تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الكاف مع اللام

صفحة 662 - الجزء 15

  أَو الكَلالَةُ: مَن تَكَلَّلَ نَسَبُهُ بنَسَبِكَ كابنِ العَمِّ وشِبهِهِ، كذا نَصُّ المحْكَمِ.

  وفي الصِّحاحِ: ويقالُ: هو مَصْدر من تَكَلَّله النَّسبُ أَي تَطَرَّفه كأَنَّه أَخَذَ طَرَفَيْه. مِن جهةِ الوَلَدِ والوَالدِ وليسَ له منهما أَحدٌ، فسُمِّي بالمَصْدر.

  أَو هي الُأخُوَّةُ للُأمِّ، بضمِ الهَمْزَة والخاءِ وتَشْديدِ الواوِ المَفْتُوحة، كذا في النسخِ؛ والذي في المحْكَمِ: قيلَ: هم الإخْوةُ للُأمِّ، وهو المُسْتَعْمل، والعَرَبُ تقولُ: لم يَرِثْه كَلالَةً أَي لم يَرِثه عن عُرُض بل عن قُرْب واسْتِحْقاق؛ قالَ الفَرَزْدقُ.

  ورِثْتم قَناةَ المُلْك غيرَ كَلالةٍ

  عن ابْنَيْ مَنافٍ عبدِ شمسٍ وهاشِم⁣(⁣١)

  قالَ الأَزْهَرِيُّ: ذَكَرَ اللهُ الكَلالَةَ في سُورَةِ النِّساءِ في مَوْضِعَيْن:

  أَحَدُهما: قوْلُه: {وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ}⁣(⁣٢). والمَوْضعُ الثاني في كتابِ اللهِ قوْلُه: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ}⁣(⁣٣)، الآية؛ فجَعَلَ الكَلالَةَ هنا الأُخْت للأَب والأُمِّ والإِخْوَة للأَب والأُمِّ، فجَعَلَ للأُخْت الواحِدَة نِصْفَ ما تَرَكَ المَيِّتُ، وللأُخْتَين الثُّلُثين، وللإِخْوَة والأَخَوات جَمِيع المَالِ بَيْنهم، {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}، وجَعَلَ للأَخ والأُخْت مِن الأُمِّ في الآيةِ الأُوْلى، الثُّلُث لكلِّ واحدٍ منهما السُّدُس، فبيَّنَ بسِياقِ الآيَتَيْن أَنَّ الكَلالَةَ تَشْتَمل على الإِخْوة للأُمِّ مرَّةً، ومرَّةً على الإِخْوة والأَخَوات للأُمِّ والأَب، ودَلَّ قَوْلُ الشاعِرِ أَنَّ الأَب ليسَ بكَلالَةٍ، وأَنَّ سائِرَ الأَوْلياءِ مِن العَصَبة بعْدَ الوَلدِ كَلالةٌ، وهو قَوْلُه:

  فإنَّ أَبا المَرْء أَحْمَى له

  ومَوْلَى الكَلالَةِ لا يَغْضَب⁣(⁣٤)

  أَرادَ: أنَّ أَبا المَرْء أَغْضَب له إذا ظُلِم، ومَوَالي الكَلالَةِ، وهم الإِخْوة والأَعْمام وبَنُو الأعْمام وسَائِر القَرَابات، لا يَغْضَبونَ للمَرْء غَضَب الأَب.

  أَو الكَلَالَةُ: بَنُو العَمِّ الأَباعِدُ، عن ابنِ الأَعْرَابيِّ.

  وحُكِي عن أَعْرابيٍّ أَنَّه قالَ: مالي كثيرٌ ويَرِثُني كَلالَةٌ مُتَراخٍ نَسَبُهم.

  أَو الكَلالَةُ مِن القَرَابةِ: ما خَلا الوالدَ والولَدَ، نَقَلَه الأَخْفَش عن الفرَّاءِ قالَ: سموا كَلالَة لاسْتِدارَتِهم بنَسَبِ المَيِّت الأَقْرَب، فالأَقْرَب مَن تَكَلله النَّسَب إذا اسْتدَارَ به، قالَ: وسَمِعْته مرَّةً يقولُ: الكَلالَةُ مَنْ سَقَط عنه طَرَفَاه، وهما أَبوه ووَلَده، فصَارَ كَلًّا وكَلالَةً أَي عِيالاً على الأَصْل، يقولُ: سَقَط مِن الطَّرَفَيْن فصَارَ عِيالاً عليهم؛ قالَ: كَتَبْته حفْظاً عنه، كذا في التّهْذِيبِ.

  أَو هي من العَصَبَةِ مَنْ وَرِثَ منه الإخْوَةُ للأُمِّ، ونَصُّ اللّحْيانيّ: مَن وَرِث معه الإِخْوة مِن العَمِّ⁣(⁣٥) وقد سَبَقَ قَرِيباً عن الأَزْهَرِيّ ما يفسِّرُه، فهذه أَقْوالٌ سَبْعة في بَيانِ معْنَى الكَلالَةِ.

  ورَوَى المنْذرِيُّ بسَنَده عن أَبي عُبَيْدَةَ أَنَّه قالَ: الكَلالَةُ مَن لم يَرِثه وَلَدٌ أَو أَبٌ أَو أَخٌ ونَحْو ذلِكَ.

  وقالَ ابنُ بَرِّي: اعلم أَنَّ الكَلالَةَ في الأَصْل هي مَصْدر كَلَّ المَيِّت يَكِلُّ كَلًّا وكَلالَةً، فهو كَلٌّ إذا لم يخلِّفْ وَلَداً ولا والداً يَرِثاه⁣(⁣٦)، هذا أَصْلُها، قالَ: ثم قد تَقَعُ الكَلالَةُ على العَيْن دُوْن الحدَثِ، فتكونُ اسمْاً للمَيِّت المَوْرُوث، وإن كانت في الأصْلِ اسْماً للحَدَثِ على حَدِّ قوْلِهم: {هذا خَلْقُ اللهِ} أَي مَخْلوق اللهِ؛ قالَ وجازَ أَنْ تكونَ اسْماً للوَارِث على حدِّ قوْلِهم: رجُلٌ عَدْل أَي عَادِل، وماءٌ غَوْر أَي غائِرٌ؛ قالَ: والأَوَّل هو اخْتِيار البَصْرِيِّين مِن أَنَّ الكَلالَةَ اسمٌ للمَوْرُوث، قالَ: وعليه جَاءَ التفْسِير في الآيةِ: إِنَّ الكَلالَةَ الذي لم يخلِّف وَلداً ولا والداً فإذا جَعَلْتها للمَيِّت كان انْتِصابها في الآيةِ على وَجْهَيْن:

  أَحَدُهما أَنْ تكونَ خَبَرَ كان تقْدِيرُه: وإِن كانَ المَوْرُوث كَلالَةً أَي كَلًّا ليسَ له وَلَدٌ ولا وَالِدٌ.


(١) ديوانه ص ٨٥٢ واللسان والصحاح والمقاييس ٥/ ١٢٢.

(٢) النساء الآية ١٢.

(٣) النساء الآية ١٧٦.

(٤) اللسان والتهذيب.

(٥) اللسان: من الأم.

(٦) اللسان: يرثانه.