تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الثاء المثلثة مع الواو والياء

صفحة 257 - الجزء 19

  ويَدْخُل في هذا النَّهْي ما أَحْدَثه المُولّدُون مِن أَنْواعِ الشِّعْر كالمواليا وكان الموشَّح والمُسَمَّط، فيُنْشدُونَها في المجالِسِ ويَتَمَشْدَقون بها كأَنَّ في ذلِكَ هجراً عن مُذاكَرَةِ القُرآنِ ومُدارَسَةِ العِلْم وتَطاولاً فيمَا لا يَنْبغي ولا يُفيدُ، فتأَمَّل ذلِكَ، ونَسْأَلُ اللهَ العَفْو من الآفاتِ.

  والثُّنْيانُ، بالضَّمِّ: الذي بعدَ السَّيلِ⁣(⁣١)؛ كذا في النُّسخِ والصَّوابُ: بعدَ السَّيِّدِ؛ قالَ أَوْسُ بنُ مَغْراء:

  ثُنْيانُنا إِن أَتاهُم كان بَدْأَهُمُ ... وبَدْؤُهُمْ إن أَتَانا كانَ ثُنْيانا⁣(⁣٢)

  هكذا رَواهُ اليَزِيديُّ. كالثِّنْيِ، بالكسْرِ، وكهُدىَ وإلَى، بالضَّمِّ والكسْرِ مَقْصورتانِ.

  قالَ أَبو عبيدٍ: يقالُ للذي يَجيءُ ثانِياً في السُّوددَ ولا يَجِيءُ أَولاً ثُنىً، مَقْصورٌ، وثُنْيانٌ وثِنْيٌ، كلُّ ذلِكَ يقالُ؛ ويُرْوَى قَوْل أَوْس.

  تَرَى ثِنانا إذا ما جَاءَ بَدْأَهُمُ

  يَقولُ: الثاني مِنَّا في الرِّياسَة يكونُ في غيرِنا سابقاً في السُّوددِ، والكَامِل في السُّوددِ مِن غيرِنا ثِنىً في السُّوددِ عندنا لفَضْلِنا على غيرِنا، ج ثُنْيان ثِنْيَة، بالكسْر. يقالُ: فلانٌ ثِنْيَة أَهْل بَيْتِه أَي أَرْذَلهم؛ وقالَ الأَعْشى:

  طَوِيلُ اليدَيْنِ رَهْطُه غيرُ ثِنْيةٍ ... أَشَمُّ كَرِيمٌ جارُهُ لا يُرَهَّقُ⁣(⁣٣)

  والثُّنْيانُ: مَنْ لا رَأْيَ له ولا عَقْلَ.

  والثُّنْيانُ: الفاسِدُ مِن الرَّأْيِ وهو مجازٌ.

  ومَضَى ثِنْيٌ من اللَّيْلِ، بالكسْر، أَي ساعَةٌ منه؛ حُكِي عن ثَعْلَب. أَو وَقْتٌ منه.

  والثَّنِيَّةُ، كغَنِيَّة: العَقَبَةُ، جَمْعُه الثِّنايا؛ قالَهُ أَبو عَمْرو.

  أَو طَريقُها العالِي؛ ومنه الحدِيثُ: «مَنْ يَصْعَدُ ثَنِيَّة المُرارِ حُطَّ عنه ما حُطَّ عن بَني إسْرائيلَ»، وقيلَ: أَرادَ به أَعْلَى المَسِيلِ في رأْسِه، والمُرارُ: مَوْضِعٌ بينَ الحَرَمَيْن، وثَنِيَّتُه عَقَبَةٌ شاقَّةٌ.

  أَو هي الجَبَلُ نَفْسُه، أَو الطَّريقَةُ فيه، كالنّقْبِ، أَو إليه.

  وقالَ الأزْهرِيُّ: العِقابُ جِبالٌ طِوالٌ تعرض الطَّريق، والطَّريقُ يأْخُذُ فيها، وكلُّ عَقَبةٍ مَسْلوكَةٍ ثَنِيَّةٌ، وجَمْعُها ثَنايَا، وهي المَدارجُ أَيْضاً.

  وقالَ الرَّاغِبُ: الثَّنِيَّةُ مِن الجَبَلِ ما يُحْتاجُ في قطْعِه وسُلوكِه إلى صُعُودٍ وحُدُورٍ⁣(⁣٤) فكأَنَّه يثني السَّيْر.

  والثَّنِيَّةُ: الشُّهَداءُ الذين اسْتَثْناهُمُ اللهُ عن الصَّعْقَةِ، رُوِي عن كَعْب أَنه قالَ: الشُّهَداءُ ثَنِيَّةُ اللهِ في الأرْضِ، يعْنِي مَنِ اسْتَثْناهُ في الصَّعْقَةِ الأُولى، تَأَوَّل قَوْلَ اللهِ تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلّا مَنْ شاءَ اللهُ}⁣(⁣٥)؛ فالذين اسْتَثْنَاهُمُ اللهُ عنْدَ كَعْب هُمُ الشُّهداءُ لأنَّهم عنْدَ رَبِّهم أَحْياءٌ {يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ}، فكأنَّهم مُسْتَثْنَونَ من الصعقتين وهذا معنى كلام كعب وهذا الحديث يرويه إبراهيم أيضاً والثَّنيَّةُ: بمعنى الاستثناء يقالُ حَلَفَ يميناً ليسَ فيها ثَنِيَّة، أَي اسْتِثْناء.

  والثَّنِيَّةُ مِنَ الأَضْراسِ تَشْبيهاً بالثَّنِيَّةِ مِن الجَبَلِ في الهَيْئةِ والصَّلابَةِ، وهي الأَرْبَعُ التي في مُقَدَّمِ الفَمِ ثِنْتانِ من فَوْقُ وثِنْتانِ مِن أَسْفَلَ للإنْسانِ والخُفِّ والسَّبُعِ؛ كذا في المُحْكَم.

  وقالَ غيرُهُ: الثَّنِيَّةُ أَوَّل ما في الفَمِ.

  والثَّنِيَّةُ: النَّاقَةُ الطَّاعِنَةُ في السَّادِسَةِ.


(١) في القاموس: «السَّيِّدِ» قال أبو عبيد: يقال للذي يجيء ثانياً في السؤدد، ولا يجيء أَولاً، ا ه. وعبارة الأشموني في جمع التكسير: والثني: الثاني في السيادة. قال الصبان: كالوزير بالنسبة للسلطان. ا ه.

(٢) اللسان والصحاح والتهذيب والمقاييس ١/ ٢٩١ برواية:

ترى ثنانا إذا ما جاء بدأهم

(٣) ديوانه ط بيروت ص ١٢١ واللسان.

(٤) في المفردات: وصدودٍ.

(٥) سورة الزمر، الآية ٦٨.