تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الهمزة مع النون

صفحة 13 - الجزء 18

  وقالَ الشاعِرُ:

  قلتُ لِبَوَّابٍ لَدَيْهِ دارُها ... تِئْذَنْ فإنِّي حَمْؤُها وجارُها⁣(⁣١)

  قالَ أَبو جَعْفَر: أَرادَ لِتَأْذَنْ، وجائِزٌ في الشِّعْر حذفُ اللام وكسْرُ التَّاءِ على لُغَةِ مَنْ يقولُ أَنْتَ تِعْلَم؛ وقُرِئَ: فلذَلِكَ فَلْتِفْرَحوا⁣(⁣٢).

  وأَذِنَ إليه وله، كفَرِحَ، أَذَناً: اسْتَمَعَ إليه مُعْجِباً؛ وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي لعَمْرو بنِ الأَهْيَم:

  فلَمَّا أَنْ تَسايَرْنا قَليلاً ... أَذِنَّ إلى الحديثِ فهُنَّ صُورُ

  وقالَ عَدِيُّ:

  في سَماعٍ يَأْذَنُ الشَّيخُ له ... وحديثٍ مثْل ماذِيِّ مُشَار⁣(⁣٣)

  وشاهِدُ المَصْدرِ قَوْل عَدِيِّ:

  أَيُّها القَلْبُ تَعَلَّلْ بدَدَنْ ... إنَّ هَمِّي في سَماعٍ وأَذَنْ⁣(⁣٣)

  أَو هو عامٌّ سَواء بإعْجابٍ أَو لا، وأَنْشَدَ الجوْهرِيُّ لقَعْنَب بن أُمِّ صاحِبٍ:

  إن يَسْمَعُوا رِيبةً طارُوا بها فَرَحاً ... مِنِّي وما سَمِعوا من صالِحٍ دَفَنُوا

  صُمٌّ إذا سَمِعوا خَيْراً ذُكِرْتُ به ... وإن ذُكِرْتُ بشَرٍّ عنْدَهم أَذِنوا⁣(⁣٤)

  وفي الحَدِيْثِ: «ما أَذِنَ اللهُ لشيءٍ كأَذَنِه لِنَبيِّ يَتَغَنَّى بالقُرْآنِ».

  قالَ أَبو عُبَيدٍ: يعْني ما اسْتَمَعَ اللهُ لشيءٍ كاسْتِماعِه لمَنْ يَتْلوه يَجْهَرُ به. وقوْلُه، ø: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ}⁣(⁣٥)، أَي اسْتَمَعَتْ.

  وأَذِنَ لِرائحةِ الطَّعامِ: إذا اشْتَهاه ومالَ إليه؛ عن ابنِ شُمَيْل. وآذَنَهُ الشيءُ إيْذاناً: أَعْجَبَهُ فاسْتَمَعَ؛ أَنْشَدَ ابنُ الأَعْرابيِّ:

  فلا وأَبيكَ خَيْر منْكَ إنِّي ... لَيُؤْذِنُني التَّحَمْحُمُ والصَّهيلُ

  وآذَنَه إيذاناً: مَنَعَهُ ورَدَّهُ.

  والأُذُنُ، بالضَّمِّ وبضمتينِ يُخَفَّفُ ويُثَقَّلُ، م مِن الحَواسِّ، مُؤَنَّثَةٌ، كالأَذِينِ، كأَميرٍ، والذي حَكَاه سِيْبَوَيْه أُذْن، بالضمِّ، ج آذانٌ، لا يُكسَّرُ على غيرِ ذلِكَ.

  ومِن المجازِ: الأُذُنُ: المَقْبِضُ والعُرْوَةُ مِن كلِّ شيءٍ، كأُذُنِ الكُوزِ والدَّلْوِ، على التَّشْبِيهِ، وكلٌّ مُؤَنَّثٌ.

  وقالَ أَبو زيادٍ: أُذُنٌ، بضمَّتَيْن: جَبَلٌ لبَني أَبي بَكرِ ابنِ كِلابٍ، وإيَّاهُ أَرادَ جَهْمُ بنُ سبل بقوْلِه فسكَّنَ:

  فأَنّى لأُذْنٍ والسَّتارَيْن بعد ما ... عنيت لأُذْن والستارين قاليا⁣(⁣٦)

  ومِن المجازِ: الأُذْنُ: الرَّجُلُ المُسْتَمِعُ القابِلُ لما يقالُ له، وصَفُوا به للواحِدِ والجَمْعِ.

  قالَ أَبو زيْدٍ: رجُلٌ أُذُنٌ ورِجالٌ أُذُنٌ إذا كانَ يَسْمَعُ مَقالَةَ كلّ أَحَدٍ.

  قالَ ابنُ بَرِّي: ويقُولونَ: رجُلٌ أُذُنٌ وامرأَةٌ أُذُنٌ، ولا يُثَنَّى ولا يُجْمَع، قالَ: وإنَّما سمَّوه باسْمِ العُضْو تَهْويلاً وتَشْنِيعاً.

  وجاءَ في تفْسِيرِ قَوْله، ø: {هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ}⁣(⁣٧)، أَنَّ مِنَ المُنافِقينَ مَنْ كَانَ يَعيبُ النبيَّ ، ويقولونَ: إن بَلَغَه عنِّي شيء حَلَفْت له وقَبِلَه منِّي لأنَّه أُذُنٌ، فأَعْلَمَه اللهُ تعالَى أَنَّه أُذُنُ خيرٍ لا أُذُنُ شَرٍّ، أَي مُسْتَمِعُ خيرٍ لكُم.


(١) اللسان والصحاح وفيهما: «تيذن».

(٢) يونس، الآية ٥٨ وفي الآية: {فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا}.

(٣) اللسان والمقاييس ١/ ٧٦.

(٤) اللسان والصحاح والتكملة.

(٥) الانشقاق، الآية ٢، والانشقاق، الآية ٥.

(٦) معجم البلدان وفيه غنيت، وبهامشه: لعلها: غدوتُ.

(٧) التوبة، الآية ٦١.