. ومنه قَولُ الشَّاعِر:

  قَرَّبَها ولم تَكَدْ تُقَرَّبُ ... من آل نَسْيان وَسِيقٌ أَجْدَبُ

  وفي المُحِيط: الوَسِيق: المَطَر لأَنّ السَّحاب يَسِقُهُ أَي يَطرُده.

  والوَسْقُ بالفَتْح، كما ضَبَطه غيرُ واحدٍ، وهو المَشْهُور، وفيه لُغَةٌ أُخْرى بكَسْرِ الواوِ. نَقَلَهُ ابنُ الأَثِير، وعِياضٌ وابنُ قُرْقُول، والفَيُّوميُّ، وهو مِكْيلَةٌ مَعْلومة، وهو سِتُّون صَاعاً بصَاعِ النبيِّ ، وهو خَمْسةُ أَرْطال وثُلُث. فالوَسْقُ عَلَى هذا الحِساب مائَةٌ وسِتُّون مَنّاً. وقالَ الزَّجّاجُ: كُلُّ وَسْق بالمُلَجَّم ثَلاثةُ أَقفِزة. قال: وسِتُّون صاعاً: أَربعةٌ وعِشْرون مَكُّوكاً بالمُلَجَّم، وذلِك ثلاثَةُ أَقْفِزة. وفي التَّهْذِيب: الوَسْقُ بالفَتْح: سِتُّون صَاعاً وهو ثَلثمائة وعِشْرُون رِطْلاً عند أَهلِ الحِجاز، وأَرْبَعمائة وثمانُون رِطْلاً عند أَهْلِ العِراقِ على اخْتِلافهم في مِقدار الصّاعِ والمُدِّ.

  والجَمع أَوْسُقٌ، ووُسُوق. قال أَبو ذُؤَيْبٍ:

  ما حُمِّلَ البُختِيُّ عامَ غِيارِه ... عليه الوُسُوقُ بُرُّها وشَعِيرُهَا⁣(⁣٤)

  وفي الحَدِيثِ: «لَيْس فيما دُونَ خَمْسةِ أَوْسُقٍ من التَّمرِ صَدَقَةٌ». قال عَطاء: خَمْسَةُ أَوْسُق هي ثَلثمائة صاعٍ وكذلِكَ قالَ الحَسَنُ وابنُ المُسَيّب.

  أَو الوَسْق: حِمْلُ البَعِير*، والوِقْرُ: حِمْلُ البَغْل أَو الحِمار، هذا قَولُ الخَلِيل.

  وقال غيره: الوَسْقَ: العِدْل، وقِيلَ: العِدْلانِ، وقيل: الحِمْلُ عامَّةً.

  وجمع الزَّمخشَرِي بَيْن القَوْلين فقال: الوَسْقُ: سِتُّون صاعاً، وهو حِمْلُ بَعِيرٍ، وأَنشد غيرُه:

  أَينَ الشِّظاظانِ وأَيْنَ المِرْبَعَهْ⁣(⁣٥)


(١) العبارة في التهذيب: «وهذا كما يقال للسائق قابض؛ لأن السلال وردت بالسين المهملة، هنا وفيما قبله إذا ساق قطيعاً من الإبل قبضها ثم طردها مجتمعة لئلا يتعذر ...».

(٢) يشير إلى قول أبي المثلم الهذلي يرثي صخر الغي، انظر «عتق» و «ودق».

(٣) عن اللسان وبالأصل «وسقاً ووسقاً».

(٤) ديوان الهذليين ١/ ١٥٤ وفسر الوسق بالحِمْل.

(*) في القاموس: «حِمْلُ بعير» بدل: «حمل البعير».

(٥) كذا بالأصل، ولا شاهد فيه.