تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ذعل]:

صفحة 253 - الجزء 14

  والذُّلُّ بالضمِ ويُكْسَرُ ضِدُّ الصُّعُوبةِ. ذَلَّ يَذِلُّ ذُلًّا فهو ذَلولٌ يكونُ في الإِنْسانِ والدابَّةِ، قالَ:

  وما يَكُ من عُسْرى ويُسْرى فإِنَّي ... ذَلولٌ بحاجِ المُعْتَقِينَ أَرِيبُ⁣(⁣١)

  عَلَّق ذَلُولاً بالباءِ لأنَّ فيه معْنَى رَفِيق ورَؤوفٍ.

  ودابَّةٌ ذَلُولٌ الذَّكَرُ والأُنْثَى في ذلِكَ سواءٌ، وقد ذَلَّلْته.

  وقالَ الرَّاغِبُ: ذَلَّتِ الدابَّةُ بعدَ شماس ذلًّا وهي ذَلُولٌ ليْسَتْ بصَعْبةٍ، ج ذُلُلٌ بضمَّتَيْن وأَذِلَّة قالَ الشاعِرُ:

  ساقَيْتُهُ كأْسَ الرَّدَى بأَسِنَّة ... ذُلُلٍ مُؤَلَّلة الشِّفار حِدَاد⁣(⁣٢)

  وإنَّما أَرَادَ أَنَّها مُذَلَّلةٌ بالإِحدادِ أي قد أُدِقَّت وأُرِقَّت.

  وذِلُّ الطَّريقِ بالكسرِ مَحَجَّتُه، وهو ما وُطِئَ منه وسُهِّل، عن أَبي عَمْرٍو.

  والذِّلُّ، أَيْضاً: الرِفْقُ والرَّحْمَةُ، ويُضَمُّ وبهما قُرِئَ قَوْلُه تعالَى: {وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ}⁣(⁣٣) الضَّم قراءَةُ العامَّةِ، والكسرُ قراءَةُ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ والحَسَنُ البَصْرِيُّ وأَبي رَجاءٍ والجَحْدَريُّ وعاصِمُ بنُ أَبي النجودِ ويَحْيَى بنُ وثَّابٍ وسُفْيانُ بنُ حُسَيْن وأَبي حَيْوَةَ وابنُ أَبي عَبْلَة، أَو الكسرُ على أَنَّه مَصْدَرُ الذَّلولِ.

  وقالَ الرَّاغِبُ: الذُّلُّ ما كانَ عن قَهْرٍ، والذَّلُّ ما كانَ بعْدَ تصعبٍ وشَماسٍ، ومعْنَى الآيَةِ أي لِنْ⁣(⁣٤) كالمَقْهورِ لهما، وعلى قراءَةِ الكَسْرِ: لِنْ وانْقَدْ لَهُما.

  وذُلِّلَ الكَرْمُ بالضمِ تَذْلِيلاً: دُلِّيَتْ، عَناقيدُه، كما في المُحْكَمِ، أَو سُوِّيَتْ عَناقيدُه، قالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وقَوْلُه تعالَى: {وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً}⁣(⁣٥).

  قالَ مجاهِدُ: إنْ قامَ ارْتَفَع إليه وإن قَعَدَ تَدَلّى إليه القطفُ.

  وقالَ ابنُ الأَنْبارِي. أَي أُصْلِحَتْ وقربتْ. وقالَ ابنُ عرفَةَ: أَي أُمْكِنَتْ فلا تَمْتَنِع على طالِبٍ. وفي الحدِيثِ: «كم من عِذْق مُذَلَّل لأَبي الدَّحْداحِ في الجنَّةِ».

  وذُلِّلَ النَّخْلُ وُضِعَ عِذْقُها على الجَريدةِ لتَحْمِلَهُ قالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ.

  وقالَ الأَزْهَرِيُّ: تَذْليلُ العُذُوقِ في الدنيا أَنَّها إذا خَرَجَت من كَوَافيرِها التي تُغَطِّيها عندَ انْشِقَاقِها عنها يَعْمِد الآبِرُ إليها فيُسَمِّحُها ويُبَسِّرها⁣(⁣٦) حتى يُدَلِّيها خارِجَة من بَيْن ظُهْرانيّ الجريدِ والسُّلَّا، فيُسْهَل قِطافُها عند إيناعِها؛ قالَ: ومنه الحدِيثُ: «يَتْرُكُون المدِينَةَ على خَيْرِ ما كانَتْ مُذَلَّلة لا يَغْشاها إلَّا العَوَافي» أَي مُذَّلَّلة قُطُوفها.

  قالَ الصَّاغانيُّ: وقيلَ في قَوْلِ امْرِئِ القَيْسِ:

  وكَشْحٍ لَطِيف كالجَدِيلِ مُخَصَّرٍ ... وساقٍ كأُنْبوبِ السَّقِيِّ المُذَلَّلِ⁣(⁣٧)

  إنَّه الذي قد عَطَفَ ثَمَرَه ليُجْتَنَى، وإنَّما جَعَلَه مِثْل المُذَلَّل لأَنَّه يكرمُ على أَهْلِه فَيَتَعَهَّدونَه، فلذلِكَ جَعَلَه مِثْلَه، يقالُ: ذَلِّلُوا نَخْلَكم فتَخْرج كبائِسُه.

  وفي التَّهْذِيبِ: قالَ الأَصْمَعِيُّ: أَرَادَ ساقاً كأُنْبوبِ بَرْديٍّ بَيْن هذا النَّخْلِ المُذَلَّل.

  وقالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: السَّقِيُّ الذي يَسْقِيه الماءَ من غَيْر أنْ يُتَكَلَّف له السَّقي.

  وسُئِلَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ عن المُذَلَّل فقالَ: ذُلِّلَ طريقُ الماءِ إليه.

  ويقالُ: أُمورُ الله جارِيَةٌ أَذْلالَها وعلى أَذْلالِها أي مَجارِيها ومَسَالِكِها وطُرُقِها، جَمْعُ ذِلٍّ بالكسرِ.

  ودَعْهُ على أَذْلالِه أي حالِهِ بِلا واحدٍ كما في المُحْكَمِ والعُبَابِ.

  وفي التَّهْذِيبِ: أَجْرِ الأُمورَ على أَذْلالِها، أي أَحْوالِها التي تَصْلُح عليها وتَسْهُل وتَنْتَشر⁣(⁣٨)، واحِدُ هاذِلُّ، ومنه قَوْلُ الخَنْساء:


(١) اللسان.

(٢) اللسان بدون نسبة.

(٣) الإسراء الآية ٢٤.

(٤) في المفردات: كُنْ.

(٥) الإنسان الآية ١٤.

(٦) في التهذيب: فيسحبها ويُيَسِّرها.

(٧) من معلقته، ديوانه ص ٤٥ واللسان وعجزه في التهذيب.

(٨) اللسان والتهذيب: وتتيسر.