فصل العين المهملة
  والعَصَبَةُ مُحَرَّكَةً: هم الَّذِينَ يَرِثُونَ الرَّجُلَ عن كَلَالَةٍ من غَيْرِ وَالِدٍ وَلَا وَلَدٍ. وعَصَبَةُ الرَّجُلِ: بَنُوه وقَرَابَتُه لأَبِيه.
  وفي التهذِيبِ: ولم أَسْمَعْ للعَصَبَةِ بِوَاحِد، والقِيَاسُ أَن يكُون عَاصِباً، مثلَ طَالِبٍ وطَلَبَة، وظَالِم وظَلَمَة فَأَمَّا فِي الفَرَائِضِ فكُلُّ مَنْ لَمْ يَكُن لَه فَرِيضَةٌ مُسَمَّاةٌ فهو عَصَبَةٌ إِنْ بَقِيَ شَيْءٌ بَعْدَ الفَرَائِض أَخَذَ، هذَا رَأْيُ أَهْلِ الفَرَائِض والفُقَهَاء وَعند أَئمة اللغة: العَصَبَة: قَوْمُ الرَّجُلِ الَّذِين يَتَعَصَّبُون لَه، كأَنّه على حَذْفِ الزَّائد، وقِيل: العَصَبَة: الأَقَارِبُ مِن جِهَة الأَب؛ لأَنهم يَعْصِبُونَه ويَعْتَصِب بِهِم أَي يُحِيطون به ويَشْتَدُّ بهم. وقال الأَزْهَرِيّ: عَصَبَةُ الرَّجُلِ: أَولياؤُه الذُّكُورة من وَرَثَتِهِ، سُمُّوا عَصَبةً لأَنَّهُم عَصَبُوا بِنَسَبِه أَي استَكَفُّوا بِهِ، فالأَب طَرَفٌ، والابْنُ طَرَفٌ، والعَمُّ جَانِبٌ، والأَخُ جَانبٌ، والجَمْعُ العَصَبَاتُ. والعَرَبُ تُسَمِّي قَرَابَاتِ الرَّجُلِ أَطرافَه، ولمّا أَحاطَتْ به هَذه القراباتُ وعَصَبت بنَسَبه سُمُّوا عَصَبَةً، وكُلُّ شيء استدَارَ بِشَيْء فَقَد عَصَبَ [بِه](١)، والعمائمُ يقال لها العَصَائِب مِنْ هَذَا. ثم قال: ويقال: عَصَبَ القومُ بِفُلَان أَي استَكفُّوا حَوْلَه وعَصَبَت الإِبِلُ بعَطَنِهَا إِذا استَكَفَّت بِهِ، قَال أَبو النَّجْمِ:
  إِذْ عَصَبَتْ بالعَطَنِ المُغَرْبِلِ
  يَعْنِي المُدقَّقَ تُرَابُه.
  والعُصْبَة بالضَّمِّ مِنَ الرِّجَالِ والخَيْلِ بفُرْسَانِهَا وَجَمَاعَةِ الطَّيْرِ وغيرِها(٢): مَا بَيْنَ الثَّلَاثَة إِلَى العَشَرَة، وقيل: ما بَيْنَ العَشَرَةِ إِلَى الأَرْبَعِين، وقيل: العُصْبَة: أَرْبَعُون، وقِيل: سَبْعُون. وقد يُقَالُ: أَصْلُ مَعْنَاهَا الجَمَاعَة مُطْلَقاً، ثم خُصَّتْ في العُرْفِ، ثم اختُلفَ فِيه، أَو الاخْتِلافُ بحَسَبِ الوَارِد، حَقَّقَه شيخُنَا كالعِصَابَة، بالكَسْر، في كُلٍّ مِمَّا ذُكِر.
  قال النَّابِغَة:
  عِصَابَة طَيْرٍ تَهْتَدِي بعَصَائِب(٣)
  وفي حَدِيث عَلِيٍّ ¥: «الأَبْدَالُ بالشَّامِ، والنُّجَبَاءُ بمِصْر، والعَصَائِبُ بالعِرَاقِ». أَرادَ أَن التَّجَمُّعَ للحُرُوبِ يكونُ بالعِرَاق، وقيل: أَرادَ جَمَاعَةً من الزُّهَّادِ، سَمَّاهم بالعَصَائِبِ؛ لأَنَّه قرنَهم بالأَبْدالِ والنُّجَبَاءِ.
  وفي لِسَان العَرَبِ: في التَّنْزِيل {وَنَحْنُ عُصْبَةٌ}(٤) قال الأَخْفَشُ: العُصْبَة والعِصَابَةُ: جَمَاعَةٌ ليسَ لها وَاحِدٌ. قال الأَزْهَريُّ: وذَكَر ابْنُ المُظَفَّر في كتابه حَديثاً: «أَنَّه يَكُون في آخِرِ الزَّمان رَجُلٌ يقال له أَمِيرُ العُصَب» قال ابنُ الأَثِيرِ: هو جمع عُصْبَة، أَي كغُرْفَة وغُرَف، فيكُونُ مَقِيساً، كالعَصَائِب. و في حَدِيثِ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّام لَمَّا أَقبلَ نَحْوَ البَصْرَة وسُئل عن وَجْهِه، فقال:
  عَلِقْتُهمْ إِنّي خُلِقْتُ عُصْبَهْ ... قَتَادَةً تَعَلَّقَت بِنُشْبَهْ
  قال شَمِرٌ: وبَلَغَني أَنّ بعضَ العَرَب قال:
  غَلَبْتُهم إِنّي خُلِقْتُ عُصْبَهْ ... قَتَادَةً مَلْوِيَّةً بنُشْبَهْ(٥)
  قال: والعُصْبَةُ: نباتٌ يَلْتَوِي(٦) على الشَّجَر، وهُوَ اللَّبْلَاب. والنُشْبَةُ من الرِّجَال: الَّذِي إِذَا عَبِثَ(٧) بشيء لم يَكَد يُفارِقُه.
  ويقال للرَّجُلِ الشَّدِيدِ المِرَاس: «قَتَادَةٌ لُويَتْ بَعُصْبَة»، والمَعْنَى: خُلِقْتُ عُلْقَة لخُصُومِي، فوَضَعَ العُصْبَة مَوْضع العُلْقَة، ثم شَبَّه نفسَه في فَرْطِ تَعَلُّقه وتَشَبُّثه بهِم بالقَتَادَة إِذَا استَظْهَرَت في تَعَلُّقِها واسْتَمْسَكَت بنُشْبَة، أَي بشيء شَدِيدِ النُّشوب، والباءُ التي في قَوْله بُنْشَبةٍ للاستِعَانَة كالَّتي في: كتبتُ بالقَلَم.
  وأَما قولُ كُثَيِّر:
  بادِيَ الرَّبْعِ والمَعَارِفِ منهَا ... غيرَ رَسْمٍ كعُصْبَةِ الأَغْيَالِ
  فقد رُوِيَ عن ابن الجَرَّاحِ أَنه قال: العُصْبة: هَنَةٌ تَلْتَفُّ على القَتَادَةِ، هكَذَا في النُّسخ الكَثِيرَة، وهو الصَّوَابُ،
(١) زيادة عن اللسان.
(٢) اللسان: أو غيرها.
(٣) في المقاييس: (عَصب).
إذا ما التقى الجمعان حلّق فوقهم ... عصائب طير تهتدي بعصائب
(٤) سورة يوسف الآية ٨.
(٥) عن اللسان وبالأصل «بعصبة».
(٦) كذا بالأصل واللسان، وفي النهاية «يتلوى».
(٧) في اللسان والنهاية: علق.