تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الخاء المعجمة مع اللام

صفحة 206 - الجزء 14

  وقالَ أَبُو عُبَيْدٍ: ليسَ شيء من الشَّجَرِ العظامِ بخُلَّةٍ.

  والخُلَّةُ: من العَرْفَجِ مَنْبِتُهُ ومُجْتَمَعُهُ؛ وأَيْضاً ما فيه حَلاوَةٌ من النَّبْتِ. وقيلَ: المَرْعَى كُلُّه حَمْضٌ وخُلَّةٌ، فالحَمْضُ ما فيه ملوحَةٌ، والخُلَّةُ ما سِوَاهُ.

  وتقولُ العَرَبُ: الخُلَّةُ خُبْز الإِبِلِ والحَمْضُ لَحْمها أَو خَبِيْصها، وفي التَّهْذِيْبِ: فَاكِهَتُها.

  وكُلُّ أَرْضٍ لم يكن بها حَمْضٌ فهي خُلَّةٌ. وإن لم يكنْ بها من النَّبَاتِ شيءٌ قالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ ج خُلَلٌ كصُرَدٍ. يقُولُون: عَلَوْنا أَرْضاً خُلَّة وأَرْضين خُلَلاً.

  وقالَ ابنُ شُمَيْلٍ: الخُلَّةُ إنَّما هي الأَرْضُ. يقالُ: أَرْضٌ خُلَّةٌ.

  وخُلَلُ الأَرْضِ: التي لا حَمْض بها، ورُبَّما كانَتْ بها عِضاةٌ، ورُبَّما لم تكُنْ، ولو أَتَيْت أَرْضاً ليسَ بها شيءٌ من الشَّجَرِ وهي جُرُزٌ من الأَرْضِ قُلْت: إنَّها خُلَّةٌ؛ وإذا نَسَبْت إليها قُلْت: بَعيرٌ خُلِّيُّ، وإِبِلٌ خُلِّيَّة عن يَعْقوب.

  وقال غيرُه: إبِلٌ مُخِلَّةٌ ومُخْتَلَّةٌ إذا كانَتْ تَرْعاها. يقالُ: جاءَتِ الإِبِلُ مُخِلَّةٌ ومُخْتَلَّةٌ، ومنه المَثَلُ: إنَّك مُخْتَلٌّ فَتَحَمَّضْ أَي انْتَقِل من حالٍ إلى حالٍ. قالَ ابنُ دُرَيْدٍ: يقالُ ذلِكَ للمُتَوعّدِ المُتَهَدِّدِ.

  وأَخَلُّوا إخْلالاً: رَعَتْها إِبِلُهُم، ومنه قَوْلُ بعضِ نِساءِ الأَعْرَابِ وهي تَتَمَنَّى بَعْلاً: إِن ضَمَّ قَضْقَض، وإن دَسَر أَغْمَض، وإن أَخَلَّ أَحْمَض، قالَتْ لها أُمُّها: لقَدْ فَرَرْتِ لي شِرَّة الشَّبَابِ جَذَعة؛ تقُولُ: إن أَخَذَ من قُبُل أَتَبْع ذلِكَ بأَنْ يأْخُذَ من دُبُرٍ وقَوْلُ العجَّاجِ:

  كانُوا مُخِلِّين فلاقَوْا حَمْضا⁣(⁣١)

  أي لاقُوا أَشَدَّ ممَّا كانُوا فيه؛ يُضْرَبُ لمَنْ يَتَوَعَّد ويَتَهَدَّدُ فيَلْقَى من هو أَشَدّ منه.

  وخَلَّ الإِبِلَ يَخُلُّها خَلًّا وأَخَلَّها: إذا حَوَّلَها إليها.

  واخْتَلَّتِ الإِبِلُ أي احْتَبَسَتْ فيها.

  والخَلَلُ: محرَّكةً مُنْفَرَجُ ما بين الشَّيْئَيْنِ.

  والخَلَلُ من السَّحابِ: مخَارِجُ الماءِ كخِلالِهِ بالكسرِ وقيلَ: الخِلالُ جمع خَلَلٍ كجِبالٍ وجَبَل؛ ومنه قَوْلُه تعالَى: {فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ}⁣(⁣٢). وقَرَأَ ابنُ عَبَّاسٍ وابنُ مَسْعُودٍ، ¤، والحَسَنُ البَصْريُّ وسَعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ والضَّحَّاكُ وأَبو عَمْرٍو وأَبُو البرهسم من خَلَلِه، وهي الفُرَجُ في السَّحابِ يَخْرُجُ منها المَطَرُ، وهو خِلَلُهُم وخِلالُهُم بكَسْرِهما ويُفْتَحُ الثاني أي بَيْنهم، نَقَلَه ابنُ سِيْدَه ولم يَذْكُرْ الفَتْح في الثاني.

  وخِلالُ الدارِ أَيْضاً ما حَوالَيْ حُدودِها كذا في النسخِ، وفي المُحْكَمِ: جُدُرُها وما بَيْن بُيوتِها، ومنه قَوْلُه تعالَى: {فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ}⁣(⁣٣). يقالُ: جَلَسْنا خِلالَ بُيوتِ الحَيِّ وخِلالَ دُورِ القَوْمِ أَي بَيْن البُيوتِ ووَسطَ الدُّورِ.

  وقَوْلُه تعالَى: {وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ}⁣(⁣٤). قالَ الأَزْهَرِيُّ: أي لأَسْرَعُوا. وقيلَ: لأَوضَعوا مَراكِبَهُم {خِلالَكم يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ}، وجَعَلَ خِلالَكم بمعنَى وَسَطكم. وقيلَ: لأَسْرَعُوا في الهَرَبِ خِلالَكم، أَي ما تَفَرَّق من الجَمَاعاتِ لِطَلَبِ الخَلْوَةِ والفِرَارِ.

  قالَ شيْخُنَا: قالُوا يُحْتَمَلُ أَنْ يكونَ مُفْرداً ككِتابٍ أَو جَمْع خَلَلٍ محرَّكةً كجَبَلٍ وجِبالٍ، وعلى الثاني اقْتَصَر الشَّهابُ في العِنَايةِ في سُوْرَةِ التَّوْبَةِ.

  وتَخَلَّلَهُم دَخَلَ بَيْنَهم وفي المُحْكَمِ: بَيْن خَلَلِهم وخِلالِهم.

  وتَخَلَّلَ الشَّيءُ نَفَدَ.

  وتَخَلَّلَ المَطَرُ: خَصَّ ولم يكنْ عاماً⁣(⁣٥).

  وتَخَلَّلَ الرُّطَبَ: طَلَبَه بين خِلالِ السَّعَفِ، الصوابُ حذْفُ لَفْظَةِ بَيْن، كما هو في المُحْكَمِ بعْدَ انْقِضَاءِ الصِّرَامِ، وذلِكَ الرُّطَبُ خُلالٌ وخُلالَةٌ بضَمِّهِما. وقيلَ: هي ما يَبْقَى في أُصُولِ السَّعَفِ من التَّمْرِ الذي يَنْتَثِرُ، وهي الكُرَابَةُ، قالَهُ الدَّيْنورِيّ.

  وخَلَّلَ أَصابِعَهُ ولِحْيَتَه: أَسالَ الماءَ بَيْنهما في الوُضُوءِ،


(١) اللسان والتهذيب.

(٢) سورة النور الآية ٤٣.

(٣) الإسراء الآية ٥.

(٤) التوبة الآية ٤٧.

(٥) نقص في عبارة الشارح وفي القاموس زيادة نصها: «والقومَ دَخَلَ خِلَالَهم».