[جلك]:
  حَبْكاً ضَرَبَه على وَسَطِه؛ وقِيلَ: هو إذا قَطَعَ اللَّحْم فَوْقَ العظمِ. وقالَ ابنُ الأَعْرَابيِّ: حَبَكَه بالسيفِ يَحْبِكُه حَبْكاً: ضَرَبَ عُنُقه، وقيلَ: ضَرَبَه به.
  واحْتَبَكَ بإزارِهِ احْتَبَى به وشَدَّه إلى يَدَيْه نَقَلَه أبُو عُبَيْد عن الأَصْمَعِيّ في تَفْسِيرِ حَدِيثِ عَائِشَة ^: أَنَّها كانَتْ تَحْتَبِك تَحْتَ دِرعِها في الصَّلاةِ أي تشدُّ الإِزَارَ وتَحْكُمُه؛ أَرَادَ أنَّها كانَتْ لا تُصَلِّي إلَّا مُؤْتَزِرَةً. وكلُّ شيءٍ أَحْكَمْتَه وأَحْسَنْتَ عَمَلَه فقَدْ احْتَبَكْتَه. وقالَ الأَزْهَرِيُّ: الذي رَوَاه أَبُو عُبَيْدة عن الأَصْمَعِي في الاحْتِبَاك أَنَّه الاحْتِباءُ غَلَط، إنما هو الاحتِيَاكُ بالياءِ. يقالُ: احْتَاك بثَوبه وتَحَوَّكَ به إذا احْتَبَى به، هكذا رَوَاه ابنُ السِّكِّيت عن الأَصْمَعِيِّ وقَدْ ذَهَبَ على أَبي عُبَيْد | ثم قالَ(١): والذي يَسْبقُ إلى وَهْمِي أَنَّ أَبَا عُبَيْدٍ كَتَبَ هذا الحَرفَ عن الأَصْمَعِي بالياءِ فزَلَّ في النقطِ وتوهَّمه باءً، قالَ: والعالم وإنْ كانَ غَايَة في الضَّبْطِ والإِتْقان فإِنَّه لا يَكادُ يَخْلو من(٢) من خَطَئِه بزلَّةٍ والله أَعْلَم.
  قالَ ابنُ مَنْظور: ولقَدْ أَنْصَفَ الأَزْهرِيُّ | فيمَا بَسَّطَه من هذه المقالَةِ فإِنَّا نجدُ كثيراً من أَنْفِسِنا ومن غيرِنا أنَّ القَلَم يَجْرِي فينقطُ ما لا يجبُ نَقْطه ويسبقُ إلى ضبْطِ ما لا يَخْتارَه كاتبُه ولكنَّه إذا قَرَأَه بعْدَ ذلِكَ أو قُرِئ عليه تيقَّظَ له وتفطَّن لمَا جَرَى به واسْتَدْرَكه واللهُ أَعْلم.
  والحُبْكَةُ بالضم الحُجْزَةُ بعينِها عن شَمِرٍ، ومنها أُخِذَ الاحْتِباكُ بالباءِ وهو شدّ الإِزَارِ. وحُكِي عن ابنِ المبَارَكِ قالَ: جعَلْت سُوَاكي في حُبْكتِي أي في حُجْزتي. وقيلَ: الحُبْكةُ أن تَرْخِي من أَثناءِ حُجْزتِك من بَيْن يَدَيْك لتَحْملَ فيه الشيءَ ما كانَ.
  وتَحَبَّكَ تحبّكاً شَدَّها أي الحُجْزة أو تَحَبَّك تَلَبَّبَ بثِيابهِ عن ابن دُرَيْدٍ(٣) قال: وتحبَّكَتِ المرأةُ بنِطاقِها أي تَنَطَّقَتْ وذلك إذا شَدَّتْهُ في وَسَطِها.
  والحُبْكةُ: أَيْضاً الحَبْلُ يُشَدُّ به على الوَسَط، وأَيْضاً القِدَّةُ التي تَضُمُّ الرَّأْسَ إلى الغَراضيفِ مِنَ القَتَبِ والرَّحْلِ كالحِباكِ ككِتابٍ ورَوَاه أَبُو عُبَيْد بالنُّونِ. قالَ ابنُ سِيْدَه: وأَرَاه منه سَهْواً ج كصُرَدٍ وكُتُبٍ فالأُولى جَمْع حُبْكة والثانية جَمْع حِبَاك.
  وحُبُكُ الرَّمْلِ بضمتينِ حُروفُهُ وأَسْنادُه، الواحِدَةُ حِباكٌ ككِتابٍ والحُبُك مِنَ الماءِ والشَّعَرِ الجَعْدُ المُتَكَسِّرُ منهما الواحِدُ حِبَاك قالَ زُهَيْرَ يصِفُ ماءً:
  مُكَلَّلٍ بعَمِيم النَّبْت تَنْسِجُه ... ريحٌ خَرِيقٌ لِضَاحي مائِه حُبُكُ(٤)
  وفي صفَةِ الدَّجالِ: رأْسُه حُبُكْ، أي شَعْر رأْسِه مُتكَسِّر من الجُعُودةِ مِثْل الماءِ السَّاكنِ أَو الرَّملِ إذا هَبَّت عليه الرِّيحُ فيتجعَّدان ويصِيْران طرَائِقَ، وفي روايةٍ أُخْرَى «مُحَبَّكُ الشَّعرِ» بمعْنَاه.
  والحُبُكُ مِنَ السَّماءِ طَرائِقُ النُّجومِ كما في الصِّحاحِ وقيلَ: أي ذات(٥) الطَّرائِقِ، والحَبيكَةُ واحِدُها وقال مجاهِدٌ: ذات البُنْيَانِ. وقالَ الأَزْهَريُّ: هي الطَّرائِقُ المُحْكمَةُ، وكلُّ ما تَرَاهُ من درج الرملِ والمَاءِ إذا صَفَقَتْه الرِّيحُ فهو حُبُكٌ واحِدَتُها حِبَاكٌ وحَبِيْكة. وقالَ الفرَّاءُ: الحُبُكُ تكسُّرُ كلِّ شيءٍ كالرَّمْلةِ إِذا مَرَّتْ عليها الرِّيحُ السَّاكنَةُ، والمَاءِ القائمِ إِذا مَرَّتْ به الرِّيحُ. وقالَ ابنُ عَبَّاس: {ذاتِ الْحُبُكِ} الخُلْق الحَسَنُ قالَ الزَّجَّاجُ: وأَهْلُ اللغَةِ يقُولُون: ذات الطّرائِقِ الحَسَنَةِ. وقالَ الرّاغبُ: {ذاتِ الْحُبُكِ} أي ذات الطَّرائِقِ. فمنهم من تصورَ منها الطّرائِقَ المَحْسُوسة بالنُّجُومِ والمَجَرَّة، ومنْهُم من اعْتَبرَ ذلِكَ بمَا فيه من الطرائِقِ المَعْقولةِ المُدْرَكةِ بالبَصِيرةِ وإلى ذلِكَ أَشَارَ بقولِه تعالَى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً}(٦) الآية انْتَهى.
  والحَبِيْكةُ: الطَّرِيقَةُ مِنْ خُصَلِ الشَّعَرِ أو البَيْضَةُ ج حَبيكٌ وحَبائِكُ وحُبُكٌ كسَفينةٍ وسَفِينٍ وسَفَائن وسُفُن.
  وفي الصِّحاحِ: الحَبِيكَةُ والحِبَاك: الطَّريقَةُ في الرَّملِ ونَحْوِه وجَمْعُ الحِبَاك حُبُكٌ وجَمْع الحَبِيْكة الحَبَائِك.
(١) يعني الأزهري كما يفهم من عبارة التهذيب ٤/ ١٠٩.
(٢) في التهذيب: يخلو من زلة.
(٣) الجمهرة ١/ ٢٢٧.
(٤) ديوانه ط بيروت ص ٥٠ واللسان والصحاح، وفي الديوان: مكلل بأصول النبت.
(٥) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وقيل أي ذات الطرائق، الأولى أن يقول: وبه فسر قوله تعالى: {وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ}[سورة الذاريات الآية ٧] وقيل أي ذات الطرائق الحسنة».
(٦) سورة آل عمران الآية ١٩١.