تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل العين مع النون

صفحة 393 - الجزء 18

  وكقوْلِهِ:

  على عن يَمينِي مَرَّتِ الطَّيْرُ سُنَّحَا⁣(⁣١)

  قالَ الأزْهرِيُّ⁣(⁣٢): قالَ المبرَّدُ: مِن وإلى وفي ورُبّ والكافُ الزائِدَةُ والباءُ الزائِدَةُ واللامُ الزائِدَةُ هي حُرُوفُ الإِضافَةِ التي تُضافُ بها الأسْماءُ أَو الأَفْعالُ إلى ما بَعْدها، فأمَّا ما وَضَعَه النّحويُّونَ نحْو: على وعَنْ وقَبْل وبَعْدُ وبَيْن وما كانَ مِثْل ذلِكَ فإنَّما هي أسْماءٌ؛ يقالُ: جِئْتُ مِن عِنْدِهِ، ومِن عليه، ومِن عنْ يَسارِهِ، ومِن عَنْ يمِينِه؛ وأَنْشَدَ للقطاميّ:

  فقُلْتُ للرَّكْبِ لما أنْ عَلَا بِهِمُ ... مِنْ عَنْ يمينِ الحُبَيّا نظْرَةٌ قَبَلُ⁣(⁣٣)

  * تَنْبيه*

  يقالُ: جاءَنا الخَبَرُ عنِ النبيِّ، ، فَتُخْفَض النُّونُ: ويقالُ: جاءَنا مِنَ الخَيْرِ ما أَوْجَبَ الشُّكْر، فتُفْتَح النُّونُ لأنَّ عن كانتْ في الأصْلِ عَنِي، ومن أَصْلُها مِنا فدَلَّتِ الفَتْحة على سُقُوطِ الألفِ، كما دلَّتِ الكَسْرَةُ في عن على سُقوطِ الياء.

  وقالَ الزجَّاجُ في إعْرابِ من الوقف إلَّا أَنَّها فُتِحَتْ مع الأَسْماءِ التي يَدْخلُها الألِفُ واللامُ لالْتِقاءِ السَّاكِنَيْن كقَوْلِك من الناسِ، النُّونُ مِن من ساكِنَة، والنُّونُ مِن الناس ساكِنَة، وكان في الأصْل أن تُكسَرَ لالْتِقاءِ السَّاكِنَيْن، ولكنَّها فُتِحَتْ لثقلِ اجْتِماع كَسْرَتَيْن، لو كانَ مِنَ الناسِ لثَقُلَ ذلك، وأَمَّا إعرابُ عن الناس فلا يَجوزُ فيه إلَّا الكَسْر، لأنَّ أَوَّل عن مَفْتوحَةٌ.

  قالَ الأَزْهرِيُّ: والقَوْلُ ما قالَ الزجَّاجُ في الفرْقِ بَيْنهما.

  * قلْتُ: وسَيَأْتي بعضُ ما يتعلَّقُ بذلِكَ في من إنْ شاءَ الله تعالى. * وممَّا يُسْتدركُ عليه: الِعُنَّةُ، بالكسْرِ والضمِّ: الاعْتِراضُ بالفُضولِ.

  والعُنُنُ، بضمَّتَيْن المُعْترِضُونَ بالفُضولِ، الواحِدُ عانٌّ وعَنُونٌ وأَيْضاً جَمْعُ العَنِين والمَعْنون.

  يقالُ: عُنَّ الرَّجُلُ وعُنِّنَ وعُنِنَ وأُعْنِنَ، فهو عَنِينٌ مَعْنونٌ مُعَنٌّ مُعَنَّنٌ.

  وفي المَثَلِ: مُعرّضٌ⁣(⁣٤) لعَنَنٍ لم يَعْنِه.

  وامرأَةٌ مِعَنَّةٌ، بكسْرِ المِيمِ: مَجْدُولَةٌ غَيْر مُسْترْخِيَة البَطْنِ.

  والعَنَنُ: الباطِلُ.

  ومِن صفَةِ الدُّنْيا: العَنُونُ، لأنَّها تَتَعرَّضُ للناسِ، وفَعُولٌ للمُبالَغَةِ.

  وأَعَنَّ عَنَناً: إذا اعْتَرَضَ لك عن يمِينٍ أَو شمالٍ بمكْرُوهٍ؛ والعَنُّ: المَصْدَرُ؛ والعَنَنُ: الاسمُ، وهو المَوْضِعُ الذي يَعُنُّ فيه العانُّ.

  وهو لَكَ بَيْنَ الأَوْبِ والعَنَنِ، أي بَيْنَ الطَّاعة والعِصْيان؛ قالَ ابنُ مُقْبِلٍ:

  يُبْدِي صُدوداً ويُخْفي بَيْننا لَطَفاً ... يأْتي مَحارِمَ بينَ الأَوْبِ والعَنَن⁣(⁣٥)

  والعانُّ مِن السَّحابِ: الذي يَعْترِضُ في الأُفُقِ.

  والتَّعْنِينُ: الحَبْس في المُطْبَق الطَّويلِ.

  وتَعَنَّنَ الرَّجُل: تَرَكَ النِّساءَ مِن غيرِ أنْ يكونَ عِنِّيناً لثأْرٍ يَطْلبُه؛ ومنه قَوْلُ وَرْقاءَ بن زهيرِ بنِ جَذِيمةَ:

  تعَنَّنْتُ للموتِ الذي هو واقِعٌ ... وأَدركتُ ثأْرِي في نُمَيْرٍ وعامِرِ⁣(⁣٦)


(١) من شواهد القاموس، ومغني اللبيب ص ١٩٩ وعجزه:

وكيف سنوح واليمين قطيع

(٢) التهذيب ٣/ ٢١٥.

(٣) اللسان والتهذيب والصحاح.

(٤) ضبطت في اللسان بالقلم بكسر الراء الخفيفة.

(٥) اللسان.

(٦) اللسان.