[أده]:
  قالَ ابنُ بَرِّي: قَوْلُ الجوْهرِيّ: ولو كانَتا عوضاً الخ، هذا رَدٌّ على أَبي عليِّ الفارِسِيّ لأَنَّه كانَ يَجْعَل الأَلِفَ واللامَ في اسمِ البَارِي سبحانه عِوَضاً مِنَ الهَمْزَةِ، ولا يلزمُه ما ذَكَرَه الجوْهرِيُّ مِن قَوْلِهم الإِلاهُ، لأَنَّ اسمَ اللهِ لا يَجوزُ فيه الإِلاهُ، ولا يكونُ إِلَّا مَحْذوفَ الهَمْزةِ، تَفَرَّدَ سبحانه بهذا الاسمِ لا يشرِكُه فيه غَيْرُه، فإِذا قيلَ الإلاهُ انْطَلَقَ على اللهِ سبحانه وعلى ما يُعْبَدُ مِن الأَصْنامِ، وإِذا قُلْتَ الله لم يَنْطَلِق إِلَّا عليه سبحانه وتعالى، ولهذا جازَ أَن يُنادَى اسم الله، وفيه لامُ التَّعْريفِ وتُقْطَعُ هَمْزَتُه، فيُقالُ يا أللهُ، ولا يَجوزُ يا الإلاهُ على وَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ مَقْطوعَة هَمْزَتُه ولا مَوْصُولَةٍ، انتَهَى.
  وقالَ الليْثُ: اللهُ ليسَ مِنَ الأَسْماءِ التي يَجوزُ فيها اشْتِقاقٌ كما يَجوزُ في الرحمنِ والرحيمِ.
  ورَوَى المُنْذرِي عن أَبي الهَيْثَم أنَّه سأَلَه عن اشْتِقاقِ اسمِ اللهِ في اللّغَةِ فقالَ: كان حَقّه إِلَهٌ، أُدْخِلَتِ الأَلِفُ واللَامُ تَعْريفاً، فقيلَ الإلاهُ، ثم حَذَفَتِ العَرَبُ الهَمْزَةَ اسْتِثْقالاً لها، فلمَّا تَركُوا الهَمْزَةَ حَوَّلُوا كَسْرتَها في اللامِ التي هي لامُ التّعْريفِ، وذَهَبَتِ الهَمْزةُ أَصْلاً فقالوا أَلِلاهُ، فحرَّكُوا لامَ التَّعْريفِ التي لا تكونُ إلَّا ساكِنَةً، ثم الْتَقَى لامانِ مُتحرِّكتانِ، وأَدْغَمُوا الأُولى في الثانِيَةِ، فقالوا الله، كما قالَ اللهُ، ø: {لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي}(١)، معْناهُ لكنْ أَنا.
  وكُلُّ ما اتُّخِذَ مِن دُونه مَعْبُوداً إلهٌ عند مُتَّخِذِه بَيِّنُ الإِلَاهَةِ، بالكسْرِ، والأُلْهانِيَّةِ، بالضَّمِّ. وفي حدِيثِ وهب(٢) بنِ الوَرْدِ: «إذا وَقَعَ العَبْدُ في أُلْهانِيَّةِ الرَّبِّ، ومُهَيْمِنِيَّة الصِّدِّيقِين ورَهْبَانِيَّةِ الأَبْرارِ لم يَجِدْ أَحَداً يَأْخُذ بقَلْبِه»، أَي لم يَجِدْ أَحَداً يَعجبُه ولم يُحِبَّ إلَّا اللهَ سبحانه.
  قالَ ابنُ الأثيرِ: هو فُعْلانِيَّة مِن ألِهَ يَأْلَهُ إِذا تَحَيَّرَ، يُريدُ إِذا وَقَعَ العَبْدُ في عَظَمَةِ اللهِ وجَلالِهِ وغير ذلِكَ مِن صفَاتِ الرُّبُوبيَّةِ وصَرَفَ توهّمُه إليها، أَبْغَضَ الناسَ حتى ما يميلَ قلْبُه إلى أَحَدٍ.
  والإِلَاهَةُ(٣): ع بالجَزِيرَةِ؛ كما في الصِّحاحِ.
  وقالَ ياقوتُ: وهي قارة بالسَّماوَةِ؛ وأَنْشَدَ لأُفْنُون التَّغْلَبيّ، واسْمُه صُرَيْمُ بنُ مَعْشَرٍ:
  كفى حَزَناً أَن يَرْحَلَ الركبُ غُدْوَةً ... وأُصْبِحَ في عُلْيا أَلاهَةَ ثاوِيا(٤)
  قالَ ابنُ بَرِّي: ويُرْوى: وأُتْرَكَ في عُلْيَا أُلاهَةَ، بضمِّ الهَمْزَةِ، قالَ: وهو الصَّحِيحُ لأنَّه بها دُفِنَ قائِلُ هذا البَيْت.
  * قُلْتُ: وله قصَّة وأَبْيَاتٌ ذَكَرَها ياقوتُ في مُعْجمه.
  والإلاهَةُ: الحَيَّةُ العَظِيمَةُ؛ عن ثَعْلَب.
  والإِلاهَةُ: الأَصْنامُ، هكذا هو في سائِرِ النُّسخِ، والصَّحيحُ بهذا المعْنَى الآلِهَةُ بصيغَةِ الجَمْع، وبه قُرِئَ قَوْلُه تعالَى: {وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ}، وهي القِراءَةُ المَشْهورَةُ.
  قالَ الجوْهرِيُّ: وإِنَّما سُمِّيَت الآلِهَةُ(٥) الأَصْنَام لأَنَّهم اعْتَقَدُوا أَنَّ العِبادَةَ تحقُّ لها، وأَسْماؤُهم تَتْبَعُ اعْتِقادَاتِهم لا ما عليه الشَّيء في نَفْسِه؛ فتأَمَّلْ ذلِكَ.
  والإِلاهَةُ: الهِلالُ؛ عن ثَعْلَب.
  والإِلاهَةُ: الشَّمْسُ، غَيْر مَصْرُوف بِلا أَلِفٍ ولامٍ، ورُبَّما صَرَفُوا وأَدْخَلوا فيه الأَلِفَ واللامَ وقالوا الإلاهَةُ.
  قالَ الجوْهرِيُّ: وأَنْشَدَ أَبو عليِّ:
  فأَعْجَلْنا الإلاهَةَ أَن تَؤُوبا
  قُلْتُ: وحُكِي عن ثَعْلَب أَنَّها الشَّمْسُ الحارَّةُ.
  قالَ الجَوْهرِيُّ: وقد جاءَ على هذا غَيْرُ شيءٍ من
(١) الكهف، الآية ٣٨.
(٢) في اللسان: وهيب.
(٣) قيدها ياقوت بالضم، ضبط قلم، ونص الصاغاني في التكملة على الضم.
(٤) اللسان والصحاح والتكملة ومعجم البلدان: «الالاهة» وفيه: «في عليا الأُلاهة ثاويا».
(٥) بهامش المطبوعة المصرية: قوله: وإنما سميت الآلهة الأصنام، كذا بخطه، والذي في الصحاح: «والآلهة الأصنام سموها بذلك لاعتقادهم أن العبادة تحق لهم الخ».