فصل الهمزة
  دُخولِ لامِ المَعْرفةِ الاسمَ مَرَّة وسُقُوطِها أُخْرى، قالوا: لَقِيته النَّدَرَى وفي نَدَرَى، وفَيْنَةً والفَيْنَةَ بعْدَ الفَيْنَة، فكأَنَّهم سَمَّوْها إلَاهة لتَعْظِيمِم لها وعِبادَتِهم إيَّاها.
  والمِصْراعُ المَذْكُور مِن أَبْياتٍ لمَيَّة بِنْت أُمِّ عُتْبَة بنِ الحارِثِ، وقيلَ: لبنْتِ عبْدِ الحارِثِ اليَرْبُوعيِّ، ويقالُ لنائِحَة عُتَيْبة(١) بنِ الحارِثِ.
  وقالَ أَبو عُبيدَةَ: لأمِّ البَنِين بنْت عُتَيْبة تَرْثِيه وأَوّلها:
  تروَّحْنا من اللّعْباءِ قَسْراً ... فأَعْجَلْنا الإلاهَةَ أَن تَؤُوبا
  على مثْل ابنِ مَيَّة فانْعِياه ... تَشُقُّ نَواعِمُ البَشَرِ الجُيُوبا(٢)
  ويُرْوَى: فأَعْجَلْنا ألاهَةَ.
  ووَقَعَ في نسخِ الحَماسَةِ هذا البَيْت لميَّة بنْت عُتَيْبة تَرْثي أَخَاها.
  ويُثَلَّثُ، الضَّمُّ عن ابنِ الأعْرابيِّ رَوَاها: أُلاهَةَ، قالَ: ويُرْوى: الأَلاهَةَ يُصْرَفُ ولا يُصْرَفُ؛ كالأَلِيهةِ، كسَفِينَةِ.
  والتَّأَلُّه: التَّنَسُّكُ والتَّعَبُّدُ؛ قالَ رُؤْبَة:
  للهِ دَرُّ الغَانِياتِ المُدَّهِ ... سَبَّحْنَ واسْتَرْجَعْنَ من تأَلُّهِي(٣)
  والتَّأْلِيه: التَّعْبِيدُ؛ نَقَلَهُ الجوْهرِيُّ.
  وتقولُ: أَلِهَ، كفَرِحَ، يَأْلَهُ أَلْهاً: تَحَيَّرَ، وأَصْلُه وَلِهَ يَوْلَهُ وَلْهاً، ومنه اشْتُقَّ اسمُ الجَلالَةِ لأَنَّ العُقُولَ تَألَهُ في عَظَمَتِه، أَي تَتَحَيَّرُ، وهو أَحَدُ الوُجُوه التي أَشارَ لها المصنِّفُ أَوَّلاً.
  وأَلِهَ على فلانٍ: اشْتَدَّ جَزَعَه عليه، مِثْلُ وَلِهَ؛ نَقَلَهُ الجوْهرِيُّ.
  وقِيلَ: هو مأْخُوذٌ مِن أَلِهَ إليه إِذا فَزِعَ ولاذَ، لأنَّه سبحانه المَفْزَعُ الذي يُلْجأُ إليه في كلِّ أَمْرٍ؛ قالَ الشاعِرُ:
  أَلِهْتَ إلينَا والحَوادِثُ جَمَّةٌ
  وقالَ آخَرُ:
  أَلِهْتُ إليها والرَّكائِبُ وُقَّف
  وقيلَ: هو مِن أَلَهَهُ، كمَنَعَهُ، إذا أَجارَه وآمَنَه.
  * وممَّا يُسْتدركُ عليه:
  أَصْلُ إِلَهٍ وِلاهٌ، كإِشاحٍ وِشاحٍ، ومعْنَى وِلاهٍ أَنَّ الخَلْقَ يَوْلَهُون إليه في حَوائِجِهم، ويَضْرَعُون إِليه فيمَا يَنُوبُهم، كما يَوْلَهُ كلُّ طِفْلٍ إِلى أُمِّه.
  وحَكَى أَبو زيْدٍ: الحمدُ لاهِ رَبِّ العَالَمِيْن.
  قالَ الأَزْهرِيُّ: وهذا لا يَجوزُ في القُرْآن إِنَّما هو حِكايَةٌ عن الأعْرابِ، ومَنْ لا يَعْرفُ سُنَّةَ القُرْآن.
  وقالَ ابنُ سِيدَه: وقالوا يا أَلله فقَطَعُوا، حَكَاهُ سِيْبَوَيْه، وهو نادِرٌ.
  وحَكَى ثَعْلَب أَنَّهم يَقولُونَ: يا الله، فيَصِلُون وهُما لُغَتانِ يعْنِي القَطْع والوَصْل.
  وحَكَى الكِسائي عن العَرَبِ: يله(٤) اغْفِرْ لي بمعْنَى يا ألله، وهو مُسْتَكْره، وقد يُقْصَر ضَرُورَة كقَوْلِ الشاعِرِ:
  أَلا لا بارَكَ اللهُ في سُهَيْلٍ ... إذا ما اللهُ بارَكَ في الرِّجالِ(٥)
  ونَقَلَ شيْخُنا: أَلِهَ بالمَكانِ، كفَرِحَ، إذا أَقامَ؛ وأَنْشَدَ:
  أَلِهْنا بدارٍ ما تَبِينُ رُسُومُها ... كأَنَّ بَقايَاها وشومٌ على اليَدِ
  وقالَ ابنُ حبيبٍ في الأزْد: الاهُ بنُ عَمْرو بنِ كَعْبِ بنِ الغطْرِيفِ؛ وفي عكِّ: الاهُ بنُ ساعِدَةَ؛ وفي تمِيمٍ: أليهة
(١) كذا وردت اللفظة بالأصل في موضعين بالتصغير، وقبلها في موضع مكبراً، ومثله في اللسان.
(٢) اللسان والأول في التهذيب برواية: «عصراً» والأول في الصحاح أيضاً برواية: «قصراً» وعجزه في المقاييس ١/ ١٢٧ وفيها: «فبادرنا الإِلاهة» ونسبه الأزهري لعُتيبة بن الحارث اليربوعي.
(٣) ديوانه ص ١٦٥ واللسان والمقاييس ١/ ١٢٧ والثاني في الصحاح والتهذيب.
(٤) في اللسان: «ويَلّله» ومثله في التهذيب.
(٥) اللسان.