تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الهمزة

صفحة 8 - الجزء 19

  دُخولِ لامِ المَعْرفةِ الاسمَ مَرَّة وسُقُوطِها أُخْرى، قالوا: لَقِيته النَّدَرَى وفي نَدَرَى، وفَيْنَةً والفَيْنَةَ بعْدَ الفَيْنَة، فكأَنَّهم سَمَّوْها إلَاهة لتَعْظِيمِم لها وعِبادَتِهم إيَّاها.

  والمِصْراعُ المَذْكُور مِن أَبْياتٍ لمَيَّة بِنْت أُمِّ عُتْبَة بنِ الحارِثِ، وقيلَ: لبنْتِ عبْدِ الحارِثِ اليَرْبُوعيِّ، ويقالُ لنائِحَة عُتَيْبة⁣(⁣١) بنِ الحارِثِ.

  وقالَ أَبو عُبيدَةَ: لأمِّ البَنِين بنْت عُتَيْبة تَرْثِيه وأَوّلها:

  تروَّحْنا من اللّعْباءِ قَسْراً ... فأَعْجَلْنا الإلاهَةَ أَن تَؤُوبا

  على مثْل ابنِ مَيَّة فانْعِياه ... تَشُقُّ نَواعِمُ البَشَرِ الجُيُوبا⁣(⁣٢)

  ويُرْوَى: فأَعْجَلْنا ألاهَةَ.

  ووَقَعَ في نسخِ الحَماسَةِ هذا البَيْت لميَّة بنْت عُتَيْبة تَرْثي أَخَاها.

  ويُثَلَّثُ، الضَّمُّ عن ابنِ الأعْرابيِّ رَوَاها: أُلاهَةَ، قالَ: ويُرْوى: الأَلاهَةَ يُصْرَفُ ولا يُصْرَفُ؛ كالأَلِيهةِ، كسَفِينَةِ.

  والتَّأَلُّه: التَّنَسُّكُ والتَّعَبُّدُ؛ قالَ رُؤْبَة:

  للهِ دَرُّ الغَانِياتِ المُدَّهِ ... سَبَّحْنَ واسْتَرْجَعْنَ من تأَلُّهِي⁣(⁣٣)

  والتَّأْلِيه: التَّعْبِيدُ؛ نَقَلَهُ الجوْهرِيُّ.

  وتقولُ: أَلِهَ، كفَرِحَ، يَأْلَهُ أَلْهاً: تَحَيَّرَ، وأَصْلُه وَلِهَ يَوْلَهُ وَلْهاً، ومنه اشْتُقَّ اسمُ الجَلالَةِ لأَنَّ العُقُولَ تَألَهُ في عَظَمَتِه، أَي تَتَحَيَّرُ، وهو أَحَدُ الوُجُوه التي أَشارَ لها المصنِّفُ أَوَّلاً.

  وأَلِهَ على فلانٍ: اشْتَدَّ جَزَعَه عليه، مِثْلُ وَلِهَ؛ نَقَلَهُ الجوْهرِيُّ.

  وقِيلَ: هو مأْخُوذٌ مِن أَلِهَ إليه إِذا فَزِعَ ولاذَ، لأنَّه سبحانه المَفْزَعُ الذي يُلْجأُ إليه في كلِّ أَمْرٍ؛ قالَ الشاعِرُ:

  أَلِهْتَ إلينَا والحَوادِثُ جَمَّةٌ

  وقالَ آخَرُ:

  أَلِهْتُ إليها والرَّكائِبُ وُقَّف

  وقيلَ: هو مِن أَلَهَهُ، كمَنَعَهُ، إذا أَجارَه وآمَنَه.

  * وممَّا يُسْتدركُ عليه:

  أَصْلُ إِلَهٍ وِلاهٌ، كإِشاحٍ وِشاحٍ، ومعْنَى وِلاهٍ أَنَّ الخَلْقَ يَوْلَهُون إليه في حَوائِجِهم، ويَضْرَعُون إِليه فيمَا يَنُوبُهم، كما يَوْلَهُ كلُّ طِفْلٍ إِلى أُمِّه.

  وحَكَى أَبو زيْدٍ: الحمدُ لاهِ رَبِّ العَالَمِيْن.

  قالَ الأَزْهرِيُّ: وهذا لا يَجوزُ في القُرْآن إِنَّما هو حِكايَةٌ عن الأعْرابِ، ومَنْ لا يَعْرفُ سُنَّةَ القُرْآن.

  وقالَ ابنُ سِيدَه: وقالوا يا أَلله فقَطَعُوا، حَكَاهُ سِيْبَوَيْه، وهو نادِرٌ.

  وحَكَى ثَعْلَب أَنَّهم يَقولُونَ: يا الله، فيَصِلُون وهُما لُغَتانِ يعْنِي القَطْع والوَصْل.

  وحَكَى الكِسائي عن العَرَبِ: يله⁣(⁣٤) اغْفِرْ لي بمعْنَى يا ألله، وهو مُسْتَكْره، وقد يُقْصَر ضَرُورَة كقَوْلِ الشاعِرِ:

  أَلا لا بارَكَ اللهُ في سُهَيْلٍ ... إذا ما اللهُ بارَكَ في الرِّجالِ⁣(⁣٥)

  ونَقَلَ شيْخُنا: أَلِهَ بالمَكانِ، كفَرِحَ، إذا أَقامَ؛ وأَنْشَدَ:

  أَلِهْنا بدارٍ ما تَبِينُ رُسُومُها ... كأَنَّ بَقايَاها وشومٌ على اليَدِ

  وقالَ ابنُ حبيبٍ في الأزْد: الاهُ بنُ عَمْرو بنِ كَعْبِ بنِ الغطْرِيفِ؛ وفي عكِّ: الاهُ بنُ ساعِدَةَ؛ وفي تمِيمٍ: أليهة


(١) كذا وردت اللفظة بالأصل في موضعين بالتصغير، وقبلها في موضع مكبراً، ومثله في اللسان.

(٢) اللسان والأول في التهذيب برواية: «عصراً» والأول في الصحاح أيضاً برواية: «قصراً» وعجزه في المقاييس ١/ ١٢٧ وفيها: «فبادرنا الإِلاهة» ونسبه الأزهري لعُتيبة بن الحارث اليربوعي.

(٣) ديوانه ص ١٦٥ واللسان والمقاييس ١/ ١٢٧ والثاني في الصحاح والتهذيب.

(٤) في اللسان: «ويَلّله» ومثله في التهذيب.

(٥) اللسان.