تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[عذب]:

صفحة 210 - الجزء 2

  هكَذَا في المُحْكَم والصَّحاح. وسَمع شَيْخُنَا عَن شَيْخِه، «لَبَّدَهُ النَّدَى» بَدَل «يَضْرِبُه النَّدَى»، والنَّدَى الأَول: المَطَرُ الخَفيفُ: والثَّانِي بِمَعْنَى الشَّحْم، وأَنْشَدَ الأَزْهَرِيّ:

  وأَقْفَرَ المُودِسُ مِنْ عَدَابِهَا

  يَعْنِي الأَرْضَ الَّتِي قد أَنْبَتَتْ أَوَّل نَبْت ثُمَّ أَيْسَرَت.

  وعَدَابٌ: ع.

  والعَدَابَةُ، كسَحَابَةٍ: الرَّحِمُ، قال الفَرَزْدَقُ:

  وكُنْتُ كَذَاتِ العَرْكِ⁣(⁣١) لَمْ تُبْقِ مَاءَهَا ... ولا هِيَ مِنْ مَاءِ العَدَابَةِ طَاهِرُ

  وقد رُوِيت العَذَابَة بالذَّالِ المُعْجَمَة وهَذَا البَيْتُ أَوْرَدَه الجَوْهَرِيّ:

  وَلَا هيَ ممَّا بِالْعَدَابَةِ طَاهِرُ.

  قال ابن مُكَرَّم: وكَذِلِكَ وَجَدْتُه فِي عِدِّة نُسَخٍ. قُلْتُ: وَجَدْتُ أَيْضاً في هَامِش نُسْخَتِي مِنْ لِسَانِ الْعَرَب: والعَدَابَة: مَاءُ الرَّحِم، والعَدَابَةُ: الرَّكَبُ، مُحَرَّكَةً: مَنْبِتُ الْعَانَةِ، وقَدْ تَقَدَّمَ، ولَمْ يَذْكُره غَيْرُ المُؤَلِّف. قُلْتُ: ويُمْكِنُ أَنْ يُفَسَّر بِهِ البَيْتُ السَّابِقُ عَلَى رِوَايَةِ الجَوْهرِيّ.

  والعَدُوبُ، كَصَبُور: الرَّمْلُ الكَثِيرُ.

  وقَالَ الأَزْهَرِيُّ: العُدَبِيُّ كعُرَنِيٍّ مِنَ الرِّجَالِ: الكَرِيمُ الأَخْلَاقِ أَوْ مَن لَا عَيْبَ فِيهِ، قال كَثِيرُ بْنُ جَابِرٍ المُحَارِبِيُّ لَيْسَ كُثَيِّر عَزَّةَ:

  سَرَتْ مَا سَرَت⁣(⁣٢) فِي لَيْلِهَا ثُمَّ عَرَّسَتْ ... إِلَى عُدَبِيّ ذِي غَنَاءٍ وذِي فَضْلِ

  قَالَ ابْنُ مَنْظُور: وهَذَا الحَرْفُ ذَكَرَه الأَزْهَرِيّ في تَهْذِيبِه هُنَا في هَذِه التَّرْجَمَة وذَكَرهُ الجَوْهَرِيُّ في صَحَاحِه في تَرْجَمَة عَذَب، بِالذَّال المعجمة⁣(⁣٣).

  [عذب]: العَذْبُ مِنَ الطَّعَامِ والشَّرَابِ، وفي بَعْضِ النُّسَخ تقديمُ الشَّرَابِ عَلَى الطَّعَام: كُلُّ مُسْتَسَاغٍ.

  والعَذْبُ: المَاءُ الطَّيِّبُ. مَاءَةٌ⁣(⁣٤) عَذْبَةٌ ورَكِيَّةٌ عَذْبَةٌ. وفي القُرْآنِ: {هذا عَذْبٌ فُراتٌ}⁣(⁣٥) وعَذُبَ المَاءُ يَعْذُبُ عُذُوبَة فهو عَذْبٌ، طَيِّبٌ والجَمْعُ عِذَابُ، بالكَسْرِ وعُذُوبٌ، بالضَّمِّ. قَالَ أَبُو حَيَّة النُّمَيْرِيّ:

  فَبَيَّتْنَ مَاءً صَافِياً ذَا شَرِيعَةٍ ... لَهُ غَلَلٌ بَيْنَ الإِجَامِ عُذُوبُ

  قال ابْنُ مَنْظُور: أَرَادَ بِغَلَلٍ الجنْسَ، فَلِذَلك جَمَعَ الصِّفَةَ. وَفِي حَدِيث الحجَّاجِ «مَاءٌ عِذَابٌ». يُقَالُ مَاءَةٌ عَذْبَةٌ، وَمَاءٌ عِذَابٌ، عَلَى الجَمْعِ؛ لأَنَّ المَاءَ جِنْسٌ لِلْمَاءَةِ.

  والعَذْبُ والعُذُوبُ، بالضَّمِّ: تَرْكُ الرَّجُلِ والحِمَارِ والْفَرَسِ الأَكْل مِنْ شِدَةِ العَطَشِ فهو لَا صَائِمٌ ولا مُفْطر، وهو عَاذِبٌ، والجَمْعُ عُذُوبٌ بالضَّمّ، وعَذُوبٌ، كَصَبُور، والجَمْع عُذُبٌ، بِضَمَّتَيْنِ. ويُقَالُ لِلْفَرسِ وغَيْرِه: بَاتَ عَذُوباً، إِذَا لَمْ يَأْكُلْ شيئاً ولم يَشْرَبْ، قَالَ الأَزْهَرِيُّ: القَوْلُ في العَذُوبِ والعَاذِبِ أَنه الذِي لَا يَأْكُلُ ولا يَشْرَبُ أَصْوَبُ مِنَ القَوْلِ في العَذُوفِ⁣(⁣٦) أَنَّه الَّذِي يَمْتَنِع عَنِ الأَكْلِ لِعَطَشِه.

  وأَمَّا قَوْلُ أَبِي عُبَيْد: وجَمْعُ العَذُوبِ عُذُوبٌ فخَطَأٌ، لأَنَّ فَعُولاً لا يُكَسَّر⁣(⁣٧) عَلَى فُعُولِ. قُلْتُ: هُوَ مِنْ غَرَائِبِ اللُّغَةِ وفَوَائِد الأَشْبَاهِ والنَّظَائِر وَمَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ على مَن لم يَحْفَظ.

  ثُم قَالَ: والعَاذِبُ مِنْ جَمِيع الْحَيَوانِ: الَّذِي لَا يَطْعَمُ شَيْئَاً، وقد غَلَب عَلَى الخَيْلِ والإِبِلِ، والجَمْع عُذُوبٌ كَسَاجِدٍ وسُجُود. وقَالَ ثَعْلَب: العَذُوبُ مِنَ الدَّوَابِّ وغَيْرِهَا: القَائِمُ الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَه فلا يَأْكُلُ ولا يَشْرَبُ، وكذَلِكَ العَاذِبُ والجَمْع عُذُبٌ. والعَاذِبُ: الذِي يَبِيتُ لَيْلَة⁣(⁣٨) لَا يَطْعَمُ شَيْئاً.

  والعَذْبُ: المَنْعُ، كالإِعْذَابِ والتَّعْذِيبِ، عَذَبَه عَنْه عَذْباً، وأَعْذَبَه إِعْذَاباً، وعَذَّبَه تَعْذِيباً: مَنَعَه وفَطَمَه عَنِ الأَمْرِ، وكُلُّ مَنْ مَنَعْتَه شَيْئاً فَقَد أَعْذَبْتَه وعَذَّبْتَه. والعَذْبُ:


(١) ويروى: «كذات الحيض» والبيت ليس في ديوانه.

(٢) اللسان، والصحاح «عذب» والمجمل: من ليلها.

(٣) في المطبوعة الكويتية: «المعجمة» تحريف.

(٤) عن اللسان وبالأصل «ماء» وسترد صواباً بعد أسطر.

(٥) سورة الفرقان الآية ٥٣.

(٦) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله العذوف كذا بخطه مصلحة بعد أن كانت عذوب وقد راجعت في مادة ع ذ ف اللسان والقاموس والصحاح فلم أجد فيها العذوف بهذا المعنى والذي فيها باتت الدابة على غير عذوف يعني على غير أكل وشرب».

(٧) في المطبوعة الكويتية: «يُكْسَّر».

(٨) في اللسان: «ليلَهُ».