تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الطاء المهملة المشالة

صفحة 191 - الجزء 2

  وفي حديث آخر: «ابْغِني حَدِيدَةً أَسْتَطِيبُ بها»⁣(⁣١).

  يُريدُ حَلْقَ العَانَة، لأَنَّه تَنْظِيف وإِزَالَةُ أَذًى.

  واسْتَطَابَ الشَّيْءَ وأَطَابَه وطَابَهُ، وقد تَقَدَّم وَجَدَه طَيِّباً كأَطْيَبَه بدُون الإِعْلال وطَيِّبَه، قد تَقَدَّم أَيْضاً واسْتَطْيَبَه، بِدُونِ الإِعْلَال، والأَخِيرُ حَكَاه سِيبَوَيْه، وقال: جَاءَ على الأَصْلِ كَمَا جَاءَ اسْتَحْوَذَ، وكَأَنَّ فِعْلَهُمَا قَبْلَ الزِّيَادَة كَانَ صَحِيحاً وإِنْ لم يُلْفَظ به قبلها إِلا مُعْتَلًّا. وقولهم: ما أَطْيَبَه ومَا أَيْطَبَه، مَقْلُوبٌ مِنْه، وأَطْيِبْ به وأَيْطِبْ بِهِ، كُلُّه جَائِز.

  واسْتَطَابَ القَوْمَ: سأَلهم مَاءً عَذْباً. قال:

  فَلَمَّا اسْتَطَابُوا صَبَّ في الصَّحْنِ نِصْفَه

  فَسَّرَه بذلك ابْنُ الأَعْرَابِيّ.

  والطَّابَةُ: الخَمْرُ. قال أَبو مَنْصُور: كأَنَّها بِمَعْنَى طَيِّبَة والأَصلُ طَيِّبَة⁣(⁣٢). وفي حَدِيثِ طَاوُوسَ «سُئِلَ عن الطَّابَة تُطْبَخُ على النِّصْفِ».

  الطَّابَةُ: العَصِيرُ، سُمِّيَ بِه لِطِيبهِ، وإِصْلَاحُه على النِّصْف: هو أَن يُغْلَى حتى يَذْهَبَ نِصْفُه.

  واسْتَطَاب الرجُلُ: شَرِبَ الطَّابَة، نَقَلَه ابْنُ سِيدَه في المحكم، وبِهِ فُسِّر: فَلَمَّا اسْتَطَابُوا صَبَّ في الصَّحْنِ نِصْفَه على قَوْل.

  وطِيبَتُهَا بالكَسْرِ، والضَّمِير إِلَى أَقْرَب مَذْكُور، وهو الطَّابَةُ: أَصْفَاها وأَجَمُّهَا، كَمَا أَنَّ طِيبَة الكلإِ أَخْصَبُه، وفي نُسْخَة إِصْفَاؤُها، بالكَسْرِ، على صيغَة المَصْدَرِ، وَهُوَ خَطَأٌ.

  وطَيْبَةُ: عَلَمٌ على المَدِينَة النَّبَويّةِ على سَاكِنِها أَفْضَلُ الصَّلَاة وأَتَمُّ السَّلَام، وَعَلَيْهِ اقْتَصَر الجَوْهَرِيُّ.

  قال ابن بَرِّيّ: وقد سَمَّاهَا النَّبيّ بِعِدَّة أَسْمَاء كَطَابَةَ والطَّيِّبَةِ والمُطَيَّبَة والجَابِرَة والمَجْبُورَة والحَبِيبَة والمَحْبُوبَة⁣(⁣٣) والمُوفِيَة والمِسْكِينَة، وغَيْرِهَا مِمَّا سَرَدْنَاهَا في غير هذا المحل. وفي الحَدِيث أَنَّه أَمَرَ أَنْ تُسَمَّى المَدِينَة طَيْبَةَ وطَابَة، وهما تَأْنِيثُ طَيْبٍ وطَاب بمَعْنَى الطِّيبِ، لأَن المَدِينَةَ كانَ اسمُهَا يَثْرِبَ، والثَّرْبُ⁣(⁣٤): الفَسَادُ، فنَهَى أَن يُسَمَّى⁣(⁣٥).

  بِهَا، وسَمَّاها طَابَةَ وطَيْبَةَ، وقِيلَ: هُوَ مِنَ الطَّيِّب الطَّاهِرِ لخُلُوصِهَا من الشِّرْكِ وتَطْهِيرِها مِنْهُ، ومِنْه: «جُعِلَت لِي الأَرْضُ طَيِّبَةً طَهُوراً» أَي نَظِيفَةً غير خَبِيثَة. «والمُطَيَّبَةُ» في قَول المُصَنّفِ مَضْبُوطٌ بِصِيغَة المَفْعُولِ، وَهُو ظَاهِرٌ، ويُحْتَمَلُ بِصِيغَةِ الفَاعِل، أَي المُطَهِّرَةُ المُمَحِّصَةُ لذُنُوبِ نَازِلِيهَا.

  وعِذْقُ ابن طَابٍ: نَخْلٌ بها أَي بالمَدِينَة المُشرَّفَة أَو* ابْنُ طَابٍ: ضَرْبٌ مِنَ الرُّطَب هناك. وفي الصَّحَاح: وتَمْرٌ بالمَدِينَة يُقَالُ لَهُ عِذْقُ ابْن طَابٍ، ورُطَبُ ابْنِ طَابٍ. قال: وعِذْقُ ابن طَابٍ، وعذْقُ ابن زَيْدٍ: ضَرْبَان من التَّمْرِ. وفي حَدِيثِ الرُّؤيَا: «كَأَنَّنا في دَارِ ابْنِ زَيْد وأُتِينَا برُطَبِ ابْنِ طَابٍ». قال ابن الأَثِير: هو نَوْعٌ من تَمْرِ المَدِينَة مَنْسُوبٌ إِلى ابْنِ طَاب رَجُل مِنْ أَهْلِهَا. وفي حَدِيثِ جَابِر: «وفي يَدِه عُرْجُونُ ابْن طَابٍ».

  والطِّيَابُ كَكِتَابِ: نَخْلٌ بالبَصْرَة إِذا أَرْطَبَ فيُؤَخَّر عَنِ اخْتِرَافه تَسَاقَطَ عن نَوَاه فَبَقِيَت الكِبَاسة ليْسَ فِيهَا إِلا نَوًى مُعَلَّقٌ بالثَّفَارِيق⁣(⁣٦)، وهُوَ مَع ذلك كِبَارٌ، قَال: وكذلك⁣(⁣٧) النَّخْلَةُ إِذَا اخْتُرِفَت، وهي مُنْسَبِتَةٌ لمْ تَتْبَع النَّواةُ اللِّحَاءَ. كذَا في لِسَان العَرَب.

  والطَّيِّبُ: الحَلَالُ. وفي التَّنْزِيل العَزِيزِ: {يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ}⁣(⁣٨) أَي كُلُوا من الحَلَال. وكُلُّ مَأْكُولٍ حَلَالٍ مُسْتَطَابٌ، فهُو داخِلٌ في هَذَا. وفي حَدِيثِ هَوَازِن: «مَنْ أَحَبَّ أَن يُطَيِّب ذَلِكَ مِنْكُم» أَي يُحَلِّلَه ويُبِيحَه. والكَلِم الطَّيِّب هُوَ قَوْلُ: لا إِلَه إِلَّا الله. وفلانٌ في بَيْتٍ طَيِّبٍ، يُكْنَى بِهِ عَنْ شَرَفِه⁣(⁣٩). ومَاءٌ طَيِّب إِذَا كَانَ عَذْباً أَو طَاهِراً.

  وطَعَامٌ طَيِّبٌ إِذَا كَانَ سَائِغاً في الحَلْق. وفُلانٌ طَيِّبُ الأَخْلَاقِ إِذَا كَان سَهْلَ المُعَاشَرَة وبَلَدٌ طَيِّب: لا سِبَاخَ فيهِ.

  وأَبُو مُحَمَّدٍ الطَّيِّبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي التُّرَابِ الذُّهْلِيُّ، رَوَى القرآنَ عنِ الكِسَائِيّ، والحَدِيثَ عن سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَة، تَرْجَمَه الخَطِيبُ في التَّاريخ.


(١) في غريب الهروي: أستَطِبْ.

(٢) في إحدى نسخ اللسان: طَيْبَة.

(٣) في اللسان: والمحببة.

(٤) في غريب الهروي: التثرب.

(٥) في اللسان: تُسمّى بها.

(١٠) (*) أو: بالمطبوعة المصرية مشار إليها أنها من القاموس وليست منه سوى الواو.

(٦) في اللسان: التفاريق بالتاء. وما أثبتناه الصواب فالثفاريق جمع ثفروق، والثفروق قمع البسرة والتمرة.

(٧) عن اللسان، وبالأصل «ولذلك».

(٨) سورة المؤمنون الآية ٥١.

(٩) في اللسان: عن شرفه وصلاحه وطيب أعراقه.