«فصل القاف»
  وكذلك: إنّ قَرِيباً منك زَيْداً(١)، وكذلك البعيدُ(٢) في الوجْهينِ.
  وقالوا: هو قُرَابَتُك، القُرَابَةُ، بالضَّمِّ: القَرِيبُ، أَيْ: قَرِيبٌ منك في المكان.
  والقُرابُ: القَرِيب، يقال ما هو بعالم، ولا قُرابُ عالِمِ، ولا قُرَابَةُ عالِمٍ، ولا قَرِيبُ عالِمٍ. وقولهم: مَا هُوَ بِشَبِيهِكَ، ولا بِقُرابَةٍ مِنْكَ، بالضَّمِّ، أَيْ بقَرِيبٍ من ذلك.
  وفي التَّهْذِيب عن الفَرَّاءِ: جاءَ في الخبر: «اتَّقُوا قُرَابَ المُؤْمِنِ، وقُرَابَتَهُ(١)؛ فإِنَّهُ يَنْظُرُ بنُورِ الله» قُرَابَةُ المُؤمنِ، وقُرَابُهُ، بضمهما، أَيْ فِرَاسَتُه وظَنُّه الَّذي هو قريبٌ من العِلْم والتَّحَقُّقِ، لِصدْقِ حَدْسه وإِصابته.
  وجاؤُوا قُرَابَى، كَفُرَادَى: مُتَقَارِبِينَ.
  وقُرَابٌ، كَغُرَابٍ: جَبَلٌ باليَمَنِ.
  والقَوْرَبُ، كجَوْرَبٍ: الماءُ لا يُطَاقُ كَثْرَةً.
  وذَاتُ قُرْبٍ، بالضَّمِّ: ع، لَه يَوْمٌ، م أَيْ معروفٌ.
  قال ابْنُ الأَثِيرِ: وفي الحديث: «مَنْ غَيَّرَ المَطْرَبَة والمَقْرَبَةَ فعليه لَعْنَةُ الله» المَقْرَبُ، والمَقْرَبَةُ: الطَّرِيقُ المُخْتَصَرُ، وهو مَجازٌ. ومنه: خُذْ هذا المَقْرَبَةَ، أَو هو: طريقٌ صغير يَنْفُذُ إِلى طريقٍ كبير، قيل: هو من القَرَب، وهو السَّيْرُ باللَّيْل؛ وقيلَ: السَّيْرُ إِلى الماءِ. وفي التّهْذيب: في الحديث: «ثلاثٌ لَعِيناتٌ: رَجُلٌ غَوَّرَ(٣) الماءَ المَعِينَ المُنْتَابَ، ورجُلٌ غَوَّرَ(٤) طَرِيقَ المَقْرَبَةِ، ورَجُلٌ تَغَوَّطَ تَحْتَ شَجَرَةٍ». قال أَبو عَمْرٍو: المَقْرَبَةُ: المَنْزِلُ، وأَصلُهُ من القَرَبِ، وهو السَّيْر؛ قالَ الرّاعي:
  في كُلِّ مَقْرَبَةٍ يَدَعْنَ رَعِيلَا
  وجمعُها مَقَارِبُ. وقال طُفَيْلٌ:
  مُعَرَّقَةَ الأَلْحِي تَلُوحُ مُتُونُها ... تُثِيرُ القَطَا في مَنْهَلٍ بَعْدَ مَقرَبِ
  وقُرْبَى، كَحُبْلَى: ماءٌ قُرْبَ تَبالَةَ، كسَحابَة.
  وقُرْبَى: لَقَبُ بَعْضِ القُرَّاءِ.
  والقَرَّابُ، كَشدّادٍ: لِمَنْ يَعْمَلُ القِرَبَ، وهو لَقَبُ أَبي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيِّ المُقْرِئِ ولقبُ جماعَةٍ من المُحَدِّثِينَ منهم عَطَاءُ بْنُ عبدِ اللهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ ثَعْلَبِ(٥) بْنُ النُّعْمَانِ، الدّارِمِيُّ الهَرَوِيُّ.
  ومن المَجَاز، تقولُ العرب: تَقارَبَتْ إِبِلُهُ، أَي: قَلَّتْ وأَدْبَرَتْ قال جَنْدَلٌ:
  غَرَّكِ أَنْ تَقارَبَتْ أَبَاعِرِي ... وأَنْ رَأَيْتِ الدَّهْرَ ذا الدَّوائِرِ
  وتَقَارَبَ الزَّرْعُ: إِذا دنا إِدْراكُه، ومنه الحديثُ الصَّحيحُ المشهور: «إِذا تَقَارَبَ، وفي روايةٍ: اقْتَرَبَ الزَّمَانُ، لَمْ تَكَدْ رُؤْيا المُؤْمِنِ تَكْذِبُ» قال أَهْلُ الغَرِيب: المُرادُ آخِرُ الزَّمانِ. وقال ابنُ الأَثير: أُراهُ(٦) اقْتِرابَ السّاعَةِ، لأَنَّ الشَّيْءَ إِذا قَلَّ تقاصَرَتْ أَطْرَافُهُ. يقال للشَّيْءِ إِذا وَلَّى وأَدْبَرَ: تَقَارَبَ، كما تَقدَّم؛ أَو المُرادُ اعتِدالُ، أَي: استِواءُ اللَّيْلِ والنّهَار. ويزعمُ العَابِرُونَ لِلرُّؤْيا أَنَّ أَصْدقَ الأَزمانِ لوُقُوعِ العِبَارة، بالْكسر، وهو التّأويل والتّفسير الّذي يَظهَرُ لأَرْبَابِ الفِرَاسة، وَقْتُ انْفِتاقِ الأَنْوارِ أَي: بُدُوِّها، ووَقْتُ إِدْراكِ الثَّمارِ، وحينئذٍ يَستوِي اللَّيْلُ والنّهَارُ ويَعتدلانِ، أَو المُرَاد زَمَنُ خُرُوجِ الإِمامِ القائمِ الحُجَّةِ المَهْدِيّ، #، حِينَ يتقارَبُ الزّمانُ، حتّى تَكُونَ السَّنَةُ كالشّهْر، والشّهْرُ كالجُمعَةِ، والجُمعَةُ كاليَوْمِ كما ورد في الحديث، أَراد: يَطِيبُ الزَّمانُ حتّى لا يُستطالَ، ويُسْتَقْصَرُ لاسْتِلْذاذِه، وأَيّامُ السرور والعافيةِ قَصِيرَةٌ. وقيل: هو كنايةٌ عن قِصَرِ الأَعْمَارِ، وقِلَّة البَرَكَةِ. أَنشد شيخُنا أَبُو عبدِ الله الفاسِيُّ في حاشيته قال: أَنشد شيخُنا أَبو محمّدٍ المسناوِيُّ في خطبة كتابٍ أَلَّفَهُ لسلطان العَصْر مولاي
(١) زيد في اللسان: وأحسنه أن تقول: إن زيداً عريب منك، لأنه اجتمع معرفة ونكرة.
(٢) في اللسان: البعد.
(٣) في اللسان: «أو قُرابته» وفي النهاية: «... قُراب .... وروي» «قُرابة المؤمن».
(٤) كذا بالأصل واللسان بالغين المعجمة، والصواب عوّر بالعين المهملة فالطريق لا يغور وإنما يعوّر أي تفسد أعلامه ومناره ومنه قولهم: طريق أعور أي لا علم فيه (تهذيب الأزهري - قرب).
(٥) في اللباب: تغلب.
(٦) في النهاية: أراد.