تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[مقل]:

صفحة 697 - الجزء 15

  المَقْلِ أَن يُمْقَل الفَصِيلُ الماءَ إذا آذَاهُ حَرُّ اللّبَنِ فيُوجَر الماءُ فيكونُ دواءً.

  والرجُلُ يُمْرضُ فلا يَسْمع فيقالُ: امْقُلوه الماءَ واللّبَنَ أَو شيئاً مِن الدَّواءِ، فهذا المَقْل الصَّحِيح.

  وقالَ أَبو عُبَيْد: إذا لم يَرْضَع الفَصِيلُ أُخِذ لسانُه ثم صُبَّ الماءُ في حَلْقِه، وهو المَقْل، ورُبَّما خَرَجَ على لسانِهِ قُروحٌ فلا يقْدِرُ على الرَّضاعِ حتى يُمْقَل.

  والمُقْلُ، بالضم: الكُنْدُرُ الذي يَتَدَخَّنُ به اليَهودُ وحَبُّه يُجْعَل في الدَّواءِ، قالَهُ اللّيْثُ؛ وهو صَمْغُ شجرةٍ شائِكَةٍ كشَجَرِ اللبَان، ومنه هِنْدِيٌّ وعَرَبيٌّ وصِقِلِّيٌّ.

  وقالَ أَبو حَنيفَةَ: هو الذي يُسَمَّى الكُور، أَحْمرُ طَيِّبُ الرَّائِحةِ؛ أَخْبَرني بعضُ أَصْحاب عُمَان أَنَّه لا يَعْلَمُه نَبَتَ شَجَرُة⁣(⁣١) إلّا بجَبَلٍ مِن جِبالِ عُمَان يُدْعَى قَهْوَان مُطِلٌّ على البَحْرِ؛ والكُلُّ نافِعٌ للسُّعالِ ونَهْشِ الهَوامِّ والبَواسيرِ وتَنْقِيَةِ الرَّحِمِ وتَسْهيلِ الوِلادَةِ وإِنْزال المَشِيمَةِ وحَصاةِ الكُلْيَةِ والرياحِ الغليظةِ مُدِرٌّ باهِيٌّ مُسَمِّنٌ مُحَلِّلٌ للأَوْرامِ.

  والمُقْلُ المَكِّيُّ: ثَمَرُ شَجَرِ الدَّوْمِ الشَّبِيه بالنَّخْلةِ في حَالاتِها يُنْضَجُ ويُؤْكَلُ خَشِنٌ⁣(⁣٢) قابِضٌ بارِدٌ مُقَوٍّ للمَعِدَةِ.

  والمُقْلَةُ، بالضَّمِّ: شَحْمَةُ العَيْنِ التي تَجْمَعُ البياضَ والسَّوادَ، وفي بعضِ نسخِ الصِّحاحِ: تَجْمَعُ السَّوادَ والبياضَ، أَو هي السَّوادُ والبياضُ الذي يَدُورُ كلّه في العَيْنِ، أَو هي الحَدَقَةُ، عن كراعٍ: وقيلَ: هي العَينُ كلُّها، وإنَّما سُمِّيَت مُقْلَة لأَنَّها ترْمِي بالنَّظرَ. والمَقْلُ: الرَّمْيُ. والحَدَقَةُ: السَّوادُ دُوْن البياضِ.

  قالَ ابنَ سِيْدَه: وأَعْرف ذلِكَ في الإنْسانِ، وقد يُسْتَعْمل في الناقَةِ، أَنْشَدَ ثَعْلَب:

  من المُنْطِياتِ المَوْكِبَ المَعْجَ بعدَما

  يُرَى في فُرُوعِ المُقْلَتَيْنِ نُضُوبُ⁣(⁣٣)

  ج مُقَلٌ، كصُرَدٍ. ومِن سَجَعاتِ الأساسِ: فلانٌ كلَّما دَوَّر القَلَم نَوَّر المُقَل، وحلَّى العُقول وحَلَّ العُقَل.

  والمَقْلَةُ، بالفتحِ: حَصاةُ القَسْمِ، بفتحِ القافِ وسكونِ السِّيْن، تُوضَعُ في الإناءِ؛ وفي الصِّحاحِ: التي تُلْقَى في الماءِ ليُعْرَف قدْرُ ما يُسْقَى كلُّ واحِدٍ منهم، وذلِكَ عندَ قلَّةِ الماءِ في المَفاوِزِ.

  وفي المحْكَمِ: إذا عُدِمَ⁣(⁣٤) الماءُ في السَّفَرِ ثم يُصَبُّ عليه مِن الماءِ قدْرُ ما يَغْمُرُ الحَصاةَ فَيُعْطَى كُلٌّ منهم سَهْمَه، وأَنْشَدَ الجوْهَرِيُّ ليَزِيد بنِ طُعْمة الخَطْمِيّ؛ وفي العُبَابِ: الجعْفَيّ، قالَ: وقد وَجَدْته في شعْرِ الكُمَيْت وهو بَيْتٌ يَتِيمٌ:

  قَذَفُوا سيِّدَهم في وَرْطةٍ

  قَذْفَك المَقْلةَ وسْطَ المُعْتَرَكْ⁣(⁣٥)

  ومَقَلَها مَقْلاً: أَلْقاها في الإناءِ وصَبَّ عليها ما يغْمرُها مِن الماءِ⁣(⁣٦).

  وقوْلُه: هذا خَيْرٌ إلى آخِرِه، مَأْخوذٌ من حدِيْث عبدِ اللهِ بنِ مَسْعود، رَضِيَ اللهُ تعالَى عنه أَنَّه قالَ في مَسْح الحَصَا في الصَّلاة مَرَّةً: «وتَرْكُها خَيْرٌ من مائَةِ ناقَةٍ لمُقْلَةٍ»، بالضمِ.

  قالَ أَبو عُبَيْد: أَي تَرْكُها خَيْرٌ من مائَةِ ناقَةٍ تَخْتارُها بعَيْنِكَ ونَظَرِكَ كما تُريدُ، قالَ: وقالَ الأَوزاعيّ: ولا يُريدُ أَنَّه يَقْتنيها؛ ويُرْوَى مِن حدِيْث ابنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ تعالَى عنهما: «كلّها أَسْودُ المُقْلَةِ»، أَي كلُّ واحِدٍ منها أَسودُ العَيْن.

  وتَماقَلَا إذا تَغاطَّا في الماءِ؛ ومنه حدِيْث عبد الرَّحْمن وعاصِم: «يَتَماقَلان في البَحْرِ»، ويُرْوَى: يَتمَاقَسان.

  وامْتَقَلَ: غاصَ في الماءِ مِراراً.

  * وممَّا يُسْتدركُ عليه:


(١) بالأصل «شجرة».

(٢) على هامش القاموس عن إحدى نسخه: عَسِرٌ.

(٣) اللسان.

(٤) على هامش القاموس عن إحدى نسخه: عَدِموا.

(٥) اللسان والصحاح والتهذيب والأساس.

(٦) ضبطت في القاموس بالنصب، وتصرف الشارح بالعبارة فاقتضى الكسر.