تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل العين المهملة

صفحة 202 - الجزء 2

  الغَطَمَّشُ الضَّبِّيُّ وهُوَ مِنْ بَنِي شَقِرَة⁣(⁣١) بْنِ كَعْبِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ ضَبَّةَ:

  أَقُولُ وَقَدْ فَاضَتْ لعَيْنِيَ عَبْرَةٌ ... أَرَى الدَّهْرَ يَبْقَى والأَخِلَّاءُ تَذْهَبُ

  أَخِلَّايَ⁣(⁣٢) لَوْ غَيْرُ الحِمَامِ أَصَابَكُم ... عَتَبْتُ وَلكِنْ مَا عَلَى الدَّهْرِ مَعْتَبُ

  عَتَبْتُ أَي سَخِطْتُ، أَي لو أُصِبْتُم في حَرْبٍ لأَدْرَكْنَا بثَأْركمْ وانْتَصَرْنَا، ولَكِنّ الدَّهْرَ لا يُنْتَصَرُ مِنْهُ.

  والعَتْبُ: المَلَامَة، كالعِتَابِ والمُعَاتَبَة. عَاتبَه مُعَاتَبَة وعِتَاباً: لامَهُ. قَالَ:

  أُعَاتِبُ ذَا المَوَدَّةِ مِنْ صَدِيقٍ ... إِذَا مَا رَابَنِي مِنْهُ اجْتِنَابُ

  إِذَا ذَهَب العِتَابُ فَلَيْسَ وُدٌّ ... وَيَبْقَى الوُدُّ مَا بَقِي العِتَابُ

  والعِتِّيبَى بالكَسْر كخِلِّيفى. ويُقَالُ: مَا وَجَدْتُ في قَوْله عُتْبَاناً، وذَلِكَ إِذَا ذَكَر أَنَّه أَعْتَبَك ولم تَرَ لِذلك بَيَاناً. وقَال بَعْضُهم: ما وَجَدْتُ عِنْدَه عَتْباً ولا عِتَاباً. قَالَ الأَزْهَرِيُّ: لَمْ أَسْمَع العَتْبَ والعُتْبَانَ والعِتَابَ بِمَعْنَى الإِعْتَابِ، إِنَّمَا العَتْبُ والعُتْبَانُ: لَوْمُكَ الرَّجلَ عَلَى إِسَاءَةٍ كَانَتْ لَهُ إِلَيْكَ فاسْتَعْتَبْتَه مِنْهَا، وكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ اللَّفْظَيْنِ يَخْلُص للعَاتِب، فإِذَا اشْتَرَكَا فِي ذَلِك وذَكَّر كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَه مَا فَرَط مِنْهُ إِلَيْه من الإِسَاءَة فَهُوَ العِتَابُ والمُعَاتَبَةُ. وسَيَأْتِي مَعْنَى الإِعْتَابِ والاسْتِعْتَاب.

  والعَتْبُ في الفَحْلِ: الظَّلَعُ العَقْلُ أَو العُقْرُ. والعَتْبُ فِيهُ أَيْضاً: المَشْيُ على ثَلَاثِ قَوَائِمَ مِنَ العُقْرِ أَو العَقْل، كأَنه يَقْفِز قَفْزاً. والعَتْب فِيكَ: أَنْ تَثِبَ بِرِجْلٍ وَاحِدَة وتَرْفَعَ الأُخْرَى وكَذَلِكَ الأَقْطَعُ إِذَا مَشَى عَلَى خَشَبَة، وَهَذَا كُلُّه تَشْبِيهٌ، كأَنَّه يَمْشِي عَلَى عَتَبِ دَرَجٍ أَوْ جَبَلٍ أَو حَزْنٍ فَيَنْزُو مِنْ عَتَبَةٍ إِلَى أُخْرَى. وَفِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ في رَجُلٍ أَنْعَلَ دَابَّة رَجُلٍ فَعَتِبَتْ أَي غَمَزَتْ ويُرْوَى «عَنِتَتْ» بالنُّونِ، وسَيَأْتِي في مَوْضِعِه كالعَتَبَانِ مُحَرَّكة، وَهُوَ عَرَجُ الرِّجْلِ.

  والتَّعْتَابُ أَي بالفَتْح كتَذْكَار وَهُوَ أَيْضاً إِعْتَابُ العَظْم بَعْدَ الجَبْرِ كما سَيَأْتي.

  وعَتَبَ البَرْقُ عَتَبَاناً مُحَرَّكةً إِذَا بَرَقَ بَرْقاً وِلَاءً يَعْتُبُ ويَعْتِبُ بالضَّمِّ والكَسْرِ في الكُلِّ، أَي فِي كُلّ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ مَعْنَى العَتَبَة، والعَرَجِ، والمَوْجِدَة، والظَّلَع، والوُثُوبِ، والبَرْقِ، وإِن أُغْفِل عَنِ الأَخِيرِ، وَفِي عَتَبَ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ ومن قَوْلٍ إِلَى قَوْل إِذَا اجْتَازَ، فالمَنْصُوصُ في مُضَارِعه الكَسْرُ وهَذَا أَيْضاً مِمَّا أَغْفَلَهُ.

  والتَّعَتُّبُ: التَّجَنِّي. تَعَتَّب عَلَيْه وتَجَنَّى عَلَيْه بِمَعْنًى واحِدٍ. وتَعَتَّب عَلَيْه: وَجَدَ عَلَيْهِ. والتَّعَاتُبُ والمُعَاتَبَةُ وكَذَلِك التَّعَتُّبُ: الثَّلَاثَةُ بِمَعْنَى تَوَاصُف المَوْجِدَةِ أَي مُذَاكَرَتَها.

  وقال الأَزْهَرِيّ: التَّعَتُّبُ والمُعَاتَبَةُ والعِتَابُ كُلُّ ذَلِكَ مُخَاطَبَةُ الإِدْلَالِ، وَكَلَامُ المُدِلِّينَ أَخِلَّاءَهم طَالِبِينَ حُسْنَ مُرَاجَعَتِهِمِ ومذاكرة⁣(⁣٣) بَعْضِهِم بَعْضاً ما كَرِهُوه مِمَّا كَسَبَهُم⁣(⁣٤) المَوْجِدَةَ. قُلْتُ: وَهُوَ كَلَامُ الخَلِيل، وكذَا في الصِّحَاح والمِصْبَاح والاقْتِطَافِ.

  والعِتْبُ بالكَسْرِ المُعَاتِبُ: صَاحِبَه أَوْ صَدِيقَه كَثِيراً في كُلِّ شَيْءٍ إِشْفَاقاً عليه ونَصِيحَةً لَه.

  والأُعْتُوبَةُ بالضّم: مَا تُعُوتِبَ بِه. يُقَالُ: بَيْنَهُم أُعْتُوبَةٌ يَتَعَاتَبُونَ بِهَا، وذَلِكَ⁣(⁣٥) إِذَا تَعَاتَبُوا أَصْلَحَ مَا بَيْنَهُم العِتَابُ.

  والمُعَاتَبَةُ: التّأْدِيبُ والتَّرْوِيضُ. ومِنْهُ الحَدِيثُ «عَاتِبُوا الخَيْلَ فإِنَّهَا تُعْتِبُ» أَي أَدِّبُوهَا وَرَوّضُوهَا لِلْحَرْبِ والرُّكُوبِ، فإِنَّهَا تَتَأَدَّبُ وتَقْبَلُ العِتابَ.

  والعُتْبَى بالضَّمِّ: الرِّضَا⁣(⁣٦) يُوضَع مَوْضِعَ الإِعْتَابِ، وَهُوَ الرُّجُوعُ عَنِ الإِسَاءَة إِلَى ما يُرْضِي العَاتِبَ.


(١) كذا في القاموس والاشتقاق قال: والشَّقِرَة نور يشبه الشقائق. وفي جمهرة ابن الكلبي: شَقْرَة، وهو شقرة بن ربيعة بن كعب بن ربيعة بن ثعلبة بن سعد بن ضبة.

وضبط العَظْمَش، وهو ابن الأعور بن عمرو بن عطية بن سالم بن عبد الله بن وائلة بن معاوية بن شقرة.

(٢) أخلاي: قصر ضرورة ليثبت ياء الإضافة، والرواية الصحيحة أخلاء بالمد، وحذف ياء الإضافة وموضع أخلاء نصب بالقول لأن قوله أرى الدهر يبقى متصل بقوله أقول وقد بكيت وأرى الدهر باقياً والأخلاء ذاهبين.

(٣) زيادة عن اللسان.

(٤) عن اللسان، وبالأصل «كسبتهم».

(٥) عبارة الصحاح: يقال إذا تعاتبوا أصلح ما بينهم العتاب.

(٦) العُتْبَى اسم على فُعْلَى.