تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الفاء مع اللام

صفحة 575 - الجزء 15

  دِيَّةِ الإصْبَع»؛ يُريدُ مَفْصِل الأَصابِعِ، وهو ما بين كلِّ أَنْمُلَتَيْن.

  والمَفاصِلُ: الحِجارَةُ الصُّلْبَةُ المُتَراكِمَةُ المُتَراصِفَةُ.

  وقيلَ: المَفاصِلُ ما بينَ الجَبَلَيْنِ.

  وقيلَ: هي منْفصَلُ الجَبَلِ يكونُ بَيْنهما من رَمْلٍ ورَضْراضٍ وحَصىً صِغارٍ فَيرِقُّ ويَصْفُو ماؤُهُ، وبه فَسَّر الأَصْمَعيُّ قوْلَ أَبي ذُؤَيْبٍ:

  مَطافِيلَ أَبْكار حديثٍ نِتاجُها

  يُشابُ بماءٍ مِثْل ماءِ المَفاصِلِ⁣(⁣١)

  وأَرادَ صَفَاءَ الماءِ لانْحدَارِهِ مِن الجِبالِ لا يمرُّ بتُرابٍ ولا بطِيْن.

  وقالَ أَبو عُبَيْدَةَ: مَفاصِلُ الوادِي: المَسايلُ.

  وقالَ أَبو عَمْرٍو: المَفاصِلُ في البيْتِ مَفاصِلُ العِظامِ، شَبَّه ذلِكَ الماءَ بماءِ اللَّحْمِ، كذا في العُبَابِ.

  ونَقَلَ السُّكَّريُّ عن ابنِ الأَعْرَابيِّ ما يَقْربُ مِن ذلِكَ قالَ: هو ماءُ اللَّحْمِ الذي يَقْطرُ منه، فشَبَّه حُمْرة الخَمْر بذلِكَ.

  وفي التهْذِيبِ: المَفْصِل كلُّ مَكانٍ في الجَبَلِ لا تطْلعُ عليه الشمْسُ، وأَنْشَدَ بيتَ الهُذَليّ.

  وقالَ أَبو العميثلِ: المَفاصِلُ صُدوعٌ في الجِبالِ يَسيلُ منها الماءُ، وإنَّما يقالُ لمَا بينَ الجَبَلَيْن الشِّعْبُ.

  والمِفْصَلُ، كمِنْبرٍ: اللِّسانُ، قالَ حسَّانُ، ¥:

  كِلْتاهما حَلَب العَصِير فعَاطِني

  بزُجاجةٍ أَرْخاهما للمِفْصَلِ⁣(⁣٢)

  والفَيْصَلُ، كحَيْدَرٍ، والفَيْصَلِيُّ، بزِيَادَةِ الياءِ وهذه عن ابنِ عبَّادٍ: الحاكِمُ لفَصْلِه بينَ الحقِّ والباطِلِ.

  قالَ شيْخُنا: وفي شرْحِ المفْتاحِ للسَّيِّدِ ما يَقْتَضِي أَنَّه أُطْلِقَ عليه مَجازاً مُبالَغَة، وأَصْلُه القَضاءُ الفاصِلُ بينَ الحقِّ والباطِلِ. ورجُلُ فَصَّالٌ، كشَدَّادٍ: مَدَّاحُ النَّاسِ ليَصِلوهُ، وهو دَخِيلٌ، كما في العُبابِ.

  وسَمَّوْا فَصْلاً منهم: فَصْلُ بنُ القسمِ عن سُفْيان عن زبيد عن مُرَّةَ، وعنه يَعْقوبُ بنُ يَعْقوب.

  وفَصِيلاً، كأَميرٍ: وسَيَأْتي في آخِرِ الحَرْف مَنْ تَسمَّى كَذلِكَ.

  وأَبو الفَصْلِ البَهْرانيُّ: شاعِرٌ، له ذِكْرٌ، كما في العُبابِ والتَّبْصيرِ.

  والفُصَلُ، كزُفَرَ واحِدٌ، أَي فَرْدٌ في الأَسْماءِ، والصَّوابُ أَنَّه بالقافِ إجْماعاً، وبالفاءِ غَلَطٌ صَرِيحٌ، وما أَدْرِي مَنْ ضَبَطَه بالفاءِ، وهو رجُلٌ مِن جُهَيْنَةَ، ابنُ عَمِّ عُمَيْر بنِ جُنْدَب، له خَبَرٌ وذُكِرَ في كتابِ «مَنْ عاشَ بعدَ المَوْت»، كما سَيَأْتي ذلكَ للمصنِّفِ في «ق ص ل». رَوَيْنا⁣(⁣٣) بالسَّنَدِ المُتَّصِل عن إسْمعيلَ بنِ أَبي خالِدٍ الكُوفيّ الحافِظ الطَّحان المُتَوفي سَنَة ١٤٦. رَوَى عن ابنِ أَبي أَوْفَى وأَبي جَحيفَةَ وقَيْسٍ، وعنه شعْبَةُ وعُبَيْدُ اللهِ وخَلْقٌ، كذا في الكاشِفِ للذَّهبيِّ.

  وقالَ ابنُ حَبَّان: كُنْيَتُه أَبو عبدِ اللهِ كُوفيٌّ، واسْمُ أَبي خالِدٍ سَعْدٌ البَجْليُّ، وقيلَ: هرمزٌ مَوْلَى بَجِيْلة، يَرْوِي عن ابنِ أَبي أَوْفَى وعَمْرِو بنِ حُرَيْث وأَنَسِ بنِ مالِكٍ، وكان شيخاً صالحاً. قالَ: ماتَ عُمَيْرُ بنُ جُنْدَبٍ، رجُلٌ من جُهَيْنَةَ وهو ابنُ عَمٍّ له، قُبَيْلَ الإسْلامِ فجَهَّزُوهُ بِجَهازِهِ إذ كَشَفَ القِناعَ عن رأْسِه فقالَ أَيْنَ القُصَلُ؛ والقُصَلُ أَحَدُ بَني عَمِّه، قالوا: سُبْحان اللهِ مَرَّ آنِفاً، فما حاجَتُك إليه؟ فقالَ

  أَتَيْتُ فقيلَ لي لأُمِّك الهَبَلْ

  أَلا تَرى إلى حُفَرَتِكَ تُنْثَلْ⁣(⁣٤)

  وقد كادَتْ أُمُّك تَثْكَلُ

  أَرَأَيْتَ إنْ حَوَّلْناك إلى مُحَوَّلْ

  ثم غُيِّبَ في حُفْرَتِكَ القُصَلْ


(١) ديوان الهذليين ١/ ١٤١ واللسان والتهذيب والمقاييس ٤/ ٥٠٦ وعجزه في الصحاح.

(٢) ديوانه ط بيروت ص ١٨١ واللسان.

(٣) على هامش القاموس عن نسخة أخرى: «رَوَيْنَاهُ».

(٤) على هامش القاموس عن نسخة أخرى «تُنْتَشَلْ» ومثلها في التكملة «فصل».