تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[كمل]:

صفحة 667 - الجزء 15

  وعلى هذا يحْمَل قَوْلُه تعالَى: {رَبِّي أَهانَنِ كَلّا}⁣(⁣١).

  وقالَ ابنُ الأَثيرِ: كَلَّا رَدْع في الكَلامِ وتَنْبِيه، ومعْناهَا انْتَهِ لا تَفْعل، إلَّا أَنَّها آكَدُ في النَّفْي والرَّدْع مِن لا، لزِيادَةِ الكافِ؛ قالَ: وقد تَرِدُ بمعْنَى حَقًّاً كقوْلِه تعالَى: {كَلّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنّاصِيَةِ}⁣(⁣٢)؛ وقد جَمَعَ الإمامُ أبو بكرِ بنُ الأنْبارِي أَقْسامَها ومَواضِعَها في بابٍ من كتابِهِ الوَقْف والابْتِداء.

  وأَحْمدُ بنُ أَسْعدِ الكلاليُّ مِن أَهْلِ جَزِيرَة كمران، فَقِيهٌ ذَكَرَه الخزْرجيَّ.

  [كمل]: الكَمالُ: التَّمامُ، وهما مُتَرادِفَان، كما وَقَعَ في الصِّحاحِ وغيرِه؛ وقد فَرَّق بَيْنهما بعضُ أَرْبابِ المَعَاني وأَوْضَحوا الكَلامَ في قوْلِه تعالَى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي}⁣(⁣٣)؛ وبَسَّطه في العِنَايَة، وأَوْسَع الكَلامَ فيها البهاءُ السَّبكيّ في عَرُوس الأفْراح.

  وقيلَ: التَّمامُ الذي تَجَزَّأَ منه أَجْزاؤُه كما سَيَأْتي، وفيه ثلاثُ لُغاتٍ: كَمَلَ، كنَصَرَ وكَرُمَ وعَلِمَ؛ قالَ الجوْهَرِيُّ والكَسْر أَرْدَؤُها. وزادَ ابنُ عَبَّادٍ: كَمَلَ يَكْمِلُ مِثْل ضَرَبَ يضْرِب، نَقَلَه الصَّاغانيُّ؛ كَمالاً وكُمولاً، فَهو كامِلٌ وكَميلٌ جاؤُوا به على كَمُلَ، وأَنْشَدَ سِيْبَوَيْه:

  على أَنَّه بعد ما قد مضَى

  ثلاثون للهَجْر حَوْلاً كَمِيلاً⁣(⁣٤)

  وجَمْعُ كامِلٍ كَمَلَةٌ، كحافِدٍ وحَفَدَةٍ.

  وتَكامَلَ الشَّيْء وتَكَمَّلَ، ككَمَل، وأَكْمَلَهُ واسْتَكْمَلَه، وكَمَّلَهُ أَتَمَّهُ وجَمَّلَهُ؛ قالَ الشاعِرُ:

  فقُرَى العِراق مَقِيلُ يومٍ واحدٍ

  والبَصْرَتان وواسِط تَكْمِيلُه⁣(⁣٥)

  قالَ ابنُ سِيْدَه: قالَ أَبو عُبَيْد: أَرادَ كان ذلِكَ كُلّه يُسار في يومٍ واحدٍ. وأَعطاهُ المالَ كَمَلاً، محرَّكةً: أَي كامِلاً، هكذا يُتَكَلَّم به في الجَمِيعِ والوُحْدَان سواء، لا يُثَنَّى ولا يُجْمَع؛ قالَ: وليسَ بمَصْدر ولا نَعْت إنَّما هو كقوْلِكَ: أَعْطَيْته كُلَّه.

  والكامِلُ: البَحْرُ الخامِسُ من بُحورِ العَروضِ وَزْنه: مُتَفاعِلُنْ سِتَّ مَرَّاتٍ، وبَيْته قَوْل عَنْتَرَة:

  وإذا صَحَوْتُ فما أُقَصِّرُ عَنْ نَدًى

  وكَمَا عُلمْتِ شَمَائِلي وتَكَرّمِي⁣(⁣٦)

  قالَ أَبو إسْحق: سُمِّي كامِلاً لأنَّه كَمُلَت أَجْزاؤُه وحَرَكاته، وكانَ أَكْمَل مِن الوَافِر، لأَنَّ الوَافِرَ تَوفَّرتْ حَرَكاتُه ونَقَصَتْ أَجْزاؤُه.

  والكامِلُ: أَفراسٌ، منها: فَرَسٌ لمَيْمونِ بنِ موسى المُرِّيِّ، هكذا في النسخ، والصَّوابُ: لموسَى بن مَيْمون المَرَئيّ مِن بَنِي امْرِئِ القَيْس، وكان سَبَقَ بِلَال بن أَبي بَرْدَةَ، فقالَ رُؤْبَة:

  كيفَ تَرَى الكامِلَ يَقْضِي فَرْقَا⁣(⁣٧)

  وقالَ بعضُهم: بل كانَ لامْرِئِ القَيْس، والصَّحيحُ الأوَّل.

  والكامِلُ: فَرَسُ الرُّقادِ بنِ المُنْذِرِ الضَّبِّيِّ، وسَيَأْتي شاهِدُه مِن قَوْل ابن العائِفِ قَرِيباً.

  وأَيْضاً: فَرَسُ الهِلْقامِ الكَلْبِيِّ، قالَ شَرَاحِيلُ بنُ عبدِ العزى:

  أَلَمْ تَعْلموا أَنِّي أَنَا اللّيْث عَادِيا

  وأَنّ أَبي الهلقام فارسُ كاملِ

  وأَيْضاً: فَرَسُ الحَوْفَزانِ بنِ شَريكٍ الشَّيّبانيّ.

  وأَيْضاً: فَرَسُ سِنانِ بنِ أَبي حارثَةَ المُرِّيّ، وهو القائِلُ فيه:

  وما زلْتُ أَجْري كامِلاً وأَكرّه

  على القَوْمِ حتى اسْتَسْلَموا وتفَرَقُوا

  وأَيْضاً: فَرَسُ زَيْدِ الفَوارِس الضَّبِّيِّ، وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي للعائِفِ الضَّبِّيِّ؛ وفي العُبَابِ لابنِ العائِفِ:


(١) الفجر الآية ١٦.

(٢) العلق الآية ١٥.

(٣) المائدة الآية ٣.

(٤) اللسان والتكملة وفيها: «على أنني» ومثلها في التهذيب ونسبه محققه لعباس بن مرداس السلمي، وفي الأساس لعباس بن مرداس.

(٥) اللسان.

(٦) من معلقته، ديوانه ص ٢٤.

(٧) ديوانه ص ١٨٠ والتكملة وبعده فيها:

إلى ندى العقب وشدّاً سحقاً