تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[خفو]:

صفحة 382 - الجزء 19

  بَقْلاً»، أَي تُظْهِرُونَه؛ ويُرْوَى بالجيمِ وبالحاءِ، وقد تقدَّم في موْضِعِه.

  وخَفِيَ عليه الأَمْرُ، كرَضِيَ، يَخْفَى خَفاءً بالمدِّ، فهو خافٍ وخَفِيٌّ، كغَنِيِّ: لم يَظْهَرْ.

  وخَفاهُ هو وأَخْفاهُ: سَتَرَهُ وكَتَمَهُ وفي القُرْآن: {إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ}⁣(⁣١).

  وقوله تعالى: {أَكادُ أُخْفِيها}، أَي أَسْتُرُها وأُوارِيها.

  قالَ اللحْيانيُّ: وهي قراءَةُ العامَّةِ.

  وفي حَرْف أُبيِّ: أَكادُ أُخفِيها من نفْسِي.

  وقالَ الفرَّاءُ: {أَكادُ أُخْفِيها} في التَّفْسيرِ من نفْسِي فكيفَ أُطْلِعُكُم عليها.

  وقالَ ابنُ برِّي: قالَ أَبو عليِّ القالي: خَفَيْتُ أَظْهَرْت لا غَيْر، وأَمَّا أَخْفَيْت فيكونُ للأَمْرَيْن، وغَلَّطَ الأَصْمعيّ وأَبا عُبيدِ القاسمَ بنَ سلام.

  والخافِيَةُ: ضِدُّ العلانِيَةِ.

  وأَيْضاً: الشَّيءُ الخَفِيُّ؛ كالخافِي والخَفَا، بالقَصْرِ، قالَ الشاعِرُ:

  وعالِمِ السِّر وعالِمِ الخَفَا ... لقد مَدَدْنا أَيْدِياً بَعْدَ الرَّجا⁣(⁣٢)

  وقالَ أُميَّةُ:

  وتنسجه الطَّيْرُ الكوامِنُ في الخَفا ... وإذْ هي في جوِّ السَّماءِ تَصَعَّدُ⁣(⁣٣)

  وأَما الخَفاءُ، بالمدِّ: فهو ما خَفِيَ عليك.

  ويقالُ: خَفِيتُ له، كرَضِيتُ، خُفْيَةً، بالضَّمِّ والكسْرِ: أَي اخْتَفَيْتُ.

  قالَ اللَّحْيانيُّ: حُكِي ذلكَ.

  ويقالُ: يأْكُلُهُ خِفْوَةً، بالكسْرِ، أَي يَسْرِقُه، وهو على المُعاقَبَةِ مِن خَفْيَةٍ كما تقدَّمَ، وأَنْشَدَ ثَعْلَب:

  وهُنَّ الأُلى يأْكُلْنَ زادَكَ خِفْوَةً ... وهَمْساً ويُوطِئْنَ السُّرى كُلَّ خابِطِ

  يقولُ: يَسْرِقْنَ زادَكَ فإذا رأَيْنَكَ تَموتُ تَركْنَك.

  واخْتَفَى منه: اسْتَتَرَ وتَوارَى، كأَخْفَى؛ وهذه عن ابنِ الأعرابيّ، واسْتَخْفَى.

  قالَ الجَوهرِيُّ: واسْتَخْفَيْتُ منك أَي تَوارَيْتُ، ولا تَقُلْ اخْتَفَيْت.

  قالَ ابنُ برِّي: حكَى الفرَّاءُ أَنَّه قد جاءَ اخْتَفَيْت؛ وأَنْشَدَ:

  أَصْبَحَ الثَّعْلَبُ يَسْمُو للعُلا ... واخْتَفَى من شِدَّةِ الخَوْفِ الأَسَدْ

  فهو على هذا مُطاوَعُ أَخْفَيْته فاخْتَفَى، كما تقولُ أَحْرَقْته فاحْتَرَقَ؛ ومنه قوْلُه تعالى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ}⁣(⁣٤).

  وقالَ الفرَّاءُ في قوْلِه تعالى: {وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ}⁣(⁣٥)، أَي مُسْتَتِر.

  وقالَ اللَّيْثُ: أَخْفَيْتُ الصوتَ فأَنا أُخْفِيه إخْفاءً، وفِعْلُه اللازِمُ اخْتَفَى.

  قالَ الأزهرِيُّ: الأَكْثَر اسْتَخْفى لا اخْتَفَى، واخْتَفَى لغَةٌ ليسَتْ بالعالِيَةِ. وقالَ في موضِعٍ آخَر: أَمَّا اخْتَفَى بمعْنَى خَفِيَ فهي لُغَةٌ وليسَتْ بالعالِيَةِ ولا بالمُنْكَرة.

  واخْتَفَى دَمَهُ؛ قَتَلَه من غيرِ أَنْ يُعْلَمَ به؛ ومنه قوْلُ الغَنَوِيّ لأبي العالِيَه: إنَّ بنِي عامِرٍ أَرادُوا أَن يَخْتَفُوا دَمِي.

  والنُّونُ الخَفِيَّةُ: هي السَّاكنَةُ؛ ويقالُ لها: الخَفِيفَةُ أَيْضاً.

  وأَخْفِيَةُ النَّوْرِ: أَكِمَّتُه، جَمْعُ كِمامٍ، واحِدُها خِفاءٌ.


(١) سورة البقرة، الآية ٢٨٤.

(٢) اللسان والتكملة والتهذيب، ولم ينسبوه.

(٣) اللسان والتهذيب منسوباً لأمية، وفي التكملة: أمية بن أبي الصلت. وفي المصادر: «تسبّحه» وليس في ديوانه.

(٤) سورة النساء، الآية ١٠٨.

(٥) سورة الرعد، الآية ١٠.