تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[آأ]:

صفحة 180 - الجزء 19

  وقالَ شَيْخُنا: فيه أَرْبعةُ أَقْوالٍ.

  * قُلْتُ: ولعلَّ القَوْلَ الرَّابعَ هو قَوْلُ مَنْ قالَ: إِنَّ الذاهِبَ منها العَيْن تَخْفيفاً؛ وهو قَوْلُ الكِسائي؛ صُيِّرَتْ ياؤُها الأُولى أَلِفاً كما فُعِل بحاجَةٍ وقامَةٍ، والأَصْلُ حائِجَة وقائِمَة. وقد رَدَّ عليه الفرَّاءُ ذلكَ فقالَ: هذا خَطَأٌ لأنَّ هذا لا يكونُ في أَولادِ الثلاثَةِ، ولو كانَ كما قالَ لقِيلَ في نَواةٍ وحَياةٍ نائه وحائه، قالَ: وهذا فاسَدٌ.

  ج آياتٌ وآيٌ وآيايٌ؛ كما في الصِّحاحِ؛ وأَنْشَدَ أَبو زيْدٍ:

  لم يُبْقِ هذا الدَّهْرُ مِن آيائِهِ ... غيرَ أَثافِيهِ وأَرْمِدائِه⁣(⁣١)

  * قُلْتُ: أَوْرَدَ الأَزْهرِيُّ هذا البيتَ في ثرى قالَ والثرياء على فَعْلاء الثرى، وأَنْشَدَ:

  لم يُبْقِ هذا الدَّهْرُ من ثريائِهِ ... غيرَ أَثافِيهِ وأَرْمِدائِهِ⁣(⁣٢)

  جج آياءٌ، بالمدِّ والهَمْز نادِرٌ.

  قالَ ابنُ بَرِّي عنْدَ قَوْلِ الجَوْهرِيّ في جَمْعِ الآيَةِ آيايٌ قال: صوابُه آياءٌ، بالهَمْز، لأنَّ الياءَ إذا وَقَعَتْ طَرَفاً بَعْد ألفٍ زائِدَةٍ قُلِبَتْ هَمْزة، وهو جَمْع آيٍ لا آيةٍ، فتأَمَّل ذلكَ.

  * قُلْتُ: واسْتَدَلَّ بعضٌ بما أَنْشَدَه أَبو زيْدٍ أَنَّ عَيْنَ الآيةِ ياءٌ لا واوٌ، لأنَّ ظُهورَ العَيْن في آيائِهِ دَليلٌ عليه، وذلِكَ أَنَّ وزْنَ آياي⁣(⁣٣) أَفْعال، ولو كانتِ العَيْن واواً لقالَ آوَائِهِ، إذ لا مانِعَ مِن ظُهورِ الواو في هذا المَوْضِع.

  والآيَةُ: العِبْرَةُ، ج آيٌ.

  قالَ الفرَّاءُ في كتابِ المَصادِرِ: الآيَةُ مِن الآياتِ والعِبَر، سُمِّيت آيَة كما قالَ تعالى: {لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسّائِلِينَ}⁣(⁣٤)، أَي أُمورٌ وعِبَرٌ مُخْتلِفَةٌ، وإنَّما تَرَكتِ العَرَبُ هَمْزتَها لأنَّها كانتْ فيمَا يُرَى في الأصْل أَيَّة، فثَقُلَ عليهم التَّشْديدُ فأَبْدَلوه أَلِفاً لانْفتاحِ ما قَبْل التَّشْديدِ، كما قالوا أَيْما المعْنَى أَمَّا.

  وقَوْلُه تعالى: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً}⁣(⁣٥). ولم يَقُل آيَتَيْن لأنَّ المعْنَى فيهما آيَةٌ واحِدَةٌ.

  قالَ ابنُ عرفَةَ: لأنَّ قصَّتَهما واحِدَةٌ.

  وقالَ الأزْهرِيُّ: لأنَّ الآيَةُ فيهما معاً آيَةً واحِدَةً وهي الوِلادَةُ دونَ الفَحْل.

  والآيَةُ: الإِمارَةُ. قالوا: افْعَلْه بآيَةِ كذا، كما تقولُ بأمارَةِ كذا.

  والآيَةُ: من القُرْآنِ: كلامٌ مُتَّصِلٌ إلى انْقِطاعِه.

  وآيَةٌ ممَّا يُضافُ إلى الفِعْلِ بقُرْبِ⁣(⁣٦) مَعْناها من معْنَى الوَقْتِ.

  قالَ أَبو بكْرٍ: سُمِّيت آيَةً لأنَّها علامَةٌ لانْقِطاع كلامٍ مِن كَلامٍ. ويقالُ: لأنَّها جماعَةُ حُرُوفٍ مِن القُرْآن.

  وقالَ ابنُ حَمْزَةَ: الآيَةُ مِن القُرْآنِ كأَنَّها العلامَةُ التي يُفْضَى منها إلى غيرِهَا كأَعْلامِ الطَّريقِ المَنْصوبَةِ للهِدَايَةِ.

  وقالَ الرَّاغبُ: الآية العلامَةُ الظاهِرَةُ، وحَقِيقَته كُلّ شَيءٍ ظَاهِر هو لازِمٌ لشيءٍ لا يَظْهَرُ ظُهُوره، فمتى أدْركَ مُدْرك الظاهِر منهما علَم أَنَّه أَدْرَكَ الآخَرَ الذي لم يُدْركْه بذاتِهِ إذا كان حُكْمُهما واحِداً، وذلِكَ ظَاهِرٌ في المَحْسوسِ والمَعقولِ. وقيلَ لكلِّ جُمْلةٍ مِن القُرْآنِ آيَةُ دَلالَة على حُكْمِ آية سُورَةً كانتْ أَو فُصولاً أَو فَضْلا مِن سُورَةٍ، ويقالُ لكلِّ كَلامٍ منه مُنْفَصِل بفَصْلٍ لَفْظِيِّ آيَةٌ، وعليه اعْتِبار آيات السُّور التي تُعَدُّ بها السُّورَةُ.

  وإِيَا الشَّمْسِ، بالكسْرِ والتَّخْفيفِ والقَصْرِ، ويقالُ إياهُ بزِيادَةِ الهاءِ، وإياءُ كسَحابٍ: شُعاعُ الشمسِ وضَوْءها يُذْكَر في الحُرُوفِ اللَّيِّنةِ، وهكذا فَعَلَه الجَوْهرِيُّ وَغَيْرُهُ مِن أَئِمَّةِ اللُّغَةِ، ذَكَروا أَيا هناك بالمناسَبَةِ الظاهِرَة لأيا النِّدائِيَّة.


(١) اللسان والصحاح.

(٢) التهذيب «ثري» ١٥/ ١١٥.

(٣) في اللسان: آياء.

(٤) سورة يوسف، الآية ٧.

(٥) سورة المؤمنون، الآية ٥٠.

(٦) في القاموس: لقُرْبِ.