[حملك]:
  وحَنَكٌ: بِلا لامٍ لَقَبُ عامِرٍ بنِ عُثْمان أَبي يَحْيَى الأَصْبَهانِيِّ المُحَدِّثِ مولى نَصْر بن مالِكٍ سَمِعَ سُلَيْمان بنَ حَرْبٍ(١).
  أو الحَنَكَةُ بهاءٍ الرَّابِيَةُ المُشْرِفَةُ مِنَ القُفِّ يقالُ: أَشْرَفَ على هاتِيْك الحَنَكةِ وهي نَحْو الفَلَكَةِ في الغِلَظِ. وقالَ النّضْرُ: الحَنَكَةُ: تَلٌّ غَلِيظٌ وطولُه في السَّمَاءِ على وجْهِ الأَرْضِ مِثْل طُولِ الرَّزْن، وهُما شيءٌ واحِدٌ.
  والحُنُكُ بضَمَّتَيْنِ المرأةُ اللَّبيبَة العاقِلةُ ويُقالُ: هو حُنُكٌ وهي حُنُكٌ وقِيلَ: حُنْكةٌ إذا كانا لَبِيْبَيْن عاقِلَيْن، قالَهُ الفرَّاءُ.
  وحَنَّكَهُ تَحْنِيكاً دَلَكَ حَنَكَهُ فأدْماهُ وقالَ الأَزْهَرِيُّ: التَّحْنِيكُ أَنْ تحنِّكَ الدَّابة تَغرز عُوداً في حَنَكهِ الأَعْلَى أو طرفَ قَرْنٍ حتى تدُمْيِه لحَدَثٍ يَحْدُثُ فيه.
  والمِحْنَكُ والحِنَاكُ: كمِنْبَرٍ وكِتابٍ الخَيْطُ الذي يُحَنَّكُ به واقْتَصَرَ ابنُ دُرَيْدٍ(٢) على الأولَى.
  وحَنَكَ الفَرَسَ يَحْنُكُهُ ويَحْنِكُهُ من حَدَّي ضَرَبَ ونَصَرَ حَنْكاً جَعَلَ في فيه الرَّسَنَ من غيرِ أَنْ يشتق من الحَنَكِ رَوَاه أَبُو عُبَيْدٍ؛ قالَ ابنُ سِيْدَه: والصَّحِيحُ عنْدِي أَنَّه مُشْتَقٌ منه.
  كاحْتَنَكَهُ قالَ يونُس: ويقُولُ أَحَدُهم لم أَجِدْ لجاماً فاحْتَنَكْتُ دابَّتي أي أَلْقَيْتُ في حَنَكِها حَبْلاً وقُدْتُها وبه فسَّرَ قَوْلُه تعالى: {لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلّا قَلِيلاً}(٣) وهو حكايةٌ عن إِبْلِيس أي لأَقْتَادنّهم إلى طَاعَتِي، وهو قوْلُ ابنِ عَرَقَة، زَادَ الرَّاغِبُ: فيكون نَحْو قَوْلِك لأَلْجمنَّ فلاناً ولأرْسنَنَّه. ومن المجازِ: حَنَكَ الشيءَ حَنْكاً إذا فهمَهُ وأَحْكَمَهُ كلقَفَهُ لقْفَاً.
  وحَنَكَ الصَّبيِّ يَحْنُكَهُ حَنْكاً إذا مَضَغَ تَمْراً أو غيرَه فَدَلَكَهُ بِحَنَكِهِ كَحنَّكَهُ تَحْنِيكاً. ومنه حَدِيثُ ابن أُمِّ سليم لمَّا وَلَدَتْه وبَعَثَتْ به إلى النبيِّ، ﷺ، فمَضَغَ له تَمْراً وحَنَّكه.
  وكانَ ﷺ يُحَنِّكُ أَوْلادَ الأَنْصَارِ.
  فهو مَحْنُوكٌ ومُحَنّكٌ لُغتانِ ومن المجازِ: حَنَّكَتِ السِنُّ الرَّجُلَ إذا أَحْكَمَتْهُ التَّجارِبُ حَنْكاً بالفتحِ ويُحَرَّكَ وكذلِكَ حَنَّكَتْه الأُمُور حنكاً أي فَعَلَتْ به ما يُفْعَلُ بالفَرَسِ إذا حُنِكَ حتى عَادَ مُجَرَّباً مُذَلَّلاً فاحْتَنَكَ كَحَنّكَتْهُ تَحْنيكاً وأحْنَكَتْهُ كِلَاهُما عن الزَّجَّاجِ، واحْتَنَكَتْه أي هَذَّبته وقيلَ ذلِكَ أَوَان ثَبَات(٤) سِنِّ العَقْل فهو مُحْنَكٌ ومُحَنَّكٌ كمُكْرَمٍ ومُعَظَّمٍ ومُحْتَنَكٌ وحَنِيكٌ وحُنُكٌ بضَمَّتَيْنِ الأَخيرَةُ عن الفرَّاءِ، ومُحْتَنَك وحَنِيْك كأنَّه على حُنِّك وإِنْ.
  لم يُسْتعمل؛ والإسْمُ الحُنْكَةُ والحُنْكُ بضَمِّهِما ويُكْسَرُ الثاني عن اللَّيْثِ وهو السِّنّ والتجْرِبة والبَصَر بالأُمُورِ؛ وقالَ اللّيْث: حَنَّكَته السِّنُّ إذا نَبَتَت أَسْنانه التي تُسَمَّى أَسْنان العَقْلِ. وحَنَّكَتْه السنُّ إذا أَحْكَمتْه التجارِبُ والأُمورُ، فهو مُحَنَّكٌ ومُحْنَك. وقالَ ابنُ الأَعْرَابيِّ: جَرَّدَه(٥) الدَّهرُ ودَلَكَه ووَعَسَهُ وحَنَّكَه وعَرَكَه ونَجَّذَهُ(٦) بمعْنًى واحِدٍ. وقالَ اللَّيْثُ: يقُولُون هُم أَهْل الحُنْك والحِنْك والحُنْكةُ أَي أَهْل السنِّ والتجارِبِ واحْتَنَك الرجلُ أي اسْتَحْكَم. وفي حدِيثِ طَلْحَةَ: أَنَّه قالَ لعَمر، رَضِيَ الله تعالى عنهما: «قد حَنَّكَتْك الأُمُورُ.
  أَي راضَتْك وهذَّبَتْك يقال بالتخفيف والتشديد وقال اللَّيثُ رَجُلٌ مُحَنَّكٌ وهو الذي لا يُسْتَقَلّ منه شيء مما قَدْ عَفَتْهُ الأُمور والمُحْتَنَك: الرجُلُ المُتَنَاهِي في عَقْلِه وسِنِّه.
  وقالُوا: أحْنَكُ البَعيرَيْنِ وأحْنَكُ الشاتَيْنِ أي أَشدُّهُما أكْلاً وهو شاذٌّ نادرٌ لأنَّ الخِلْقَةُ لا يُقالُ فيها ما أفْعَلَهُ وقالَ سِيْبَوَيْه: هو من صنيع التَّعجبِ والمُفَاصَلةِ، ولا فِعْل له.
  ومن المجازِ: احْتَنَكَهُ إذا اسْتَوْلى عليه وبه فسَّرَ الفرَّاءُ قَوْلَه تعَالَى: لَأَحْتَنِكَنَّ(٧) ومن المَجازِ: احْتَنَكَ الجَرادُ الأَرْضَ إذا أكَلَ ما عليها من النَّبْتِ وبه فسَّرَ يونُس الآيةَ، وهو أحدُ الوَجْهينِ عنه. وقالَ الرَّاغبُ: احْتَنَكَ الجَرَادُ الأَرْضَ اسْتَوْلَى بحَنَكِه عليها فأَكَلَها واسْتَأْصَلَها فجمَعَ بَيْنَ المَعْنَيَيْن(٨)؛ ومنه تَفْسِيرُ الأَخْفَشِ للآيةِ أي لأَستأْصلَنَّهم ولأَستمِيلَنَّهم.
  وقالَ ابنُ سِيْدَه: احْتَنَكَ فلاناً إذا أخَذَ مالَهُ كُلَّه كأنَّه أَكَلَه بالحَنَكِ وقالَ: احْتَنَكَ فلانٌ ما عنْدَ فلانٍ أي أَخَذَه كُلّه. وقالَ القاضِي في العنايةِ: قَوْلُهم احْتَنَك الجرَادُ الأَرْضَ هو منَ الحَنَكِ وقد أُرِيدَ بهِ الفمُ والمنْقَارُ فهو اشْتِقاقٌ من اسم عَيْن نَقَلَه شَيْخُنَا.
(١) التبصير ١/ ٢٦٩ وفي الإكمال: يروي عن سليمان بن حرب.
(٢) الجمهرة ٢/ ١٨٦.
(٣) سورة الإسراء الآية ٦٢.
(٤) اللسان: «نبات».
(٥) التهذيب واللسان: جرَّذه، بالذال المعجمة.
(٦) التهذيب واللسان: ونجَّذه» بالذال المعجمة.
(٧) من الآية ٦٢ من سورة الإسراء.
(٨) يعني في تفسيره للآية المتقدمة من سورة الإسراء.