تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الباء مع النون

صفحة 78 - الجزء 18

  وبانَتِ المرْأَةُ عن الرَّجُلِ فهي بائِنٌ: انْفَصَلَتْ عنه بطَلاقٍ.

  وتَطْليقَةٌ بائِنَةٌ، بالهاءِ لا غَيْر، فاعِلَةٌ بمعْنَى مَفْعولَةٍ: أَي تَطْليقَةٌ ذات بَيْنُونَةٍ، ومثْلُه عِيشَةٌ راضِيَةٌ أَي ذات رِضاً.

  والطّلاقُ البائِنُ: الذي لا يملكُ الرَّجُلُ فيه اسْتِرجاعَ المرْأَةِ إلَّا بعَقْدٍ جَديدٍ وله أَحْكامٌ تَفْصِيلُها في أَحْكامِ الفُروعِ مِن الفقْهِ.

  وبانَ⁣(⁣١) بَياناً: اتَّضَحَ، فهو بَيِّنٌ، كسَيِّدٍ، ج أَبْيِناءُ، كهَيِّنٍ وأَهْيِناء، كما في الصِّحاحِ.

  قالَ ابنُ بَرِّيْ: صَوابُه مثْلُ هَيِّن وأَهْوِناء لأنَّه مِن الهوانِ.

  وبِنْتُه، بالكسْرِ، وبَيَّنْتُه وتَبَيَّنْتُه وأَبَنْتُه واسْتَبَنْتُه: أَوْضَحْتُه وعَرَّفْتُه فبانَ وبَيَّنَ وتَبَيَّنَ وأَبانَ واسْتَبَانَ، كُلُّها لازِمَةٌ مُتَعَدِّيَةٌ، وهي خَمْسَةُ أَوْزانٍ، اقْتَصَرَ الجوْهرِيُّ منها على ثلاثَةٍ وهي: أَبانَ الشيء اتَّضَحَ، وأَبَنْتُه: أَوْضَحْتُه، واسْتَبَانَ الشيءُ: ظَهَرَ، واسْتَبَنْتُه: عَرفْتُه، وتَبَيَّنَ الشيءُ: ظَهَرَ، وتبَيَّنْتُه أَنا، ولكلِّ مِن هَؤلاء شَواهِدُ.

  أَمَّا بانَ وبانَهُ، فقد حَكَاه الفارِسِيُّ عن أَبي زيْدٍ وأَنْشَدَ:

  كأنّ عَيْنَيَّ وقد بانُوني ... غَرْبانِ فَوْقَ جَدْوَلٍ مَجْنونِ⁣(⁣٢)

  وأَمَّا أَبانَ اللَّازِمَ فهو مُبِينٌ؛ وأَنْشَدَ الجوْهرِيُّ لعُمَر بنِ أَبي ربيعَةَ:

  لو دَبَّ ذَرَّ فوقَ ضاحِي جلْدِها ... لأَبانَ مِن آثارِهِنَّ حُدورُ⁣(⁣٣)

  قالَ الجَوْهرِيُّ: والتَّبْيينُ: الإيضاحُ، وأَيْضاً: الوُضوحُ. وفي المَثَل:

  قد بَيَّنَ الصبحُ لذي عَيْنَينِ

  أَي تَبَيَّنَ.

  وقالَ النابِغَةُ:

  إلَّا الأَوارِيّ لَأْياً ما أُبَيِّنُها ... والنُّؤْيُ كالحَوْضِ بالمظلومةِ الجَلَدِ⁣(⁣٤)

  أَي أَتَبيَّنُها.

  وقوْلُه تعالَى: {آياتٍ مُبَيِّناتٍ}⁣(⁣٥)، بكسْرِ الياءِ وتَشْديدِها بمعْنَى مُتَبَيِّناتٍ؛ ومَن قَرَأَ بفتحِ الياءِ فالمَعنَى أَنَّ اللهَ بَيَّنَها.

  وقالَ تعالَى: {قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}⁣(⁣٦)، وقولُه تعالَى: {إِلّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}⁣(⁣٧)، أَي ظاهِرَةٍ مُتَبَيِّنة؛ وقالَ ذُو الرُّمّة:

  تُبَيِّنُ نِسْبةَ المَرَئِيّ لُؤْماً ... كما بَيَّنْتَ في الأَدَم العَوارا

  أَي تُبَيِّنُها، ورَوَاهُ عليُّ بنُ حَمْزَةَ: تُبيِّن نِسبةُ، بالرَّفْع، على قوْلِه:

  قد بَيَّنَ الصبْحُ لذي عَيْنَيْن

  وقوْلُه تعالى: {وَالْكِتابِ الْمُبِينِ}⁣(⁣٨)، قيلَ: مَعْناه المُبِين الذي أَبانَ طُرُقَ الهُدَى مِن طُرُقِ الضّلالِ وأَبانَ كلَّ ما تَحْتاجُ إليه الأُمَّةُ.

  وقالَ الأزْهرِيُّ: الاسْتِبانَةُ قد يكونُ واقِعاً. يقالُ: اسْتَبَنْتُ الشيءَ إذا تَأَملْتَه حتى يَتَبيَّنَ لكَ؛ ومنه قوْلُه تعالى: ولِتَسْتَبين سبيلَ المُجْرِمين⁣(⁣٩)، المَعْنى لِتَستبينَ أَنْتَ يا محمدُ، أَي لتَزْدادَ إجابَةً.


(١) قوله: «بانَ» من القاموس، وقد وضَعها الشارح خطأ خارج الأقواس، على أنها ليست في القاموس.

(٢) اللسان.

(٣) اللسان والصحاح.

(٤) ديوانه ط بيروت ص ٣٠ واللسان وصدره في الصحاح.

(٥) النور، الآيتين ٣٤ و ٤٦.

(٦) البقرة، الآية ٥٦.

(٧) النساء، الآية ٤٩، والطلاق، الآية الأولى.

(٨) الزخرف، الآية ٢.

(٩) الأنعام، الآية ٥٥.