تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الجيم مع اللام

صفحة 121 - الجزء 14

  في الصِّغَرِ أَعْظَمَ رأْساً منها بكَثيرٍ، والشقيقةُ صَغيرةُ الرأْسِ، وقالوا في الجَمْع جميلات حرّ.

  والجُمْلانَةُ وهذه عن اللَّيْثِ، والجُمَيْلَانَةُ بضمهما البُلْبُلُ وقيلَ هو طائِرٌ من الدَّخَاخِيل، وقال سِيْبَوَيْه الجُمَيْلُ البُلْبُل لا يَتَكَلَّم به إِلّا مصغَّرُ فإِذا جَمَعُوها قالوا جِمْلان. وفي التَّهْذِيبِ: يُجْمَع الجُمَيْل على الجِمْلان.

  والجَمالُ الحُسْنُ يكونُ في الخُلُقِ وفي الخَلْقِ، وعبارَةُ المُحْكَمِ في الفِعْل والخَلْق، وقَوْلُه تعالَى: {لَكُمْ فِيها جَمالٌ}⁣(⁣١) أَي بهاءٌ وحُسنٌ ويجوزُ أَنْ يكونَ الجَمَلُ سُمِّي بذلِكَ لأَنَّهم كانُوا يَعُدُّون ذلِكَ جَمَالاً لَهُمْ، أَشَارَ إِليه الرَّاغِبُ. وفي الحدِيثِ: «إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يحبُّ الجَمَال»، أَي جَمِيلُ الأَفْعال. وقالَ سِيْبَوَيْه الجَمَالُ: رِقَّةُ الحُسْنِ وقالَ الرَّاغِبُ: الجَمَالُ: الحُسْنُ الكَثيرُ، وذلِكَ ضَرْبان أَحَدُهما جَمَالٌ يَخْتصُ الإِنْسانُ به في نفْسِه أَو بَدَنِه أَو فِعْله، والثَّاني ما يَصِلُ منه إِلى غَيْرِه، وعلى هذا الوَجْهِ ما رُوِي: إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يحبُّ الجَمَالَ، تَنْبِيهاً أَنَّ منه تُفِيضُ الخَيْراتُ الكَثِيرةُ فيحبّ مَنْ يَخْتَص بذلِكَ.

  جَمُلَ ككَرُمَ وعليه اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ والصَّاغانيُّ وابنُ سِيْدَه. وزَادَ الفيوميّ وجَمِلَ كعلِمَ جَمَالاً فهو جَمِيلٌ كأَمِيرٍ وغُرابٍ ورُمَّانٍ وهذه تُكْسَرُ.

  وقالَ الصَّاغانيُّ: هو أَجْملُ من الجَمِيل.

  والجَمْلاءُ الجميلةُ من النِّساءِ عن الكِسَائيّ وهي أَحَدُ ما جَاءَ من فَعْلاء أَفْعل لها وأَنْشَدَ:

  فهي جَمْلاء كبَدْرٍ طالعٍ ... بَذَّتِ الخَلْق جميعاً بالجَمَال⁣(⁣٢)

  وقالَ آخَرْ:

  وَهَبْتُه من أَمَةٍ سوداء ... ليست بحَسْناء ولا جَمْلاء⁣(⁣٣)

  وقالَ ابنُ عَبّادٍ: الجَمْلاءُ التامَّةُ الجِسْمِ من كلِّ حيوانٍ.

  وتَجَمَّلَ الرجُلُ تَزَيَّنَ، وأيْضاً أَكَلَ الشَّحْمَ المُذابَ وهو الجَمِيلُ ومنه قَوْلُ امرَأَةٍ لبنْتِها: تَجَمَّلي وتَعَفَّفي أي كُلِي الشَّحْمَ واشْرَبي العُفَافَةَ وهو ما بقي في الضَّرْعِ.

  وجامَلَهُ مُجَامَلَةً لم يُصْفِه الإِخاءَ بل ماسَحَه بالجَمِيلِ نَقَلَه ابنُ سِيْدَه، أو جَامَلَه أَحْسَنَ عِشْرَتَهُ وعامَلَه بالجَمِيلِ.

  ويقالُ: عَلَيك بالمُدَارَاةِ والمُجَامَلَةِ وجمالَكَ أن لا تَفْعَلَ كذا إِغْراءٌ أَي الْزَم الأَمْرَ⁣(⁣٤) الأَجْمَلَ ولا تَفْعَلْ ذلِكَ قالَهُ ابنُ سِيْدَه، وقالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

  جَمَالَك أَيُّها القلبُ الجَرِيحُ ... سَتَلْقَى مَنْ تُحبُّ فتَسْتَريحُ⁣(⁣٥)

  يُريدُ: الْزَم تَجَمُّلَكَ وحَيَاءَك ولا تَجْزَعْ جزعاً قَبِيحاً. وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: يقالُ: جمالك أَنْ تَفْعَلَ كَذا وكَذا أي لا تَفْعَله والْزَم الأَمْرَ الأَجْمَلَ وأَنْشَدَ: البيتَ.

  وجَمَلَ يَجْملُ جَملاً إذا جَمَعَ وجَمَلَ الشَّحْمَ يَجْملُهُ جَمْلاً أَذَابَهُ ومنه الحدِيثُ: «لَعَنَ الله اليَهودَ حُرِّمت عليهم الشّحومُ فَجَمَلوها وبَاعُوها» أي أَذَابُوها. ودَعَتِ امْرَأَةٌ على رجُلٍ: جَمَلَك الله، أَي أَذَابَكَ كما يُذَابُ الشَّحْمُ، كأَجْمَلَهُ. قالَ أَبُو عُبَيْدُ: ربَّما قيلَ ذلِكَ، واجْتَمَلَهُ كذلِكَ.

  وقالَ الفرَّاءُ: جَمَلَ أَجْوَدُ. قالَ لَبِيدٌ ¥:

  وغُلامٍ أَرْسَلَتْهُ أُمُّهُ ... بأَلُوكٍ فَبَذَلْنَا ما سَأَلْ

  أَو نَهَتْه فأتَاهُ رزقُهُ ... فاشتوى ليلةَ ريحٍ واجتملْ⁣(⁣٦)

  وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: اجْتَمَلَ: اسْتَوْكَفَ إهَالَة الشَّحْمِ على الخُبْزِ وهو يعِيدُه إلى النارِ.

  وأَجْمَلَ في الطَّلَبِ أَي اتَّأَدَ واعْتَدَلَ فلم يُفْرِطْ، ومنه قَوْلُ الشاعِرِ:

  الرِّزْق مَقْسوم فأَجْمِلْ في الطَّلَب⁣(⁣٧)

  وفي الحدِيثِ: «أَجْملوا في طَلَبِ الرِّزْقِ فإنَّ كلا ميسر لما خُلِقَ له».


(١) النحل الآية ٦.

(٢) اللسان والصحاح.

(٣) اللسان.

(٤) وضعت بالاصل داخل الاقواس، وليست في القاموس.

(٥) ديوان الهذليين ١/ ٦٨ برواية: «القلب القريح» واللسان والمقاييس ١/ ٤٨١ وصدره في الصحاح والأساس.

(٦) ديوانه ط بيروت ص ١٤٠ وعجز الثاني في التهذيب.

(٧) اللسان.