تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[سقطم]:

صفحة 345 - الجزء 16

  والسَّلْمُ: لَدْغُ الحَيَّةِ؛ وقد سَلَمَتْه الحَيَّةُ، أَي لَدَغَتْه؛ نَقَلَه اللَّيْثُ.

  قالَ الأَزْهرِيُّ: وهو مِن غُدَدِه⁣(⁣١) وما قالَهُ غيرُهُ.

  والسِّلْمُ، بالكسْرِ: المُسالِمُ، وبه فُسِّرَ قوْلُه تعالَى: {ورجُلاً سَلِماً لرجُلٍ}⁣(⁣٢)، أَي مُسالِماً، على قِراءَةِ مَن قَرَأَ بالكسْرِ؛ وتقولُ: أَنا سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَنِي.

  والسِّلْمُ: الصُّلْحُ، ويُفْتَحُ، لُغتانِ يُذَكَّرُ ويُؤَثَّثُ؛ قالَ:

  أَنائِل إنِّني سِلْمٌ ... لأَهْلِكِ فاقْبَلي سِلْمي⁣(⁣٣)

  ومنه حدِيْثُ الحُدَيْبِيَةِ: «أَنَّه أَخَذَ ثَمانِيْن مِن أَهْلِ مكَّةَ سَلْماً»؛ رُوِي بالوَجْهَيْنِ؛ وهكذا فَسَّرَه الحُمَيْدِيُّ في غرِيبِهِ، وضَبَطَه الخَطابيُّ بالتَّحريكِ، فأَمَّا قوْلُ الأَعْشَى:

  أَذاقَتْهُمُ الحَرْبُ أَنْفاسَها ... وقد تُكْرَهُ الحَرْبُ بعد السِّلْمِ⁣(⁣٤)

  قالَ ابنُ سِيْدَه: إِنَّما هذا على أَنَّه وقَفَ فأَلْقَى حَرَكَةَ المِيمِ على اللَّامِ، وقد يجوزُ أَنْ يكونَ أَتْبَعَ الكَسْرَ الكَسْر ولا يكونُ مِن بابِ إِبِلٍ عِنْدَ سِيْبَوَيْه، لأنَّه لم يأْتِ منه عندَه غيرِ إبِلٍ.

  والسَّلْمُ مِثْلُ: السَّلامِ والإسْلامِ⁣(⁣٥)، والمرادُ بالسَّلامِ هنا الاسْتِسْلامَ والانْقِيادَ، ومنه قراءَةُ مَنْ قَرَأَ: {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً}⁣(⁣٦)؛ فالمرادُ به الاسْتِسْلام وإلْقاء المَقادَةِ إلى إرادَةِ المُسْلِمِين، ويجوزُ أَنْ يكونَ مِن التَّسْليمِ؛ ومن الأَخيرَةِ قوْلُه تعالَى: {ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً}⁣(⁣٧) أَي في الإسْلامِ، وهو قوْلُ أَبي عَمْرٍو، ومنه قوْلُ امْرِئِ القَيْسِ بنِ عابِسٍ:

  فلَسْتُ مُبَدِّلاً باللهِ رَبّاً ... ولا مُسْتَبْدِلاً بالسِّلْمِ دِينا⁣(⁣٨)

  ومِثْلُه قوْلُ أَخي كِنْدَةَ:

  دَعَوْتُ عَشِيرتي للسِّلْمِ لمَّا ... رأَيْتُهُم تَوَلَّوْا مُدْبِرِينا⁣(⁣٩)

  والسَّلَمُ، بالتَّحريكِ: السَّلَفُ وقد أَسْلَمَ وأَسْلَفَ بمعْنًى واحِدٍ.

  وفي حدِيْثِ ابنِ عُمَرَ أَنَّه كانَ يَكْره أَنْ يقالَ: السَّلَمُ بمعْنَى السَّلَفِ، ويقولُ: الإِسْلامُ للهِ ø، كأَنَّه ضَنَّ بالاسْمِ الذي هو موْضعُ الطاعَةِ والانْقيادِ للهِ، ø، عن أَن يُسَمَّى به غيرُهُ، وأن يُسْتَعْملَ في غيرِ طاعَةٍ ويذْهَبَ به إلى معْنَى السَّلَفِ.

  قالَ ابنُ الأَثيرِ: وهذا مِن الأَخْذِ مِن بابِ لطيفِ المَسْلَكِ.

  والسَّلَمُ: الاسْتِسْلامُ والاسْتِخْذاءُ والانْقِيادُ، ومنه قوْلُه تعالَى: {وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ}⁣(⁣١٠) السَّلَمَ أَي الانْقِيادِ، وهو مَصْدرٌ يقعُ على الواحِدِ والاثْنَيْنِ والجَمْعِ.

  وفي حدِيْثِ جَريرٍ: «بينَ سَلَمٍ وأَراكٍ»، شَجَرٌ مِن العِضاهِ ووَرَقُها القَرَظ الذي يُدْبَغُ به الأَديمُ.

  وقالَ أَبو حَنيفَةَ: هو سَلِبُ العِيدانِ طولاً، شبْه القُضْبانِ، وليسَ له خَشَبٌ وإن عَظُمَ، وله شوْكٌ دُقاقٌ طُوالٌ حادّ، وله بَرَمَةٌ صَفْراءُ فيها حبَّةٌ خَضْراءُ طيِّبةُ الريحِ، وفيها شيءٌ مِن مَرارةٍ وتَجِدُ بها الظِّباءُ وَجْداً شديداً؛ وقالَ:

  إِنَّكَ لن تَرْوِيَها فاذهَبْ ونَمْ ... إن لها رَبّاً كمِعْصالِ السَّلَمْ⁣(⁣١١)

  واحِدَتُه * سَلَمَةٌ، بهاءٍ، وبه سُمِّي الرجُلُ سَلَمَةَ.

  وأَرضٌ مَسْلوماءُ: كَثيرَتُهُ.

  ونَقَلَ السّهيليُّ عن أَبي حنيفَةَ: أَنَّ مَسْلوماءَ اسمٌ لجماعَةِ


(١) يعني من غُدد الليث، كما يفهم من عبارة التهذيب.

(٢) الزمر الآية ٣٩ والقراءة بفتح السين.

(٣) اللسان.

(٤) ديوانه ط بيروت ص ١٩٨ واللسان.

(٥) في القاموس بالضم في اللفظتين، وتصرف الشارح بالعبارة فاقتضى الكسر.

(٦) النساء الآية ٩٤.

(٧) البقرة الآية ٢٠٨.

(٨) اللسان.

(٩) اللسان.

(١٠) النساء الآية ٩٠.

(١١) اللسان والتهذيب.

(*) كذا بالأصل، وبالقاموس: الواحدة.