تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل العين المهملة مع اللام

صفحة 473 - الجزء 15

  عِدْلُ غُلامِك أَي مِثْله، وعَدْلَه، بالفتحِ، لا غَيْر، قيمتُه.

  وقَرأَ ابنُ عامِرٍ: أَو عِدْلُ ذلِكَ صِياماً بكَسْر العَيْن، وقَرَأَها الكِسَائيّ وأَهْلُ المدِينَةِ بالفتحِ.

  والعَدْلُ الكَيْلُ، وقيلَ: الجَزاءُ، وأَيْضاً الفَريضَةُ وبه فسَّرَ ابنُ شُمَيْلٍ الحدِيثَ «لا يُقْبَل منه صَرْفٌ ولا عَدْلٌ».

  ويقالُ: هو النَافِلَةُ، وقيلَ: هو الفِداءُ إذا اعْتُبِرَ فيه معْنَى المُسَاوَاة، ومنه قوْلُه تعالَى: {وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ}⁣(⁣١) {مِنْها}، أَي تَفْدِ كُلَّ فِداءٍ، وكذا قَوْلُه تعالَى: {أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً}، كما في الصِّحاحِ. وكانَ أَبو عُبَيْدَةَ يقولُ: وإنْ تُقْسِطْ كلَّ إقْساط لا يُقْبَلْ منها، قالَ الأَزْهَرِيُّ وهذا غلطٌ فاحِشٌ وإقْدامٌ من أَبي عُبَيْدَةَ على كتابِ اللهِ تعالَى، والمعْنَى فيه لو تَفْتدي بكلِّ فداءٍ لا يُقْبَل منها الفِداءُ يومَئِذٍ.

  ويقالُ: العَدْلُ السَّوِيَّةُ.

  وقالَ ابنُ الأعْرَابيِّ: العَدْلُ الاسْتِقامَةُ.

  وعَدْلٌ، بِلا لامٍ: رجُلٌ من سعْدِ العَشِيرَة. وقالَ ابنُ السِّكِّيت: هو العَدْلُ بنُ جَزْء بنِ سَعْدِ العَشِيرَة، هكذا وَقَعَ في الصِّحاحِ، والصَّوابُ: من سَعْدِ العَشِيرَةِ واخْتُلِف في اسمِ وَالِدِه، فقيلَ: هو جَزْء هكذا بالهَمْزَةِ كما وَقَعَ في نسخِ الإصْلاحِ لابنِ السِّكِّيت ومِثْلُه في الصِّحاح، وفي جَمْهَرَةِ الْأَنْسابِ لابنِ الكَلْبي: هو العَدْلُ بنُ جُرَّ بضمِ الجيمِ والرَّاء المُكَرَّرَةِ، وكانَ ولِيَ شُرْطَةَ تُبَّع فإذا أُرِيدَ قَتْلُ رَجُلٍ دُفِعَ إليه، ونصُّ الصِّحاحِ: وكان تَبَّع إذا أَرَادَ قَتْل رَجُلٍ دَفَعَه إليه فقيلَ بعْدَ ذلِكَ لكُلِّ ما يُئِسَ منه وُضِعَ على يَدَيْ عَدْلٍ.

  والعِدْلُ، بالكسر: نِصْفُ الحِمْل يكونُ على أَحَدِ جَنْبَي البَعِيرِ.

  وقالَ الأَزْهَرِيُّ العِدْلُ اسمُ حِمْل مَعْدُولٍ بحِمْلٍ أَي مُسَوًّى به، ج أَعْدالٌ وعُدولٌ، عن سِيْبَوَيْه، ومن ذلِكَ تقولُ في عدولِ قَضاءِ السّوءِ: ما هم عُدولٌ ولكن عُدول وعَديلُكَ مُعادِلُكَ في المَحْمل. وقالَ الجوْهَرِيُّ: العَدِيلُ الذي يُعادِلك في الوَزْن والقَدر.

  قالَ ابنُ بَرِّي: لم يَشْترِط الجوْهَرِيُّ في العَدِيل أن يكونَ إنْساناً مِثْله، وفَرَق سِيْبَوَيْه بَيْن العَدِيلِ والعِدْل فقالَ: العَدِيلُ ما عادَلَك من الناسِ، والعِدْل لا يكونُ إلَّا للمَتاعِ خاصَّة، فبَيَّن أَنَّ عَدِيل الإنْسان لا يكون إلَّا إنْساناً مِثْله، وأنَّ العِدْل لا يكون إلَّا للمَتاع خاصَّة.

  ويقالُ: شَرِبَ حتى عَدَّلَ أَي صَارَ بَطْنُه كالعِدْل، بالكسرِ، وامْتَلَأ عن أَبي عَدْنان.

  قالَ الأَزْهَرِيُّ: وكذلِكَ حتى عَدَّنَ وأَوَّنَ بمعْناه.

  والاعْتِدالُ: تَوَسُّطُ حالِ بَيْن حالَيْن في كَمٍّ أَو كَيْفٍ، كقَوْلِهم جِسْمٌ مُعْتَدِلٌ بَيْن الطُّول والقِصَر، وماءٌ مُعْتَدِلٌ بين البارِدِ والحارِّ، ويومٌ مُعْتَدِلٌ طيِّب الهواءِ ضِدُّ مُعْتَذِل، بالذالِ المعْجمةِ. وكُلُّ ما تَناسَبَ فقد اعْتَدَلَ وكُلُّ ما أَقَمْتَهُ فقد عَدَلْتَهُ بالتَّخْفيفِ، وعَدَّلْتَهُ بالتَّشْديدِ، وزَعَموا أَنَّ عُمَرَ بن الخَطَّاب، ¥، قالَ: «الحمدُ للهِ الذي جَعَلَني في قَوْمٍ إذا مِلْتُ عَدَلُوني كما يُعْدَل السَّهْم في الثِّقافِ»، أَي قَوَّمُوني، وقالَ الشاعرُ:

  صَبَحْتُ بها القَوْمَ حتى امْتَسَكْ

  تُ بالأَرْض، أَعْدِلُها أَن تَمِيلا⁣(⁣٢)

  وقولُه تعالَى: {فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ}⁣(⁣٣) {رَكَّبَكَ}، قُرِئَ بالتّخْفيفِ وبالتَّثْقيلِ، فالأُولى قِرَاءَةُ عاصِمٍ والأخْفَشِ، والثانِيَةُ قِرَاءَة نافِعٍ وأَهْل الحجازِ.

  قالَ الفرَّاءُ: من خَفَّفَ فَوَجْهُه، واللهُ أَعْلم، فَصَرَفَك إلى أَيِّ صُورةٍ ما شاءَ: إمَّا حَسَنٍ وإمَّا قَبيحٍ، وإمَّا طَويلٍ، وإمَّا قَصِيرٍ، وقيلَ: أَرَادَ عَدَلَك مِن الكُفْر إلى الإيْمانِ وهي نَعْمةٌ.

  قالَ الأَزْهَرِيُّ: والتَّشْديدُ أَعْجبُ الوَجْهَيْن إلى الفرَّاءِ وأَجْوَدُهما في العَرَبيةِ، والمعْنَى: فَقَوَّمَك وجَعَلَك مُعْتدلاً مُعَدَّلَ الخَلْق، وقد قالَ الفرَّاءُ⁣(⁣٤) في قِرَاءَةِ مَن قَرَأَ بالتَّخْفِيف


(١) سورة الأنعام الآية ٧٠.

(٢) اللسان والمقاييس ٤/ ٢٤٧.

(٣) الانفطار الآيتان ٧ و ٨.

(٤) الذي في التهذيب واللسان: «وقد قال غير الفراء».