تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نوم]:

صفحة 709 - الجزء 17

  وثَوْبٌ مُنَمْنَمٌ: مَرْقومٌ مُوَشًّى.

  وِالنِّمْنمُ، كفِلْفلٍ: القَمْلةُ الصَّغيرَةُ.

  وقالَ ابنُ الأَعْرابيِّ: النَّمَّةُ: اللُّمْعَةُ مِن بياضِ في سوادٍ وسوادٍ في بياضٍ.

  وناقَةٌ مُنَمْنَمَةٌ: سَمِينَةٌ مُلْتَفَّة.

  ونَبْتٌ مُنَمْنَمٌ: مُلْتَفٌّ مُجْتَمِعٌ.

  وِالنَّمَمُ، محرَّكةً: النَّمِيمةُ.

  وِنَمْنَمَ كِتابَهُ: قرْمَطَ خَطَّه.

  ويقالُ: هذه إِبِلٌ لا تَنِمُّ جُلودُها، أَي لا تَعْرَق، وهو مجازٌ كما في الأَساسِ.

  [نوم]: النَّوْمُ: مَعْروفٌ؛ كما في الصِّحاحِ.

  وفي المُحْكَم: النُّعاسُ، وفَسَّره في نَعَسَ بالوَسَنِ، ومِثْلُه هناك في الصِّحاحِ.

  وقالَ الأَزْهرِيّ: حَقِيقَةُ النُّعاسِ السَّنَةُ مِن غيرِ نَوْمٍ.

  أَو الرُّقادُ، وقد فَسَّره في الدَّالِ بالنَّوْمِ على عادَتِه في تفْسِيرِ أَحَد اللَّفْظَيْن بالآخرِ.

  قالَ شَيْخُنا: ولهم في النَّوْمِ مَراتِبُ أَوّلُه نُعاسٌ⁣(⁣١) فوَسنُ فتَرْنيقٌ فكريٌّ فغمضٌ فتَغْفيقٌ فإغْفاءُ فتَهْويمُ فغرارٌ فتهْجاعُ، ذَكَرَه أَبومَنْصورٍ الثَّعالبيُّ في فقْهِ اللُّغَةِ.

  قالَ: واخْتَلَفَتْ عِبارَاتهم في النَّوْمِ، فقيلَ: إنَّه هواءٌ ينزلُ مِن أَعْلَى الدِّماغِ فيفقدُ معه الحِسّ، قالَهُ الآبي.

  قالَ: والنُّعاسُ مُقدِّمَةُ النَّوْمِ، وهو رِيحٌ لَطِيفةٌ تأْتي مِن قبلِ الدِّماغِ تُغَطِّي على العَيْنِ، ولا تصِلُ إلى القَلْبِ، فإذا وَصَلَت القَلْبَ كانَ نَوْماً.

  وقالَ آخرون: النَّوْمُ غشيٌ ثَقِيلٌ يَهْجمُ على القَلْبِ فيقطعُه عن مَعْرفةِ الأَشْياءِ، ولذلِكَ قيلَ: إنَّه آفةٌ لأنَّ النَّوْمَ أَخُو المَوْتِ، كما في المِصْباحِ. كالنِّيامِ، بالكسْرِ، عن سِيْبَوَيْه، يقالُ: نامَ نَوْماً وِنِياماً، والاسْمُ النِّيمَةُ، بالكسْرِ، وهو نائِمٌ.

  وقد يُرادُ بالنَّوْمِ الاضْطِجاعُ كحدِيْث عِمْرانَ بنِ حُصَيْنٍ في الصلاة: فإن لم تَسْتَطِعْ فنائِماً، هكذا فسَّره الخطابِيُّ وقيلَ هو تَصْحيفٌ وإنَّما أَرادَ فإيماءً، قالَ الجَوْهرِيُّ: نِمْتُ، بالكسْرِ، أَصْلُه نَوِمْت، بكسْرِ الواوِ، فلمَّا سكَنَتْ سَقَطَتْ لاجْتِماعِ السَّاكِنَيْنِ ونُقِلتْ حَرَكَتُها إلى ما قَبْلِها، وكان حَقُّ النّونِ أَنْ تُضَمَّ لتَدُلَّ على الواوِ السَّاقطَةِ كما ضَمَمْتَ القاف في قُلْت، إلَّا أَنَّهم كسَرُوها فَرْقاً بينَ المَضْمومِ والمَفْتوحِ.

  قالَ ابنُ بَرِّي: قوْلُه: وكان حقُّ النّونِ الخ، وهَمٌ لأنَّ المُراعَى إنَّما هو حركةُ الواوِ التي هي الكسْرَةُ دُوْن الواو بمنْزلَةِ خِفْتِ، وأَصْلُه خَوِفْت فنُقِلَت حَرَكَةُ الواو، وهي الكسْرَةُ، إلى الخاءِ، وحُذِفَت الواو لالْتِقاءِ السَّاكِنَيْنِ، فأَمَّا قُلْت فإنَّما ضُمَّتِ القافُ أَيْضاً لحَركَةِ الواوِ، وهي الضمَّةُ، وكان الأَصْلُ فيها قَوَلْت، نُقِلَتْ إلى قوُلت، ثم نُقِلَت الضمَّةُ إلى القافِ فحُذِفَت الواوُ لالْتِقاءِ السَّاكنَيْن.

  ثم قالَ الجَوْهرِيُّ: وأَمَّا كِلْتُ فإِنَّهم كَسَرُوها لتَدلّ على الياءِ السَّاقِطَةِ.

  قالَ ابنُ بَرِّي: وهذا وَهَمٌ أَيْضاً، وإِنَّما كَسَرُوها للكَسْرة التي على الياءِ أَيْضاً، لا للياءِ، وأَصْلُها كَيِلْت مُغَيَّرة عن كَيَلْتُ، وذلك عنْدَ اتِّصالِ الضَّمير بها أَعْني التاءَ، على ما بُيِّن في التَّصْريفِ، قالَ: ولا يصحُّ أَنْ يكونَ كالَ فَعِل لقَوْلِهم في المُضارعِ يَكِيلُ وفَعِلَ يَفْعِلُ إنَّما جاءَ في أَفْعالٍ مَعْدودَةٍ.

  ثم قالَ الجَوْهرِيُّ: وأَمَّا على مذْهَبِ الكِسائي فالقِياسُ مستمرٌّ لأَنَّه يقولُ: أَصلُ قالَ قَوُلَ، بضمِّ الواوِ، وأَصلُ كالَ كَيِلَ، بكَسْرِ الياءِ، والأَمْرُ منه نَمْ، بفتحِ النّونِ، بناءً على المُسْتَقْبلِ لأَنَّ الواوَ المُنْقَلِبَة أَلِفاً سَقَطَتْ لاجْتِماعِ السَّاكِنَيْن.

  قالَ ابنُ بَرِّي: لم يَذْهَب الكِسائيُّ ولا غيرُه إلى أَنَّ أَصْلَ قالَ قَوُل، لأَنَّ قالَ مُتَعدٍّ وفَعُل لا يَتَعَدَّى واسْمُ الفاعِلِ منه قائِلٌ، ولو كانَ فَعُل لوجبَ أَنْ يكونَ اسْمُ


(١) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: أوله نعاس الخ بمراجعة فقه اللغة المنقول منه يظهر لك أن الشارح أسقط بعد المذكور هنا مراتب فراجعه».