تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ببك]:

صفحة 516 - الجزء 13

  أي قُلْتُ له بَارَكَ اللهُ عَلَيكَ؛ وطَعَامٌ بَريكٌ كأنَّه مُبارَكٌ فيه قالَهُ أبو مالِكٍ وقالَ الرَّاغِبُ: ولمَّا كان الخَيْرُ الإِلَهِي يَصْدِر مِنْ حَيْث لا يحبس⁣(⁣١) وعَلَى وَجْهٍ لا يُحْصَى ولا يُحْصَر قِيلَ: لكُلِّ ما يُشَاهَدُ منه زِيَادَة غَيْر مَحْسُوسَة هو مُبَارَك وفيه بَرَكَة وإلى هذه الزِّيَادةِ أُشِيْر بمَا رُوِيَ أنَّه لا يَنْقِص مالٌ مِنْ صَدَقَةٍ، ويُقالُ: بارَكَ اللهُ لَكَ وفيكَ وعليكَ وبارَكَكَ أي وَضَعَ فيك البَرَكَة، وفي حَدِيثِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ، ، وبارِكْ عَلَى مُحَمدٍ وعلى آلِ محمدٍ أي أَثْبِتْ لَهُ وأدِمْ له ما أَعْطَيْته من التَّشْرِيفِ والكَرَامَةِ، قالَ الأَزْهَرِيُّ: وهو مِنْ بَرَكَ البَعِيْرُ إذا أَنَاخَ في مَوْضِعٍ فلَزمَه، وقَوْله تعالى: {أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النّارِ}⁣(⁣٢)، قالَ: النَّارُ نُوْر الرَّحْمنِ، والنُّوْر هو اللهُ تَبَارَك وتعالَى {وَمَنْ حَوْلَها}⁣(⁣٢) مُوْسَى والمَلائِكَة، ورُوِي عَن ابنِ عَبَّاس مِثْل ذلِكَ. وقالَ الفَرَّاءُ: إنَّه في حَرْفِ أُبَيٍّ أَنْ بُورِكَت النارُ ومَنْ حَولِها، قالَ: والعَرَبُ تقُولُ باركَكَ اللهُ وبارَكَ فيكَ، قالَ الأَزْهَرِيُّ: ومَعْنَى بَرَكَة اللهِ عُلُوُّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ⁣(⁣٣). وقالَ أبو طالِبِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ:

  بُورِكَ المَيِّتُ الغَرِيبُ كما بُو ... رِك نَفْحُ الرُّمّانِ والزَّيْتون⁣(⁣٤)

  وفي حدِيثِ الدُّعاء: «اللهُمَّ⁣(⁣٥) بارِكْ لنا في المَوْتِ» أي فيمَا يُؤَدِّ بنا إليه المَوْت وقَوْل أبي فِرْعَون:

  رُبَّ عجوزٍ عِرْمسٍ زَبُونِ ... سَرِيعة الرَّدِّ على المِسْكِينِ⁣(⁣٦)

  تحسَبُ أنَّ بُورِكَا يكْفِيني ... إذا غَدَوتُ باسطاً يَمِيني

  جَعَلَ بُورِكاً اسْماً وأَعْرَبه. وقَوْلَه تعالَى: {فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ}⁣(⁣٧) يَعْنِي لَيْلَة القَدْرِ لِمَا فِيها مِنْ فيوضِ الخَيْرَاتِ؛ وتَبارَكَ اللهُ أي تَقَدَّسَ وتَنَزَّهَ وتَعالَى وتعاظَمَ صِفَةٌ خاصَّةٌ باللهِ تعالى لا تكونُ لغَيْرهِ؛ وسُئِلَ أبو العَبَّاسِ عَنْ تَفْسِير {تَبارَكَ اللهُ} فقالَ: ارْتَفَعَ؛ وقالَ الزَّجَّاجُ: تَبارَكَ تفاعَلَ مِنَ البَرَكَةِ، كذلِكَ يقُولُ أَهْلُ اللغَةِ، وقالَ ابنُ الأَنْبَارِي: {تَبارَكَ اللهُ} أي يُتَبَرَّكُ باسْمِه في كلِّ أَمْرٍ؛ وقالَ الليْثُ في تَفْسِير {تَبارَكَ اللهُ} تَمْجِيْد وتعظِيْمٌ. وقالَ الجَوْهَرِيُّ: {تَبارَكَ اللهُ} أي بارَكَ مِثْل قاتَلَ وتَقَاتَلَ إلَّا أنَّ فاعَلَ يَتَعَدَّى وتفاعَلَ لا يَتَعَدَّى؛ وتبارَكَ بالشيءِ أي تَفَاءَلَ به عَنِ اللَّيْثِ؛ وبَرَكَ البَعيرُ يَبْركُ بُروكاً بالضمِ وتَبْرَاكاً بالفَتحِ اسْتَنَاخَ كبَرَّكَ قالَ جَرِيرٌ:

  وقَدْ دَمِيَتْ مَوَاقِعُ رُكْبَتَيْهَا ... مِنَ التَّبْرَاكِ ليْسَ مِن الصَّلَاةِ⁣(⁣٨)

  وأبْرَكْتُه أنا فَبَرك هو وهو قَلِيْلٌ والأَكْثَرُ أَنَخْتُه فاسْتَنَاخَ وبَرَكَ بُروكاً ثَبَتَ وأقامَ وهو مَأْخُوذٌ مِنْ بَرَكَ البَعِيْرُ إذا أَلْقَى بَرْكَهُ بالأَرْضِ أي صَدْرَهُ، والبَرْكُ إبِلُ أهلِ الحِواءِ كُلُّها التي تَروحُ عليهم بالِغَةً⁣(⁣٩) ما بَلَغَتْ وإنْ كانَت أُلوفاً قالَ أبو ذُؤَيْبٍ:

  كأنَّ ثِقَالَ المُزِنِ بَيْن تُضارِعٍ ... وشابَةَ بَرْكٌ مِنْ جُذَامَ لَبِيْجُ⁣(⁣١٠)

  أو البَرْكُ جَمَاعَةُ الإِبِلِ البارِكَةُ أو الإِبِل الكَثِيرَةُ ومِنْه قَوْل مُتَمم بنُ نُوَيْرَةَ اليَرْبُوعيُّ رَضِيَ اللهُ تعالَى عَنْه:

  إذا شَارِفٌ منهنَّ قامَتْ فَرَجَّعَتْ ... حَنِيناً فأَبْكَى شَجْوُها البَرْكَ أَجْمَعَا⁣(⁣١١)

  وقِيلَ: البَرْكُ يُطْلَق عَلَى جَمِيْع ما بَرَكَ مِنْ جَمِيْعِ الجِمالِ والنُّوقِ عَلَى الماءِ أو الفَلاةِ مِنْ حَرِّ الشَّمْسِ أو الشَّبَعِ الواحِدُ بارِكٌ مِثْل تَجْرٍ وتاجِرٍ وهي بارِكَةٌ بهاءٍ ج بُرُوكٌ بالضَّمِ هو جَمْع بَرْكٍ، والبَرْكُ: الصَّدْرُ أي صَدْر البَعِيْرِ هذَا هو الأَصْلُ فيه كالبِرْكَةِ بالكَسْرِ وفي الصِّحَاحِ إذا أَدْخَلْتَ عَلَيه الهاءَ كَسَرْتَ وقلْتَ برْكة، قال النَّابِغَةُ الجَعْدِيُّ رَضِيَ اللهُ تعالَى عنه:


(١) في المفردات: لا يُحسّ.

(٢) الآية ٨ من سورة النمل.

(٣) الأصل واللسان وفي التهذيب: «حالٍ».

(٤) اللسان وفيه «نضح» بدل «نفح».

(٥) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: اللهم بارك، الذي في اللسان: بارك الله لنا في الموت، ولعلهما روايتان».

(٦) اللسان.

(٧) من الآية ٣ من سورة الدخان.

(٨) ديوانه ص ٨٦ والتكملة والتهذيب واللسان وصدره فيهما:

لقد قرحت نغانغ ركبتيها

(٩) على هامش القاموس عن نسخة أخرى: بالغاً.

(١٠) ديوان الهذليين ١/ ٥٥ برواية: وشامة، واللسان، وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله: لبيج، أي ضارب بنفسه كما في اللسان».

(١١) اللسان برواية: «ورجّعت» وعجزه في الصحاح.