تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الخاء المعجمة مع الواو والياء

صفحة 383 - الجزء 19

  وأَخْفِيَةُ الكَرَا*: الأَعْيُنُ؛ قالَ:

  لَقَدْ عَلِم الأَيْقاظُ أَخْفِيَةَ الكَرَا ... تَزَجُّجَها من حالِكٍ واكْتِحالَها

  والخافِي والخافِيَةُ والخافِياءُ: الجِنُّ، ج خَوافٍ.

  حكَى اللِّحْيانيُّ: أَصَابَها رِيحٌ مِن الخافِي، أَي من الجِنِّ. وحكَى عن العَرَبِ أَيْضاً: أَصابَه رِيحٌ مِن الخوافِي؛ قالَ: هو جَمْعُ الخافِي الذي هو الجِنُّ.

  وفي الصِّحاحِ: قالَ الأصمعيُّ: الخافِي الجِنُّ؛ قالَ أَعْشى باهِلَةَ:

  يَمْشِي ببَيْداءَ لا يَمْشِي بها أَحَدٌ ... ولا يُحَسُّ من الخافِي بها أَثَرُ⁣(⁣١)

  وفي الحدِيثِ: «إنَّ الخزاءَةَ يَشْرَبُها أَكايس النِّساء من الخافِيَةِ»، وإنَّما سُمُّوا الجِنّ بذلكَ لاسْتِتارِهم مِن الأَبْصارِ.

  وفي الحدِيثِ: «لا تُحْدِثُوا في القَرَعِ فإنَّه مُصَلَّى الخَافِين، أَي الجِنّ؛ والقَرَعُ، محرّكةً: قِطعٌ من الأرضِ بَيْنَ الكَلأِ لا نَباتَ بها.

  وأَرضٌ خافِيَةٌ: بها جِنٌّ؛ قالَ المرَّارُ الفَقْعسيُّ:

  إليك عَسَفْتُ خافِيَةً وإِنْساً ... وغِيطاناً بها للرَّكْبِ غُولُ

  والخَوافِي: رِيشاتٌ إذا ضَمَّ الطَّائِرُ جَناحَيْه خَفِيَتْ؛ أَو هي الرِّيشاتُ الأَرْبَعُ اللَّواتِي بعد المَناكِبِ؛ نَقَلَهُ اللَّحْيانيُّ: والقَوْلان مُقْترِبانِ.

  أَو هي سَبْعُ رِيشاتٍ يَكُنَّ في الجَناحِ بعدَ السَّبْعِ المُقَدَّماتِ؛ هكذا وَقَعَ في الحكايَةِ عن ابنِ جَبَلة.

  وإنَّما حكَى الناسُ: أَرْبعٌ قَوادِمُ وأَرْبعٌ خَوافٍ، واحِدَتُها خافِيَةٌ.

  ونَقَلَ الجَوهرِيُّ عن الأَصْمعيّ: هنَّ ما دونَ الرِّيشاتِ العَشْر من مُقَدَّمِ الجَناحِ. ومنه حدِيثُ مدينَةِ قَوْم لُوطٍ: «إنَّ جِبْريل حَمَلَها على خَوافِي جَناح»؛ وهي الرِّيشُ الصِّغارُ التي في جَناحِ الطائِرِ.

  وفي حدِيثِ أَبي سُفْيان: «ومعي خَنْجَرٌ مثلُ خافِيَة النَّسْرِ»؛ يريدُ أنَّه صَغيرٌ.

  والخِفَاءُ، كالكِساءِ، لَفْظاً ومَعْنًى، سُمِّي به لأنَّه يُلقْى على السِّقاءِ فيخْفِيه.

  وقالَ اللَّيْثُ: هو رِداءٌ تَلْبَسُه المرْأَةُ فوْقَ ثيابِها، وكلّ شيءٍ غَطَّيْته بشيءٍ من كِساءٍ أَو نَحْوه فهو خِفاؤه، ج أَخْفِيَةٌ؛ ومنه قوْلُ ذي الرُّمَّة:

  عليه زادٌ وأَهْدامٌ وأَخْفِيَة ... قد كادَ يَجْتَرُّها عن ظَهْرِه الحَقَبُ⁣(⁣٢)

  وقالَ الكُمَيْت، يذمُّ قوْماً وأَنَّهم لا يَبْرَحونَ بيوتَهم ولا يحضرونَ الحَرْب:

  ففي تِلكَ أَحْلاسُ البُيوتِ لوَاصِفٌ ... وأَخْفِيَةٌ ما هُمْ تُجَرُّ وتُسْحَبُ⁣(⁣٣)

  والخَفِيَّةُ، كغَنِيَّةٍ: الرَّكِيَّةُ القَعِيرَةُ لخَفاءِ مائِها.

  وقيلَ: بئْرٌ كانتْ عادِيَّةً فانْدَفَنَتْ ثم حُفِرَتْ، والجَمْعُ الخَفَايا والخَفِيَّات.

  وفي الصِّحاحِ: قال ابنُ السِّكِّيت: وكلُّ رَكِيَّة كانتْ حُفِرَتْ ثم تُرِكَتْ حتى انْدَفَنَتْ ثم احْتَفَرُوها ونَثَلُوها فهي خَفِيَّةٌ.

  وقالَ أَبو عبيدٍ: لأنَّها اسْتُخْرجت وأظهرت.

  والخَفِيَّةُ أَيْضاً: الغَيْضَةُ المُلْتَفَّةُ يَتَّخِذُها الأَسَدُ عِرِّيسَتَه وهي خَفِيّته؛ قالَ الشَّاعِرُ:

  أُسودُ شَرىً لاقَتْ أُسُودَ خَفِيَّةٍ ... تَسَاقَيْنَ سُمّاً كُلُّهُنَّ خَوادِرُ⁣(⁣٤)


(١) اللسان لأعشى باهلة، وعجزه في الصحاح والتهذيب بدون نسبة.

(*) كذا، وبالقاموس: الكرى.

(٢) ديوانه ص ٣١ وفيه: «يستلها» بدل «يجترها» والمثبت كرواية اللسان، وفي التهذيب «يجتزها».

(٣) اللسان والصحاح.

(٤) اللسان والتهذيب بهذه الرواية بدون نسبة، وفي اللسان بيت آخر باختلاف الرواية منسوباً للأشهب بن رميلة وروايته:

أسود شرىً لاقت أسود خفية ... تساقوا على لوح دماء الأساود