تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

«فصل القاف»

صفحة 313 - الجزء 2

  وكذلك: إنّ قَرِيباً منك زَيْداً⁣(⁣١)، وكذلك البعيدُ⁣(⁣٢) في الوجْهينِ.

  وقالوا: هو قُرَابَتُك، القُرَابَةُ، بالضَّمِّ: القَرِيبُ، أَيْ: قَرِيبٌ منك في المكان.

  والقُرابُ: القَرِيب، يقال ما هو بعالم، ولا قُرابُ عالِمِ، ولا قُرَابَةُ عالِمٍ، ولا قَرِيبُ عالِمٍ. وقولهم: مَا هُوَ بِشَبِيهِكَ، ولا بِقُرابَةٍ مِنْكَ، بالضَّمِّ، أَيْ بقَرِيبٍ من ذلك.

  وفي التَّهْذِيب عن الفَرَّاءِ: جاءَ في الخبر: «اتَّقُوا قُرَابَ المُؤْمِنِ، وقُرَابَتَهُ⁣(⁣١)؛ فإِنَّهُ يَنْظُرُ بنُورِ الله» قُرَابَةُ المُؤمنِ، وقُرَابُهُ، بضمهما، أَيْ فِرَاسَتُه وظَنُّه الَّذي هو قريبٌ من العِلْم والتَّحَقُّقِ، لِصدْقِ حَدْسه وإِصابته.

  وجاؤُوا قُرَابَى، كَفُرَادَى: مُتَقَارِبِينَ.

  وقُرَابٌ، كَغُرَابٍ: جَبَلٌ باليَمَنِ.

  والقَوْرَبُ، كجَوْرَبٍ: الماءُ لا يُطَاقُ كَثْرَةً.

  وذَاتُ قُرْبٍ، بالضَّمِّ: ع، لَه يَوْمٌ، م أَيْ معروفٌ.

  قال ابْنُ الأَثِيرِ: وفي الحديث: «مَنْ غَيَّرَ المَطْرَبَة والمَقْرَبَةَ فعليه لَعْنَةُ الله» المَقْرَبُ، والمَقْرَبَةُ: الطَّرِيقُ المُخْتَصَرُ، وهو مَجازٌ. ومنه: خُذْ هذا المَقْرَبَةَ، أَو هو: طريقٌ صغير يَنْفُذُ إِلى طريقٍ كبير، قيل: هو من القَرَب، وهو السَّيْرُ باللَّيْل؛ وقيلَ: السَّيْرُ إِلى الماءِ. وفي التّهْذيب: في الحديث: «ثلاثٌ لَعِيناتٌ: رَجُلٌ غَوَّرَ⁣(⁣٣) الماءَ المَعِينَ المُنْتَابَ، ورجُلٌ غَوَّرَ⁣(⁣٤) طَرِيقَ المَقْرَبَةِ، ورَجُلٌ تَغَوَّطَ تَحْتَ شَجَرَةٍ». قال أَبو عَمْرٍو: المَقْرَبَةُ: المَنْزِلُ، وأَصلُهُ من القَرَبِ، وهو السَّيْر؛ قالَ الرّاعي:

  في كُلِّ مَقْرَبَةٍ يَدَعْنَ رَعِيلَا

  وجمعُها مَقَارِبُ. وقال طُفَيْلٌ:

  مُعَرَّقَةَ الأَلْحِي تَلُوحُ مُتُونُها ... تُثِيرُ القَطَا في مَنْهَلٍ بَعْدَ مَقرَبِ

  وقُرْبَى، كَحُبْلَى: ماءٌ قُرْبَ تَبالَةَ، كسَحابَة.

  وقُرْبَى: لَقَبُ بَعْضِ القُرَّاءِ.

  والقَرَّابُ، كَشدّادٍ: لِمَنْ يَعْمَلُ القِرَبَ، وهو لَقَبُ أَبي عَلِيٍّ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الهَرَوِيِّ المُقْرِئِ ولقبُ جماعَةٍ من المُحَدِّثِينَ منهم عَطَاءُ بْنُ عبدِ اللهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ ثَعْلَبِ⁣(⁣٥) بْنُ النُّعْمَانِ، الدّارِمِيُّ الهَرَوِيُّ.

  ومن المَجَاز، تقولُ العرب: تَقارَبَتْ إِبِلُهُ، أَي: قَلَّتْ وأَدْبَرَتْ قال جَنْدَلٌ:

  غَرَّكِ أَنْ تَقارَبَتْ أَبَاعِرِي ... وأَنْ رَأَيْتِ الدَّهْرَ ذا الدَّوائِرِ

  وتَقَارَبَ الزَّرْعُ: إِذا دنا إِدْراكُه، ومنه الحديثُ الصَّحيحُ المشهور: «إِذا تَقَارَبَ، وفي روايةٍ: اقْتَرَبَ الزَّمَانُ، لَمْ تَكَدْ رُؤْيا المُؤْمِنِ تَكْذِبُ» قال أَهْلُ الغَرِيب: المُرادُ آخِرُ الزَّمانِ. وقال ابنُ الأَثير: أُراهُ⁣(⁣٦) اقْتِرابَ السّاعَةِ، لأَنَّ الشَّيْءَ إِذا قَلَّ تقاصَرَتْ أَطْرَافُهُ. يقال للشَّيْءِ إِذا وَلَّى وأَدْبَرَ: تَقَارَبَ، كما تَقدَّم؛ أَو المُرادُ اعتِدالُ، أَي: استِواءُ اللَّيْلِ والنّهَار. ويزعمُ العَابِرُونَ لِلرُّؤْيا أَنَّ أَصْدقَ الأَزمانِ لوُقُوعِ العِبَارة، بالْكسر، وهو التّأويل والتّفسير الّذي يَظهَرُ لأَرْبَابِ الفِرَاسة، وَقْتُ انْفِتاقِ الأَنْوارِ أَي: بُدُوِّها، ووَقْتُ إِدْراكِ الثَّمارِ، وحينئذٍ يَستوِي اللَّيْلُ والنّهَارُ ويَعتدلانِ، أَو المُرَاد زَمَنُ خُرُوجِ الإِمامِ القائمِ الحُجَّةِ المَهْدِيّ، #، حِينَ يتقارَبُ الزّمانُ، حتّى تَكُونَ السَّنَةُ كالشّهْر، والشّهْرُ كالجُمعَةِ، والجُمعَةُ كاليَوْمِ كما ورد في الحديث، أَراد: يَطِيبُ الزَّمانُ حتّى لا يُستطالَ، ويُسْتَقْصَرُ لاسْتِلْذاذِه، وأَيّامُ السرور والعافيةِ قَصِيرَةٌ. وقيل: هو كنايةٌ عن قِصَرِ الأَعْمَارِ، وقِلَّة البَرَكَةِ. أَنشد شيخُنا أَبُو عبدِ الله الفاسِيُّ في حاشيته قال: أَنشد شيخُنا أَبو محمّدٍ المسناوِيُّ في خطبة كتابٍ أَلَّفَهُ لسلطان العَصْر مولاي


(١) زيد في اللسان: وأحسنه أن تقول: إن زيداً عريب منك، لأنه اجتمع معرفة ونكرة.

(٢) في اللسان: البعد.

(٣) في اللسان: «أو قُرابته» وفي النهاية: «... قُراب .... وروي» «قُرابة المؤمن».

(٤) كذا بالأصل واللسان بالغين المعجمة، والصواب عوّر بالعين المهملة فالطريق لا يغور وإنما يعوّر أي تفسد أعلامه ومناره ومنه قولهم: طريق أعور أي لا علم فيه (تهذيب الأزهري - قرب).

(٥) في اللباب: تغلب.

(٦) في النهاية: أراد.