تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل العين المهملة

صفحة 247 - الجزء 2

  جاءَت نَوْبَتُه ووقتُ رُكُوبِه. وفي الحدِيثِ: «مَنْ مَشَى عَنْ دَابَّتِه عُقْبَةً فَلَهُ كَذَا» أَي شَوْطاً. ويقال: عاقبتُ الرجلَ، من العُقْبَة، إِذا رَاوَحْتَه في عَمَلٍ، فكانَت لَه عُقْبَةٌ ولك عُقْبَةٌ، وكذلك أَعْقَبْتُه. ويَقُولُ الرجلُ لزَمِيلِهِ: أَعقِب⁣(⁣١) أَي انْزِل حَتَّى أَركبَ عُقْبَتِي، وكذَلك كُلّ عَمَل، ولمّا تَحَوَّلَتِ الخِلَافَةُ إِلَى الهَاشِمِيّين عن بَنِي أُمَيَّة، قال سُدَيْفٌ شاعِرُ بَنِي العَبَّاسِ لِبَنِي هَاشِم⁣(⁣٢):

  أَعْقِبي آلَ هَاشِم يامَيَّا⁣(⁣٣)

  يقول: انْزِلي عَنِ الخِلَافَة حتى يَرْكَبَهَا بَنُو هَاشِمٍ فتَكُونَ لهم العُقْبَةُ [عليكم]⁣(⁣٤).

  واعتَقَبتُ فلاناً من الرُّكُوب أَي أَنزَلْتُه فركِبْتُ⁣(⁣٥) وأَعقبتُ الرجلَ وعاقَبتُه في الراحِلَة إِذا ركِبَ عُقْبَةً وَرَكِبْتَ عُقْبَةً، مثل المُعَاقَبَةِ. ونَقَل شيخُنا عن الجَوْهَرِيّ تقول: أَخذتُ من أَسِيرِي عُقْبَةً، أَي بَدَلاً.

  وفي لِسَانِ العَرَبِ: وفي الحَدِيثِ: «سأُعْطِيك منها عُقْبى» أَي بَدَلاً عن الإِبقاءِ والإِطْلاقِ.

  وفي النَّهَايَةِ: وفي حَدِيث الضِّيَافَةِ: «فإِنْ لَمْ يَقْروه فلَه أَن يُعْقِبَهم بمثل قِرَاه» أَي يَأْخذ مِنْهُم عِوَضاً عَمَّا حَرَمُوه من القِرَى⁣(⁣٥): يُقالُ: عَقَبَهم، مُخَفَّفاً ومُشَدَّداً، وأَعْقَبَهُم، إِذا أَخذَ منهم عُقْبَى وعُقْبَةً، وهو أَن يأْخُذَ منهم بَدَلاً عَمًّا فَاتَه.

  وقال في مَحَلٍّ آخَرَ: العُقْبَى: شِبْهُ العِوَض، واسْتَعْقَبَ منه خَيْراً أَو شَرًّا: اعْتَاضَه، فأَعْقَبَه خَيْرا، أَي عَوَّضَه وأَبدَلَه، وهو بمَعْنى قَوْلِهِ:

  ومَنْ أَطاعَ فأَعْقِبْه بطَاعَتِه ... كما أَطاعَكَ وادْلُلْه عَلَى الرَّشَدِ

  وسَيَأْتِي.

  والعُقْبَةُ: اللّيْلُ والنَّهَارُ لأَنَّهُمَا يَتَعَاقَبَان. والعَقِيبُ كأَمِير: كُلُّ شَيْءٍ أَعقَبَ شَيْئاً، وهما يَتَعَاقَبان ويَعْتَقِبَان إِذَا جاءَ هَذَا وذَهَب هَذَا، كاللَّيْل والنَّهَار، وهما عَقِيبَان، كُلُّ وَاحِد مِنْهُمَا عَقِيبُ صاحِبِه. وعَقِيبُك: الّذي يُعَاقِبُك في العَمَل، يعمَلُ مرة وتَعمَلُ أَنتَ مَرَّة. وعَقَب الليلُ النهارَ: جَاءَ بعدَه، وعاقَبَه: جاءَ بِعَقِبه، فهو مُعَاقِبٌ وعَقِيبٌ أَيْضاً.

  والعُقْبَةُ من الطّائر: مسافَةُ ما بَيْنَ ارْتِفَاعِهِ وانْحِطَاطِه.

  ويقال: رأَيت عاقِبَةً من طَيْر إِذَا رأَيتَ طيراً يعقُب بَعْضُهَا بَعْضاً، تقَع هذِه فتطِيرُ، ثم تَقَع هَذه مَوقِعَ الأُولى.

  وعُقْبَةُ القِدْرِ: قَرَارَتُه، وهو ما الْتَزَق بأَسْفَلِهَا من تَابَلٍ وغَيْرِه. والعُقْبَةُ أَيضاً: شَيْءٌ من المَرَقِ يَرُدُّهُ مُسْتَعِيرُ القِدْرِ إِذا رَدَّهَا أَي القِدْرَ. وأَحسن من هذا قَولُ ابنِ مَنْظور: مَرَقَةً تُرَدُّ في القِدْر المُسْتَعَارة، ثم قَالَ: وأَعْقَبَ الرجُلُ: رَدَّ إِليْه ذلكَ. قال الكُمَيت:

  وَحَارَدَتِ النُّكْدُ الجِلَادُ ولم يَكُن ... لعُقْبةِ قدْرِ المُسْتَعِيرِين مُعْقِبُ

  وكان الفَرَّاء يُجِيزُهَا⁣(⁣٦) بالكَسْر بمَعْنَى البَقِيّة.

  والعُقْبَةُ والعُقْبُ من الجَمَال والسَّرْوِ والكَرَم أَثَرُه. قال اللِّحْيَانِيّ، أَي سِيمَاه وعَلَامَتُه وهَيْئَتُه ويُكْسَر قال اللّحْيَانيّ: وهُو أَجْوَدُ.

  وفي لسان العرب: وعُقْبَةُ الماشيةِ في المَرْعَى: أَن تَرْعَى الخُلَّة عُقْبَةً ثم تُحَوَّل إِلى الحَمْض، فالحَمْضُ عُقبَتُها وكَذَلِكَ إِذا تَحَوَّلَت⁣(⁣٧) من الحَمْض إِلى الخُلّة فالخُلَّة عُقْبَتُها، وهذا المَعْنَى أَرادَهُ ذُو الرُّمَّة بقَوْلِه يَصِفُ الظَّلِيم:

  أَلهَاهُ آءٌ وتَنُّومٌ وعُقْبَتُه ... مِن لائِحِ المَرْوِ والمَرْعَى له عُقَبُ

  وقال أَبو عَمْرٍو: النَّعَامَةُ تَعقُب في مَرْعًى بَعْدَ مَرْعًى، فمَرَّة تَأْكُلُ الآءَ وَمَرَّة التَّنُّومَ وتَعْقُب بعد ذلك في حِجَارَة المَرْوِ وهي عُقْبَتُه ولا يَغِثُّ عليها شَيْءٌ من المَرْتَع. وفيه أَيضاً عِقْبَة القَمَرِ: عودَتُه، بالكَسْر. ويقال عَقْبَة بالفَتْح وذلك إِذَا غَابَ ثُم طَلَع. وقال ابن الأَعْرَابِيّ: عُقْبَةُ القَمَر، بالضَّمِ: نجمٌ. يُقَارِنُ القمرَ في السَّنَةِ مَرَّةً. قال:


(١) في اللسان: أعقبْ وعاقبْ.

(٢) كذا بالأصل ياميا وصوابه يا أميه يعني بني أمية وعجزه: جعل الله بيت مالك فيّا. أي فيئا وغنيمة.

(٣) زيادة عن اللسان.

(٤) في اللسان: أي نزلت فركب.

(٥) زاد ابن الأثير: وهذا في المضطر الذي لا يجد طعاماً ويخاف على نفسه التلف.

(٦) عن اللسان، وبالأصل «يجرها».

(٧) اللسان: حوّلت.