[حصي]:
  أَحْصَاها دَخَلَ الجنَّةَ»، اخْتُلِفَ فيه فقيلَ: من أَحْصَاهُ إِحْصاءً إِذا عَدَّهُ.
  وقالَ الراغبُ: الإِحْصاءُ التَّحْصِيلُ بالعَدَدِ يقالُ أَحْصَيتُ كذا، وذلِكَ في لَفْظِ الحَصَا واسْتِعْمالِ ذلِكَ مِن حيثُ أنَّهم كانوا يَعَتَمِدُونَ في العَدِّ كاعْتِمادِنا فيه على الأصابع؛ قالَ اللهُ تعالى: {وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً}(١) أَي حَصَّلَه وأَحاطَ به، انتَهَى.
  قالَ شيْخُنا: ثم صارَ حقيقَةً في مُطْلقِ العَدَّ والضَّبْطِ.
  وقالَ الأزهريُّ في تأْويلِ الحدِيثِ: من أَحْصاها عِلْماً بها وإيماناً بها ويَقِيناً بأَنَّها صِفاتُ اللهِ، ø، ولم يُرِد الإِحْصاءَ الذي هو العَدُّ.
  أَو أَحْصاهُ: حَفِظَهُ عن ظَهْرِ قَلْبِه؛ وبه فُسِّر الحدِيثُ أَيْضاً؛ وفي الحدِيثِ: «أَكُلَّ القُرْآن أَحْصَيْتَ»؟
  أَي حَفِظْتَ وقَوْله للمرأَةِ: أَحْصِيها أَي احْفَظِيها.
  أَو أَحْصاهُ: عَقَلَهُ؛ وبه فُسِّرَ الحدِيثُ أَيْضاً؛ أَي من عَقَلَ مَعْناها وتَفَكَّرَ في مَدْلولِها مُعْتبراً في مَعانِيها ومُتَدبِّراً رَاغِباً فيها ورَاهِباً؛ وقيلَ: مَعْناه مَنِ اسْتَخْرجَها مِن كتابِ اللهِ تعالى وأَحادِيثِ رَسُولهِ ﷺ، لأنَّ النبيَّ ﷺ، لم يعدّها لهم، إلَّا ما جاءَ في رِوايَةٍ عن أَبي هُرَيْرَةَ: وتَكلَّموا فِيها.
  * قُلْت: وقد أَلَّفَ في رِوايَةِ أَبي هُرَيْرَةَ التَّقيُّ السّبكيّ رِسالَةً صغيرَةٌ بَيَّنَ فيها ما يَتَعلَّقُ بحالِ الرِّوايَةِ، وهي عِنْدِي.
  وأَمَّا قَوْله تعالى: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ}(٢)، أَي لنْ تُطِيقُوا عَدَّه وضَبْطَه.
  وفي الحدِيثِ: «اسْتَقِيمُوا ولنْ تُحْصُوا»، أَي لنْ تُطِيقُوا الاسْتِقامَةَ؛ وقيلَ: لنْ تُحْصوا ثَوابَه.
  والحَصاةُ: اشْتِدادُ البَوْلِ في المَثانَةِ حتى يَصِيرَ كالحَصَاةِ، وقد حُصِيَ الرَّجُلُ كعُنِيَ، فهو مَحْصِيٌّ؛ عن الليْثِ. والحَصاةُ: العَقْلُ والرَّأْيُ. يقالُ: فلانٌ ذُو حَصاةٍ وأصاةٍ، أَي عَقْل ورَأْي.
  وهو ثابِتُ الحَصاةِ: إذا كانَ عاقِلاً؛ وأَنشَدَ الجَوهرِيُّ لكَعْبِ بنِ سعْدٍ الغَنَويِّ:
  وأَنَّ لِسانَ المَرْءِ ما لم تَكُنْ له ... حَصَاةٌ على عَوْراتِهِ لَدَلِيلُ(٣)
  ونَسَبَه الأزهريُّ إلى طَرَفَة؛ أَي إذا لم يَكُنْ مع اللِّسانِ عَقْل يحجُزُه عن بَسْطِه فيمَا لا يُحَبُّ دَلَّ اللِّسان على عَيْبٍ بما يَلْفِظ به من عُورِ الكَلامِ.
  وقالَ الأصمعيُّ: الحَصاةُ فَعَلَةٌ مِن أَحْصَيْت.
  وقوْلُهم: ذُو حَصاةٍ: أَي حازِمٌ كَتومٌ يَحْفظُ سِرَّه.
  وهو حَصِيٌّ، كغَنيِّ وافِرُ العَقْلِ شَديدُه.
  والحَصْوُ: المَغَصُ في البَطْنِ؛ عن ابنِ الأعرابيِّ.
  والحَصْوُ: المَنْعُ، وأَنْشَدَ الجَوهريُّ للشاعِرِ، وهو بَشِيرٌ الفَريريُّ:
  أَلا تَخافُ اللهَ إذ حَصَوْتَني ... حَقِّي بِلا ذَنْبٍ وإذْ عَنَّيْتَنِي(٤)
  وحَصِيَ الشَّيءَ، كرَضِيَ: أَثَّرَ فيه؛ هكذا نَقَلَه الصَّاغانيُّ(٥) عن أَبي نَصْر؛ قالَ ساعِدَةُ بنُ جُوءَيَّة:
  فَوَرَّك لَيْناً أَخْلَصَ القَيْنُ أَثْرَه ... وحاشِكةً يُحْصي الشِّمالَ نَذيرُها(٦)
  قيلَ: يُحْصِي في الشِّمالِ يُوءَثِّرُ فيها.
(١) سورة الجن، الآية ٢٨.
(٢) سورة المزمل، الآية ٢٠.
(٣) الصحاح واللسان، ولم ينسبه في المقاييس ٢/ ٧٠ وقبله في الصحاح واللسان بيت آخر، والبيتان في التكملة، قال الصاغاني: وليس البيتان لكعب وإنما هما لطرفة، والبيت الشاهد في التهذيب والأساس منسوباً فيهما أيضاً لطرفة، وهو في ديوانه ط بيروت ص ٨١ من قصيدة مطلعها:
لهند بحران الشريف طلول ... تلوح وأدنى عهدهن محيلُ
(٤) اللسان والصحاح والمقاييس ٢/ ٦٩ وفيها: «عنّنتني».
(٥) في التكملة: «وحَصَى الشيءَ» ضبط قلم.
(٦) ديوان الهذليين ٢/ ٢١٦ وضبط يحصى بفتح الياء والصاد، والمثبت كضبط اللسان بكسرهما.