تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل العين المهملة مع اللام

صفحة 518 - الجزء 15

  فَعُولن فلا بُدَّ من أَنْ يَبْقَى فيه غَيْر مَعْلُولٍ، وكذلِكَ اسْتَعْمَله في المُضَارِعِ فقالَ: أُخِّر المُضارِعُ في الدَّائِرةِ الرَّابعَةِ لأَنَّه وإِن كانَ في أَوَّلهِ وَتِدٌ فهو مَعْلُولُ الأَوَّلِ، وليسَ في أَوَّلِ الدَّائِرَةِ بَيْتٌ مَعْلُولُ الأَوَّل، وأَرَى هذا إِنَّما هو على طَرْحِ الزَّائدِ كأَنَّه جاءَ على عُلَّ وإِن لم يُلْفَظ به وإِلَّا فلا وَجْه له، والمُتَكَلِّمُونَ يقولونَها⁣(⁣١) ويَسْتَعْملونَها في مِثْلِ هذا كَثِيراً، قالَ: وبالجملَةِ ف لَسْتُ منه عَلَى ثِقَةٍ ولا على ثَلَجِ لأَنَّ المعْرُوفَ إِنَّما هو أَعَلَّه اللهُ فهو مُعَلٌّ إِلَّا أَنْ يكونَ على ما ذَهَبَ إِليه سيْبَوَيْه من قولِهم مَجْنُون ومَسْلُول، من أَنَّه جاءَ على جَنَنْته وسَللته، وإن لم يُسْتَعْملا في الكَلامِ اسْتُغْنِي عنهما بأَفْعَلْت. قالَ: وإِذا قالُوا جُنَّ وسُلَّ فإِنَّما يقُولُون جُعِلَ فيه الجُنُون والسِّلُّ كما قالُوا حُزِنَ وفُسِلَ.

  والعِلَّةُ أَيْضا: الحَدَثُ يَشْغَلُ صاحِبَهُ عن وجهِهِ، كما في الصِّحاحِ والعُبَابِ، وفي المحْكَمِ: عن حاجَتِهِ، كأَنَّ تلك العِلَّة صارَتْ شُغْلاً ثانياً مَنَعَه عن شُغْله الأَوَّلِ. وفي حدِيثِ عاصِمِ بنِ ثابِتٍ: «ما عِلَّتي وأَنَا جَلْدٌ نَابلٌ؟» أَي ما عُذْرِي في تَرْكِ الجهادِ ومَعي أُهْبة القِتالِ، فوضَعَ العِلَّةَ مَوْضِع العُذْرِ، ومنه المَثَلُ: لا تَعْدَمُ خَرْقاءُ عِلَّةً، يقالُ: هذا لكلِّ مُعْتَذِرٍ مُقْتَدِرٍ، أَي لِكلِّ من يَعْتَلُّ ويَعْتذرُ وهو يَقْدِرُ.

  وقد اعْتَلَّ الرجُلُ عِلَّةً صعْبَةً، وهذه عِلَّتُهُ أَي سَبَبُه⁣(⁣٢).

  وفي المحْكَمِ: وهذا عِلَّةٌ لهذا، أَي سَبَبٌ له. وفي حدِيثِ عائِشَةَ: «فكانَ عبدُ الرَّحْمن يَضْرِب رِجْلِي بِعِلَّة الرَّاحِلَة» أَي بسَبَبِها، يُظْهِر أَنَّه يَضْرِب جَنْب البَعيرِ برِجْلِهِ وإنَّما يَضْرِبُ رِجْلِي.

  وعِلَّةُ بنُ غَنْمٍ بنِ سَعْدِ بنِ زيْدٍ بَطْنٌ في قُضاعَةَ أَحدُ رِجَالات العَرَبِ.

  وقولُهُم على عِلَّاتِه، بالكسرِ، أَي على كلِّ حالٍ، قالَ زُهيرُ:

  إِنَّ البَخِيلَ مَلُومٌ حيثُ كانَ ولَ

  كِنَّ الجَوَادَ على عِلَّاتِه هَرِمُ⁣(⁣٣)

  قد بَلَوْناه على عِلَّاتِه

  وعلى المَيْسُورِ منه والضُّمُرْ⁣(⁣٤)

  والمُعَلِّلُ، كمُحَدِّثٍ: دافِعُ جابِي الخَراجِ بالعِلَلِ، كما في المحْكَمِ. وأَيْضاً: من يَسْقِي مَرَّةً بعدَ مَرَّةٍ، كما في الصِّحاحِ، وأَيْضاً: مَنْ يَجْنِي الثَّمَر مَرَّةً بعدَ مَرَّةٍ، كما في الصِّحاحِ.

  ومُعَلِّلٌ: يومٌ من أَيامِ العَجوزِ السَّبْعة التي تكونُ في آخِر الشِّتاءِ لأَنَّه يُعَلِّل الناسَ بشيءٍ من تَخْفِيفِ البَرْد، وهي: صِنٌّ وصِنَّبْرٌ ووَبْرٌ ومُعَلِّلٌ ومُطْفئُ الجَمْر وآمِرٌ ومُؤْتَمِر، وقيلَ: إنّما هو مُحَلّل وقد تقدَّمَ ذلِكَ مِرَاراً.

  وعَلَّ، هذا هو الأصْل ويُزادُ في أَوْلِها لامٌ تَوْكيداً، هكذا قالَهُ بعضُ النَّحويِّيْن، وأَمَّا سِيْبَوَيْه فجَعَلَهما حَرْفاً واحِداً غَيْر مَزِيدٍ: كَلِمَةُ طَمَعٍ وإِشْفاقٍ، ومعْناها التَّوَقُّع لمرجوٍّ أَو مَخُوف، وهو حَرْفٌ مِثْل إنَّ ولَيْتَ وكأَنَّ ولكِنَّ إلَّا أَنَّها تَعْمَل عَمَلَ الفِعْل لشبههنَّ له فتَنْصِب الاسمَ وتَرْفَع الخَبَر كما تَعْمَل كانَ وأَخَواتُها من الأَفْعالِ، وبعضُهم يخفِضُ ما بعْدَها فيقولُ: لَعَلَّ زيدٍ قائمٌ، وعَلَّ زيدٍ قائمٌ، سَمِعَه أَبو زَيْدٍ من بَنِي عُقَيْل، وفيه لُغاتٌ تُذْكَرُ في «ل ع ل» قَرِيباً.

  واليَعْلُولُ: الغَديرُ الأَبيضُ المُطَّرِّدُ، نَقَلَه الصَّاغانيُّ عن الأَصْمَعِيّ.

  وقالَ السُّهَيْليُّ في الرَّوضِ: اليَعالِيلُ الغدْرَان، واحِدُها يَعْلُول لأَنَّه يعلُّ الأَرْضَ بمائِهِ.

  واليَعالِيلُ: الحَبابُ، أَي حَبابُ الماءِ واحِدُه يَعْلُول، كما في المحْكَمِ.

  ويقالُ: اليَعالِيلُ نُفَّاخاتٌ تكونُ فَوْقَ الماءِ، كما في الصِّحاحِ، زادَ غيرُه، من وَقْع المَطَرِ، وأَنْشَدَ الصَّاغانيُّ لكَعْبِ بنِ زُهَيْرٍ، رَضِيَ اللهُ تعالَى عنه:

  تنفي الرياحُ القذى عنه وأَفْرَطَهُ

  مِنْ صَوْبِ ساريةٍ بيضٌ يَعالِيل⁣(⁣٥)

  ويُرْوَى: تَجْلُو. ورَوَى الأَصْمَعِيُّ: مِنْ نَوءِ ساريةٍ.


(١) على هامش القاموس عن نسخة أخرى: يستعملونها.

(٢) على هامش القاموس: هذا بناء منه على ترادف العلّة والسبب اه، قرافي.

(٣) ديوانه ط بيروت ص ٩١ واللسان والصحاح.

(٤) من قصيدة مفضلية للمرار بن منقذ العدوي رقم ١٦ بيت رقم ١٧ وفيه وعلى التيسير منه.

(٥) من قصيدته بانت سعاد، وعجزه في اللسان.