تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل العين المهملة

صفحة 203 - الجزء 2

  واستَعْتَبَه: أَعْطَاهُ العُتْبَى كأَعْتَبه، يقال: أَعْتَبَه: أَعْطَاه العُتْبَى ورَجَع إِلى مَسَرَّتِهِ. قَالَ سَاعدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:

  شَابَ الغُرَابُ ولا فُؤَادُكَ تَارِكٌ ... ذِكْرَ الغَضُوبِ ولا عِتَابُك يُعْتَبُ

  أَي لا يُسْتَقْبَل بِعُتْبَى.

  وَتَقُولُ: قد أَعْتَبَنِي فُلَانٌ أَي تَرَكَ ما كُنْتُ أَجِدُ عَلَيْهِ من أَجْلِه وَرَجَع إِلَى ما أَرْضَانِي عَنْهُ بَعْد إِسْخَاطِه إِيَّايَ عَلَيْه.

  ورُوِي عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ [أنه]⁣(⁣١) قَالَ: «مُعَاتَبَةُ الأَخِ خَيْرٌ مِنْ فَقْدِهِ».

  قال: فإِنِ استُعْتِبَ الأَخُ فلم يُعْتِب فإِنَّ مَثَلَهُم فِيهِ كَقَوْلِهِم⁣(⁣٢): لك العُتْبَى بأَنْ لَا رَضِيتَ. قال الجوهريّ: هَذَا إِذَا لَمْ تُردِ⁣(⁣٣) الإِعْتَابَ قال: وهَذَا فِعْلٌ مُحَوَّلٌ عن مَوْضِعِه، لأَنَّ أَصْلَ العُتْبَى رُجُوعُ المُسْتَعْتِبِ⁣(⁣٤) إِلَى مَحَبَّةِ صَاحِبِه، وَهَذَا عَلَى ضِدِّه. ومِنْهُ قَوْلُ بِشْرِ بْنِ أَبِي خَازِم:

  غَضِبَتْ تَمِيمٌ أَنْ تُقَتَّلَ⁣(⁣٥) عَامِرٌ ... يومَ النِّسَارِ فأُعتِبُوا بالصَّيْلَمِ

  أَي أَعتَبْنَاهم بالسَّيْفِ، يَعْنِي أَرْضَيْنَاهم بالقَتْل. وقَالَ شَاعِرٌ:

  فدَعِ العتَابَ فَرُبَّ شَرٍّ ... هَاجَ أَوَّلُه العتَابُ

  وفي الحَدِيث «لا يُعَاتَبُونَ في أَنْفُسِهم» يَعْنِي لعِظَم ذُنُوبِهم وإِصْرَارِهم عَلَيْهَا وإِنَّمَا يُعَاتَبُ مَنْ تُرْجَى عِنْدَه العُتْبَى، أَي الرُّجُوعُ عَنِ الذَّنْبِ والإِسَاءَة، وَفِي المَثَلِ «ما مُسِيءٌ مَنْ أَعْتَبَ».

  واستَعْتَبَه: طَلَب إِلَيْه العُتْبَى أَوْ طَلَب مِنْه. تَقُولُ: استَعْتَبْتُه فأَعْتَبَنِي أَي استَرْضَيْتُه فأَرْضَانِي واسْتَعْتَبْتُه فَمَا أَعْتَبَنِي كَقَوْلِك: استَقَلْتُه فَمَا أَقَالِنِي. والاستِعْتَابُ: الاستِقَالَة. واستَعْتَبَ فُلَانٌ إِذَا طَلَب أَنْ يُعْتَبَ أَي يُرْضَى⁣(⁣٦).

  والمُعْتَبُ: المُرْضَى ضِدّ، وَفِي الحَدِيثِ «ولا بَعْدَ المَوْتِ مِنْ مُسْتَعْتَبٍ» أَي اسْتِرْضَاءٍ؛ لأَنَّ الأَعْمَالَ بَطَلَت وانْقَضَى زمَانُهَا ومَا بَعْدَ المَوْتِ دَارُ جَزَاءٍ لا دَارُ عَمَل. والاستِعْتَابُ: الرُّجُوعُ عَن الإِسَاءَة وتَطَلُّبُ الرِّضَا⁣(⁣٧). وبِالوَجْهَيْن فُسِّر قَوْلُ أَبِي الأَسْوَد:

  فأَلفَيْتُه غَيْرَ مُسْتَعْتِبٍ ... ولا ذَاكِرَ الله إِلَّا قَلِيلَا

  وأَعْتَبَ عَنِ الشَّيْءَ: انْصَرَفَ كاعْتَتَب. قَال الفَرَّاءُ: اعتَتَبَ فُلَانٌ إِذَا رَجَعَ عَنْ أَمْرٍ كَانَ فِيهِ إِلَى غَيْره، منْ قَوْلِهم: لَكَ العُتْبَى أَي الرُّجُوعُ ممَّا تَكْرَهُ إِلى ما تُحِبّ. ويُقَالُ في العَظْمِ المجْبُور: أُعْتِبَ فهو مُعْتَب كأُعْنتَ⁣(⁣٨) وهو التَّعْتَابُ، وأَصْلُ العَتْبِ الشِّدِّةُ، كَمَا تَقَدَّمَ.

  والعِتْبَانُ أَي بِالكَسْرِ: الذَّكَرُ مِنَ الضِّبَاعِ، عَنْ كُرَاع.

  أُمُّ عِتَاب كَكِتَابِ⁣(⁣٩) وأُمُّ عِتْبَان بالكَسْرِ كِلْتَاهُمَا الضَّبُعُ وقيل إِنَّمَا سُمِّيَت بِذَلِك لعَرَجِهَا. وقَال ابنُ سِيدَه: ولا أَحُقُّه.

  وعَتِيبٌ كأَمِير: قَبِيلَة، وفي أَنْسَابِ ابْنِ الكَلبِيّ حَيٌّ مِنَ اليَمَن، ولا مُنَافَاةَ، وَهُوَ عَتِيبُ بْنُ أَسْلَمَ بْن مَالِك بْنِ شَنُوءَة⁣(⁣١٠) بنِ تَدِيل وهم حَيٌّ كَانُوا في دِين مَالِكٍ؛ أَغَارَ عَلَيْهِم مَلكٌ مِنَ المُلُوك⁣(⁣١١) فَسَبَى الرِّجَالَ وأَسَرَهُم واستعْبَدَهم ف كَانُوا يَقُولُون إِذَا كَبِر، كفَرِح، صِبْيَانُنَا لَم يَتْركُونَا حَتَّى يَفْتَكُّونَا أَي يُخَلِّصُونَا من الأَسْرِ فلم يَزَالُوا عِنْدَه كَذَلِك حَتَّى هَلَكُوا وضُرِبَ بِهِم المَثَلُ لِمَنْ مَاتَ وَهُوَ مَغْلُوب فَقِيلَ: أَوْدَى عَتِيبٌ، وهَكَذَا في المُسْتَقْصَى ومَجْمَعِ الأَمْثَالِ ومِنْهُ قَوْلُ عَدِيِّ بْنِ زَيْد:

  تُرَجِّيها وقد وَقَعَتْ بِقُرٍّ ... كَمَا تَرْجُو أَصَاغِرَها عَتِيبُ


(١) زيادة عن اللسان.

(٢) عن اللسان، وبالأصل «قولهم».

(٣) في الصحاح «يُرِد» وينتهى قوله عند الأعتاب، وبقية العبارة «قال وهذا ... إلى محبة صاحبه» ليست في الصحاح المطبوع، وأثبتت في اللسان عن الجوهري.

(٤) عن اللسان، وبالأصل «المستغيث» وأشار إلى ذلك بهامش المطبوعة المصرية.

(٥) عن الصحاح، وبالأصل «يقتل».

(٦) اللسان: ليُرضى.

(٧) عبارة اللسان: والاستعتاب: طلبك إلى المسيء الرجوع عن إساءته.

(٨) عن اللسان، وبالأصل «كأتعب».

(٩) في نسخة ثانية من القاموس: عتاب ككَتَّان.

(١٠) عن اللسان، وبالأصل «شبوة».

(١١) عبارة التهذيب: وهم حيّ كانوا في دين ملكٍ أسرهم ...».