تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نعب]:

صفحة 442 - الجزء 2

  وضَبَطَهُ شيخُنا كَتَذْكارٍ، ونَعَبَاناً محرّكةً: إِذا صاح، وصوَّت، وهو صوْتهُ، أَو: مدَّ عُنُقَه وحرَّكَ رأْسه في صِياحِه.

  والنَّعَّابُ: فَرْخُ الْغُرابِ، ومنه دُعاءُ داوُود، #: «يا رازِقَ النَّعّابِ في عُشِّه» انظره في حياة الحيوانِ⁣(⁣١).

  ونقل شيخُنا عن كِفاية المتحفّظ أَنّ نَعيبَ الغُراب بالخَيْر، ونَغِيقَهُ بالشَّرِّ. وفي المِصْبَاح: نَعَبَ الغُرَابُ: صاحَ بالبَيْنِ، على زَعْمِهم، وهو الفِراق. وقيل: النَّعِيبُ: تَحريكُ رأْسه بلا صَوتٍ. قال شيخنا: فعلى هذا يكونُ قولاً آخَرَ.

  وفي الصَّحاح: ورُبَّمَا قالوا: نَعَبَ الدِّيكُ، على الاستعارة؛ وقال الأَسْوَدُ بْنُ يعْفُرَ:

  وقَهْوَةٍ صَهْبَاءَ باكَرْتُها ... بِجُهْمَةٍ والدِّيكُ لَمْ يَنْعَبِ

  زاد في لسان العرب: وكذا لِك: نَعب المُؤَذِّنُ وهذا يدُلُّ على أَنَّ المُؤَذِّنَ هو المعروف، لا الدِّيكُ، فيلزمُ عليه ما قاله شيخُنا إِنّ قوله أَوّلاً «وغيرُهُ» يَشمَلُ كُلَّ ناعبٍ فيدخُلُ فيه المُؤذِّنُ. ويرِدُ عليه أَنَّ تَخصيصه بالمُؤَذِّن، خلَتْ عنه دَواوينُ اللّغَةِ والغريبِ، وكيف يكون ذلك، وهو في لسان العرب، كما أَسلفنا؟ والعجبُ أَنّه نقل عبارتَهُ في نَعب الدِّيكُ، وغفل عن الّذِي بعدهَا.

  وفي الأَسَاس: ومن المجاز: نَعَبَ المُؤَذِّنُ: مَدَّ عُنُقَهُ، وحرَّك رأْسَهُ في صِياحه⁣(⁣٢).

  والمِنْعبُ، كمِنْبرٍ: الفَرسُ الجوادُ الّذِي يمُدُّ عُنُقَه كالغُرابِ، أَي كما يفعلُ الغُرابُ.

  وقيل: المِنْعَبُ: الَّذِي يَسْطُو بِرَأْسِهِ، ولا يكونُ في حُضْرِهِ مَزِيدٌ. والمِنْعَبُ: الأَحْمَقُ المُصوِّتُ قال امْرُؤُ القَيْسِ:

  فلِلسّاقِ أُلْهُوبٌ ولِلسَّوْطِ دِرَّةٌ ... وللزَّجْرِ مِنْهُ وَقْعُ أَهْوَجَ مِنْعَبِ

  ومن المجاز: النَّعْبُ سُرعةُ سَيْرِ⁣(⁣٣) البعيرِ. وفي الصَّحاح: النَّعْبُ: السَّيْرُ السَّريعُ، أَو هو ضَرْبٌ من سيْرِهِ.

  وقيل: النَّعْبُ: أَنْ يحرِّكَ البعيرُ رأْسَهُ إِذا أَسرعَ، وهو من سيرِ البَخَاتيةِ⁣(⁣٤)، يرفَعُ رأْسهُ. وعبارةُ الأَساس: يمُدْ عُنُقَه، فينْعبُ نَعَبَاناً. وقد نَعَب البعيرُ كَمَنَع، يَنْعَبُ، نَعْباً. وقيل: من السُّرْعة، كالنَّحْب.

  ونَاقَةٌ نَاعِبةٌ، ونَعُوبٌ، ونَعَّابةٌ، وعلى الأَخيرَيْنِ اقتصر الجَوْهَرِيُّ، ومِنْعَبٌ كَمِنْبَرٍ، كَذَا هو مضبوطٌ في النُّسخ الصَّحيحة، وفي لسان العرب: بزيادة [هاءٍ]⁣(⁣٥) في آخره، وضبطه شيخُنا كَمُحْسِنٍ، من: أَنْعَبَ الرُّباعيّ، فَلْيُنْظَرْ، أَي: سَرِيعَةٌ. وج أَي: جمعُ نَعُوبٍ: نُعُبٌ بضمَّتينِ، كما هو مضبوطٌ في نسخة الصَّحاح. وأَمّا ناعبٌ وناعِبةٌ، فتُجْمَعُ على: نَوَاعِبَ، ونُعَّبٍ كرُكَّعٍ. زادَ في الصِّحاح: ويقال: إِنَّ النَّعْبَ⁣(⁣٦) تَحَرُّكُ رَأْسِها، في المَشْيِ، إِلى قُدّام.

  * وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه: النَّعّابُ: الغُرَاب. وفي دُعَاءِ داوُودَ، عليه الصَّلاة والسَّلامُ: «يا رازِقَ النَّعّابِ في عُشِّه».

  قيل: إِنَّ فَرْخَ الغُرَاب إِذا خَرجَ من بَيضه، يكونُ أَبْيضَ كالشَّحْمة، فإِذا رآه الغُرَابُ، أَنكَرَه وتَرَكه، ولم يزُقَّهُ، فيَسوقُ اللهُ إِليه البقَّ، فيَقعُ عليه، لِزُهُومَةِ رِيحِه، فيلْقُطُهَا، ويَعيشُ بها إِلى أَنْ يطْلُعَ الرِّيشُ ويسْوَدَّ، فيعاوِدُه أَبوهُ وأُمّهُ. كذا في لسان العرب.

  وأَنْعب الرَّجُلُ: إِذا نَعَبَ⁣(⁣٧) في الفتنِ.


(١) وذلك أن الغراب إذا فقس عن فراخه خرجت بيضاً فإذا رآها كذلك نفر عنها فتفتح أفواهها فيرسل الله لها ذباباً يدخل في أجوافها فيكون ذلك غذاء لها حتى تسوّد، فإذا اسودّت عاد الغراب فغداها. وانظر النهاية واللسان. وأشار الحريري: في المقامة الثالثة عشرة إلى ذلك بقوله:

يا رازق النعاب في عشه ... وجابر العظم الكسير المهيض

أتح لنا اللهم من عرضه ... من دنس الذم نقي رحيض

(٢) العبارة ليست في الاساس.

(٣) في إحدى نسخ القاموس: النعب: سرعة سير البعير.

(٤) اللسان: النجائب.

(٥) بهامش المطبوعة المصرية: كذا بخطه والظاهر بزيادة هاء فليحرر» وما في اللسان «منعب» بدون هاء.

(٦) كذا في الأصل واللسان، وفي الصحاح: إن النُّعُبَ.

(٧) بهامش المطبوعة المصرية: قوله إذا نعب في الفتن كذا بخطه والذي في التكملة «نعر» وهو الصواب، قال الجوهري: يقال ما كانت فتنة إلا نعر فيها فلان أي نهض فيها، وإن فلاناً لنعار في الفتن إذا كان سعاء فيها اه. وسيأتي للشارح ذكره على الصواب قريباً.».