تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نحل]:

صفحة 721 - الجزء 15

  ومِن المجازِ: النَّحْلُ: الأَهِلَّةُ جَمْعُ هِلالٍ ناحِلٍ ونَحِيل سُمِّيت لِدِقَّتها أَو هو اسمٌ للجَمْعِ لأَنَّ فاعِلاً ليسَ ممَّا يُكَسَّرُ على فَعْل.

  وفي العُبَابِ: ويقالُ للأَهَلّةِ النُّحْلُ وضَبَطَه بضمِ النُّونِ وهو الصَّوابُ.

  وفي الصِّحاحِ: النُّحْلُ، بالضَّمِّ: مَصْدَرُ نَحَلَهُ يَنْحلُه نَحْلاً أَعْطاهُ وهذا بعَيْنِه هو القَوْلُ الأوَّل الذي نَقَلْناه عن المُحْكَمِ والتَّهْذِيبِ، فضَبْطُه أَوّلاً بالفتحِ وثانِياً بالضمِ تَخْلِيطٌ وسوءُ تَحْريرٍ، فَتَدَبَّر.

  والنُّحْلُ: مَهْرُ المرأَةِ، والاسمُ النِّحْلَةُ، بالكسرِ؛ يقالُ: نَحلْتُ المرْأَةَ مَهْرَها عن طيبِ نفْسٍ مِن غيرِ مُطالبَةٍ أَنْحَلُها، ويقالُ: مِن غيرِ أَنْ تأْخُذَ عِوَضاً، يقالُ: أَعْطاها مَهْرَهَا نِحْلَةً، بالكسرِ.

  وقالَ أَبو عَمْرو: هي التَّسْميةُ أَنْ تقولَ نَحَلْتُها كذا وكذا فتحدُّ الصَّداقَ وتُبَيِّنه، كما في الصِّحاحِ؛ ويُضَمُّ، وهذه عن ابنِ دُرَيْدٍ، ومِثْلُ نِحْلَة ونُحْل حِكْمَةٌ وحُكْمٌ.

  وفي التَّنْزيلِ العزِيزِ: {وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً}⁣(⁣١)؛ وقد اخْتُلِف في تفْسِير هذا على أَوْجُهٍ: فقالَ بعضُهم: فَرِيضةً؛ وقيلَ: دِيانةً.

  وقالَ ابنُ عرفَةَ: أَي دِيناً وتَدَيُّناً، وقيلَ: أَرادَ هِبةً.

  وقالَ بعضُهم: هي نِحْلة مِن اللهِ، ø، لهنَّ أَي جَعَلَ على الرجُلِ الصَّداقَ ولم يَجْعَلْ على المْرأَةِ شَيئاً مِن الغُرْم، فتِلْكَ نِحْلة مِن اللهِ للنِّساءِ.

  والنُّحْلَى، كبُشْرَى: العَطِيَّةُ، كما في الصِّحاحِ؛ وكذلِكَ النُّحْلَانُ، كما في العُبَابِ.

  وأَنْحَلَهُ ماءً: أَعْطاهُ.

  وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: أَنْحَلَ الرجُلُ وَلَدَه مالاً إذا خَصَّهُ بشيءٍ منه، ولم أَرَ مَن ذَكَرَ ماءً، وكأَنَّه تَحْريفٌ مِن أَنْحَلَه مالاً، فتأَمَّل؛ كنَحَّلَه⁣(⁣٢) فيهما نَحْلاً، وأَبى بعضُهم هذه. والنُّحْلُ والنُحْلانُ، بضمِّهما: اسمُ ذلك المُعْطَى، وقد تقدَّمَ النّحْلُ بهذا المعنى، وهو الذي ضَبَطَه المصنِّفُ بالفتحِ ونَبَّهنا عليه، وقَوْلُه هذا هنا يُؤيّد ما قلناه.

  وانْتَحَلَه وتَنَحَّلَهُ: ادَّعاهُ لنفْسِه وهو لغيرِه، يقالُ: انْتَحَلَ فلانٌ شِعْرَ فلانٍ، أَو قَوْله ادَّعاه أَنَّه قائِلُه وتَنَحَّلَه: ادَّعاه وهو لغيرِه: قالَ الأعْشَى:

  فكيْفَ أنا وانْتِحالِي القَوا

  فِ بَعْدَ المَشِيب كفَى ذاك عَارَا

  وقَيَّدَني الشِّعْرُ في بيتِه

  كما قَيَّد الأُسُراتُ الحِمارا⁣(⁣٣)

  وقالَ الفَرَزْدَقُ:

  إذا ما قُلْتُ قافِيةً شَرُوداً

  تَنَحَّلَها ابنُ حَمْراءِ العِجانِ⁣(⁣٤)

  ويُرْوَى: تَنَحَّلَها، بالخاءِ، أَي أَخَذَ خِيارَها؛ وقالَ ابنُ هَرْمة:

  ولم أَتَنَحَّلِ الأَشعارَ فيها

  ولم تُعْجِزْنيَ المِدَحُ الجِيادُ⁣(⁣٥)

  ويقالُ: فلانٌ يَنْتَحِلُ مذْهَبَ كذا وقَبيلَةَ كذا إِذا انْتَسَبَ إليه.

  وقالَ ثَعْلَب في قوْلِهم: انْتَحَلَ فلانٌ كذا وكذا: معْناهُ قد أَلْزَمَه نفْسَه وجَعَلَه كالمِلْك له، وهي الهِبَةُ يُعَطاها الإنْسَانُ.

  ونَحَلَهُ القولَ، كمَنَعَه نَحْلاً إذا نَسَبَه إليه قولاً، قالَهُ غيرُه وادَّعاه عليه.

  ويقالُ: نُحِلَ الشاعِرُ قصيدةً إذا نُسِبَتْ إليه وهي مِن قِيلِ⁣(⁣٦) غيرِه؛ ومنه حَدِيْث قَتَادَةُ بن النُّعمان: «كان بُشَيرُ بنُ أُبَيْرِق يقولُ الشعرَ ويَهْجو به أَصْحابَ النبيِّ، ، ويَنْحَلَه بعضُ العَرَبِ» أَي يَنْسُبه إليه مِن النِّحْلة وهي النِّسْبة بالباطِلِ.


(١) سورة النساء الآية ٤.

(٢) على هامش القاموس: هكذا في النسخ بتشديد الحاء، من التنحيل وهو الذي درج عليه عاصم أفندي في ترجمته، وجعله الشارح ثلاثياً، حيث قال: كنحله فيهما نحلاً، فلينظر، ا هـ.

(٣) ديوانه ط بيروت ص ٨٤ والأول برواية: فما أنا أم ما انتحالي القوافي. وانظر اللسان، والأول في التهذيب والصحاح.

(٤) اللسان والصحاح، للفرزدق فيهما، وفي الأساس نسب لجرير.

(٥) اللسان.

(٦) في الأصل «قبل» والمثبت عن اللسان.