فصل العين المهملة
  جاءَت نَوْبَتُه ووقتُ رُكُوبِه. وفي الحدِيثِ: «مَنْ مَشَى عَنْ دَابَّتِه عُقْبَةً فَلَهُ كَذَا» أَي شَوْطاً. ويقال: عاقبتُ الرجلَ، من العُقْبَة، إِذا رَاوَحْتَه في عَمَلٍ، فكانَت لَه عُقْبَةٌ ولك عُقْبَةٌ، وكذلك أَعْقَبْتُه. ويَقُولُ الرجلُ لزَمِيلِهِ: أَعقِب(١) أَي انْزِل حَتَّى أَركبَ عُقْبَتِي، وكذَلك كُلّ عَمَل، ولمّا تَحَوَّلَتِ الخِلَافَةُ إِلَى الهَاشِمِيّين عن بَنِي أُمَيَّة، قال سُدَيْفٌ شاعِرُ بَنِي العَبَّاسِ لِبَنِي هَاشِم(٢):
  أَعْقِبي آلَ هَاشِم يامَيَّا(٣)
  يقول: انْزِلي عَنِ الخِلَافَة حتى يَرْكَبَهَا بَنُو هَاشِمٍ فتَكُونَ لهم العُقْبَةُ [عليكم](٤).
  واعتَقَبتُ فلاناً من الرُّكُوب أَي أَنزَلْتُه فركِبْتُ(٥) وأَعقبتُ الرجلَ وعاقَبتُه في الراحِلَة إِذا ركِبَ عُقْبَةً وَرَكِبْتَ عُقْبَةً، مثل المُعَاقَبَةِ. ونَقَل شيخُنا عن الجَوْهَرِيّ تقول: أَخذتُ من أَسِيرِي عُقْبَةً، أَي بَدَلاً.
  وفي لِسَانِ العَرَبِ: وفي الحَدِيثِ: «سأُعْطِيك منها عُقْبى» أَي بَدَلاً عن الإِبقاءِ والإِطْلاقِ.
  وفي النَّهَايَةِ: وفي حَدِيث الضِّيَافَةِ: «فإِنْ لَمْ يَقْروه فلَه أَن يُعْقِبَهم بمثل قِرَاه» أَي يَأْخذ مِنْهُم عِوَضاً عَمَّا حَرَمُوه من القِرَى(٥): يُقالُ: عَقَبَهم، مُخَفَّفاً ومُشَدَّداً، وأَعْقَبَهُم، إِذا أَخذَ منهم عُقْبَى وعُقْبَةً، وهو أَن يأْخُذَ منهم بَدَلاً عَمًّا فَاتَه.
  وقال في مَحَلٍّ آخَرَ: العُقْبَى: شِبْهُ العِوَض، واسْتَعْقَبَ منه خَيْراً أَو شَرًّا: اعْتَاضَه، فأَعْقَبَه خَيْرا، أَي عَوَّضَه وأَبدَلَه، وهو بمَعْنى قَوْلِهِ:
  ومَنْ أَطاعَ فأَعْقِبْه بطَاعَتِه ... كما أَطاعَكَ وادْلُلْه عَلَى الرَّشَدِ
  وسَيَأْتِي.
  والعُقْبَةُ: اللّيْلُ والنَّهَارُ لأَنَّهُمَا يَتَعَاقَبَان. والعَقِيبُ كأَمِير: كُلُّ شَيْءٍ أَعقَبَ شَيْئاً، وهما يَتَعَاقَبان ويَعْتَقِبَان إِذَا جاءَ هَذَا وذَهَب هَذَا، كاللَّيْل والنَّهَار، وهما عَقِيبَان، كُلُّ وَاحِد مِنْهُمَا عَقِيبُ صاحِبِه. وعَقِيبُك: الّذي يُعَاقِبُك في العَمَل، يعمَلُ مرة وتَعمَلُ أَنتَ مَرَّة. وعَقَب الليلُ النهارَ: جَاءَ بعدَه، وعاقَبَه: جاءَ بِعَقِبه، فهو مُعَاقِبٌ وعَقِيبٌ أَيْضاً.
  والعُقْبَةُ من الطّائر: مسافَةُ ما بَيْنَ ارْتِفَاعِهِ وانْحِطَاطِه.
  ويقال: رأَيت عاقِبَةً من طَيْر إِذَا رأَيتَ طيراً يعقُب بَعْضُهَا بَعْضاً، تقَع هذِه فتطِيرُ، ثم تَقَع هَذه مَوقِعَ الأُولى.
  وعُقْبَةُ القِدْرِ: قَرَارَتُه، وهو ما الْتَزَق بأَسْفَلِهَا من تَابَلٍ وغَيْرِه. والعُقْبَةُ أَيضاً: شَيْءٌ من المَرَقِ يَرُدُّهُ مُسْتَعِيرُ القِدْرِ إِذا رَدَّهَا أَي القِدْرَ. وأَحسن من هذا قَولُ ابنِ مَنْظور: مَرَقَةً تُرَدُّ في القِدْر المُسْتَعَارة، ثم قَالَ: وأَعْقَبَ الرجُلُ: رَدَّ إِليْه ذلكَ. قال الكُمَيت:
  وَحَارَدَتِ النُّكْدُ الجِلَادُ ولم يَكُن ... لعُقْبةِ قدْرِ المُسْتَعِيرِين مُعْقِبُ
  وكان الفَرَّاء يُجِيزُهَا(٦) بالكَسْر بمَعْنَى البَقِيّة.
  والعُقْبَةُ والعُقْبُ من الجَمَال والسَّرْوِ والكَرَم أَثَرُه. قال اللِّحْيَانِيّ، أَي سِيمَاه وعَلَامَتُه وهَيْئَتُه ويُكْسَر قال اللّحْيَانيّ: وهُو أَجْوَدُ.
  وفي لسان العرب: وعُقْبَةُ الماشيةِ في المَرْعَى: أَن تَرْعَى الخُلَّة عُقْبَةً ثم تُحَوَّل إِلى الحَمْض، فالحَمْضُ عُقبَتُها وكَذَلِكَ إِذا تَحَوَّلَت(٧) من الحَمْض إِلى الخُلّة فالخُلَّة عُقْبَتُها، وهذا المَعْنَى أَرادَهُ ذُو الرُّمَّة بقَوْلِه يَصِفُ الظَّلِيم:
  أَلهَاهُ آءٌ وتَنُّومٌ وعُقْبَتُه ... مِن لائِحِ المَرْوِ والمَرْعَى له عُقَبُ
  وقال أَبو عَمْرٍو: النَّعَامَةُ تَعقُب في مَرْعًى بَعْدَ مَرْعًى، فمَرَّة تَأْكُلُ الآءَ وَمَرَّة التَّنُّومَ وتَعْقُب بعد ذلك في حِجَارَة المَرْوِ وهي عُقْبَتُه ولا يَغِثُّ عليها شَيْءٌ من المَرْتَع. وفيه أَيضاً عِقْبَة القَمَرِ: عودَتُه، بالكَسْر. ويقال عَقْبَة بالفَتْح وذلك إِذَا غَابَ ثُم طَلَع. وقال ابن الأَعْرَابِيّ: عُقْبَةُ القَمَر، بالضَّمِ: نجمٌ. يُقَارِنُ القمرَ في السَّنَةِ مَرَّةً. قال:
(١) في اللسان: أعقبْ وعاقبْ.
(٢) كذا بالأصل ياميا وصوابه يا أميه يعني بني أمية وعجزه: جعل الله بيت مالك فيّا. أي فيئا وغنيمة.
(٣) زيادة عن اللسان.
(٤) في اللسان: أي نزلت فركب.
(٥) زاد ابن الأثير: وهذا في المضطر الذي لا يجد طعاماً ويخاف على نفسه التلف.
(٦) عن اللسان، وبالأصل «يجرها».
(٧) اللسان: حوّلت.