فصل الراء مع الميم
  على فَرَسِه الأحْوَى وهو أَخُو الكَلْب فَرَس عامِرٍ وأَبُوهُما المُتَمَهِّل فَرَسُ مُرَّةَ بنِ خالِدٍ فعَرَفَ مِن هذا السِّياقِ أنَّ عامِرَ بن الطُّفَيْل عُقِرَ فَرَسُه في هذا اليومِ لكنَّه الكَلْبُ؛ وأَمَّا قُرْزُلٌ فإنَّه فَرَسُ أَبيهِ. وفي هذا اليومِ خَنَقَ الحكَمُ بنُ الطُّفَيْلِ نَفْسَه تحْتَ شَجَرَةٍ خَوْفاً مِن الأَسارِ، فزَعَموا أنَّ عامِراً كان يَدْعو ويقولُ: اللهمَّ أدرك لي بيومِ الرَّقَمِ ثم اقْتُلْنِي إذا شِئْتَ؛ وسَمَّتْ غَطَفان هذا اليومَ يَوْمَ المرورات ويومَ التَّخانقِ أَيْضاً، وكانوا أَصابُوا يومَئِذٍ من بَنِي عامِرٍ أَرْبَعةً وثَمَانِيْن رَجُلاً فذَبَحَهم عقبةُ بنُ حليسِ بنِ عبيدِ بنِ دهمانَ فسُمِّي مذبحاً لذلِكَ، وقالَ حرقوصُ المريُّ في الرَّقَمِ:
  كأَنَّكما لم تَشُهَدا يومَ مرخَة ... وبالرَّقَمِ اليومَ الذي كانَ أَمْقرا
  والأَرْقَمُ أَخْبَثُ الحَيَّاتِ وأَطْلَبُها للنَّاسِ، قالَهُ ابنُ حَبيبٍ. أَو ما فيه سوادٌ وبياضٌ، كذا في المُحْكَمِ.
  وقالَ ابنُ شُمَيْلٍ: الأَرْقَمُ: حيَّةٌ بينَ حَيَّتَيْن رُقِّمَ(١) بحُمْرَةٍ وسَوَاد وكُدْرَةٍ وبُغْثَةٍ.
  قالَ ابنُ سِيْدَه: والجَمْعُ أَراقِمُ، غلبَ غَلَبَةَ الأَسْماءِ، فكُسِّرَ تَكْسِيرُها، أَو ذَكَرُ الحَيَّاتِ لا يُوصَفُ به المُؤَنَّثُ، ولا يقالُ في الأُنْثَى رَقْماءُ ولكنْ رَقْشَاء.
  وقالَ ابنُ حَبيبٍ: إذا جَعَلْته نَعْتاً قلْتَ أَرْقَشُ، وإنَّما الأَرْقَمُ اسْمُه.
  وقالَ شَمِرٌ: الأَرْقَمُ مِن الحيَّات التي تُشْبِه الجانَّ في اتِّقاءِ الناسِ مِن قَتْلِه، وهو مَعَ ذلِكَ مِن أَضْعفِ الحيَّاتِ وأَقَلّها غَضَباً، لأَنَّ الأَرْقَمَ والجانَّ يُتَّقَى في قَتْلِهما عُقوبَةُ الجنِّ لمَنْ قَتَلَهما؛ ومنه قوْلُ رُجُلٍ لعُمَرَ، ¥: «مثلي كمِثْلِ الأَرْقَمِ إنْ تَقْتلْه يَنْقَمْ وإن تَتْركْه يَلْقَمْ»؛ قوْلُه: يَنْقَمْ أَي يُثْأَرْ به.
  والأَرْقَمُ: حَيٌّ من تَغْلِبَ وهُمُ الأَرَاقِمُ.
  نَصُّ الجوهَرِيِّ في الصِّحاحِ: والأَرَاقِمُ حَيٌّ مِن تَغْلِبَ وهُم جُشَم(٢). قالَ ابنُ بَرِّي: ومنه قوْلُ مُهَلْهِلٍ:
  زَوَّجَها فَقْدُها الأَرَاقِمَ في ... جَنْبٍ وكان الحِباءُ من أَدَم(٣)
  وجَنْبٌ: حَيٌّ مِن اليَمَنِ.
  وقالَ ابنُ سِيْدَه: والأَرَاقِمُ: بَنُو بكْرٍ وجُشَم ومالِكٍ والحارِثِ ومُعَاوِيَةَ، عن ابنِ الأَعْرَابيِّ.
  ووَجَدْتُ في هامِشِ نسخةِ الصِّحاحِ ما نَصّه تَخْصِيصه بأَنَّ الأَرَاقِمَ حَيٌّ مِن تَغْلِبَ وهُم جُشَم، فليسَ كَذلِكَ وإنّما الأَرَاقِمُ أَحْياءُ مِن تَغْلِبَ وهُم ستَّةٌ: جُشَم ومالِكُ وعَمْرو وثَعْلَبَةُ ومعاوِيَةُ والحارِثُ بَنُو بَكْرِ بنِ حَبيبِ بنِ غنمِ بنِ تغْلِبَ بنِ وائِلٍ.
  وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ في الجَمْهرةِ: الأَرَاقِمُ بُطونٌ مِن بَنِي تَغْلِبَ يَجْمَعُهم هذا الاسمُ، قيلَ: سُمُّوا بذلِكَ لأَنَّ ناظِراً نَظَرَ إليهم تحْتَ الدِّثارِ وهُم صِغارٌ فقالَ: كأَنَّ أَعْينَهم أَعْينُ الأَراقِمِ، فَلَجَّ عليهم اللَّقَبُ.
  قلْتُ: وهو قوْلُ ابنِ الكَلْبي. وساقَ أَبو عُبَيْدَةَ في ذلِكَ وَجْهاً آخَرَ.
  وجاءَ بالرَّقْمِ، بالفتحِ وككَتِفٍ، أَي بالكثيرِ.
  والرَّقِيمُ، كأَمِيرٍ: ع.
  وأَيْضاً فَرَسُ حِزامِ بنِ وابِصَةَ.
  وقوْلُه تعالَى: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً}(٤)، اخْتَلَفوا في الرَّقِيمِ فسَأَلَ ابنُ عباسٍ كَعْباً عنه فقالَ: هي قَرْيةُ أَصْحابِ الكهفِ التي خَرَجُوا منها.
  وفي تَفْسيرِ الزَّجَّاجِ: كانوا فيها.
  أَو جَبَلُهُم الذي كان فيه الكَهْفُ، نَقَلَه الزَّجَّاجُ.
  أَو كلْبُهم، رُوِي ذلِكَ عن الحَسَنِ، ونَقَلَه السَّهيليُّ في الرَّوْض.
(١) في التهذيب: مُرَقَّم.
(٢) في جمهرة ابن حزم ص ٣٠٤ الأراقم هم الستة ولد بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب وهم: جشم ومالك والحارث وعمرو وثعلبة ومعاوية.
(٣) اللسان.
(٤) الكهف الآية ٩.