فصل الشين المعجمة مع الواو والياء
  المُسْلمين، لا مِن قَوْلهم: إنَّا شَرَيْنا أَنْفُسَنا في الطَّاعَةِ، أَي بِعْناها بالجنَّة حينَ فارَقْنا الأُمَّةَ الجائِزَةَ.
  ووَهِمَ الجوهرِيُّ، وهذا التَّوْهِيم ممَّا لا مَعْنَى له، فقد سَبَقَ الجوهرِيُّ غيرُ واحِدٍ من الأَئِمةِ في تَعْليل هذه اللَّفْظَةِ، والجوهريُّ ناقِلٌ عنهم، والمصنِّفُ تَبعَ ابنَ سِيدَه في قَوْلِه إلَّا أَنَّه قالَ فيمَا بَعْد: وأَمَّاهُم فقالوا نَحْن الشُّراةُ لقوْله تعالى: {وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ} وقوله تعالى: {إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ}(١)؛ ومِثْلُه في النهايةِ.
  قالَ: وإنَّما لَزِمَهم هذا اللَّقَب لأنَّهم زَعَموا أَنَّهم الخ، قالَ: فالشُّراةُ جَمْعُ شارٍ، أَي أَنَّه مِنْ شَرَى يَشْرِي، كرَمَى يَرْمِي، ثم قالَ: ويجوزُ أَنْ يكونَ مِن المُشارَاةِ أَي الملاجةَ(٢)، أَي لا مِن شَرِيَ كرَضِيَ كما ذهَبَ إليه ابنُ سِيدَه والمصنِّفُ؛ وأَيْضاً شَرِيَ، كرَضِيَ، فاعِلُه شَرٍ مَنْقوص، وهو لا يُجْمَع على الشُّراةِ؛ وممَّا يُسْتدلُّ على أَنَّه مِن شَرَى يَشْري، كرَمَى يَرْمِي قَوْلُ قَطَرِيّ بنِ الفُجاءَةِ، وهو أَحَدُ الخَوارِجِ:
  وإنَّ فِتْيةً باعُوا الإِلَه نفوسَهُم ... بجنَّاتِ عَدْنٍ عِنْدَهُ ونَعِيمِ(٣)
  وكَذلكَ قَوْلُ عَمْروِ بنِ هُبَيْرة(٤)، وهو أَحَدُ الخوارِج:
  إنَّا شَرَيْنا لدينِ اللهِ أَنْفُسَنا ... نَبْغِي بذاكَ لديهم أَعْظَم الجاهِ(٥)
  وأَشارَ شيْخُنا إلى ما ذَكَرْناه، لكنَّه بالاخْتِصارِ قالَ: وكَوْنهم سُمّوا للغَضَبِ يَسْتَلْزمُ ما ذُكِرَ فلا وَهْم، بل هي غَفْلَةٌ من المصنِّفِ وعَدَمُ مَعْرفةٍ بتَعْليلِ الأسْماءِ، واللهُ أَعْلم.
  وشَرِيَ جِلْدُهُ يَشْرَى شَرىً: وَرِمَ وخَرَجَ عليه الشَّرَى، المُتَقَدِّم ذِكْره، فهو شَرٍ، مَنْقوص.
  وشَرِيَ الفَرَسُ في سَيْرِه شَرىً: بَالَغَ فيه ومَضَى من غيرِ فُتورٍ؛ فهو شَرِيٌّ، كغَنِيِّ: ومنه حدِيثُ أُمِّ زَرْع: «رَكِبَ شَرِيّاً»، أَي فَرَساً يَسْتَشْرِي في سيرِهِ، يَعْني يَلجُّ(٦) ويَجِدُّ.
  والشَّرْيُّ، بالتَّسْكين: الحَنْظَلُ. يقالُ: هو أَحْلَى مِن الأرْي وأَمَرُّ من الشَّرْي؛ وفلانٌ له طَعْمانِ: أَرْيٌ وشَرْيٌ.
  أَو شَجَرُهُ؛ وأَنْشَدَ الجوهرِي للأَعْلَم الهُذَلي:
  على حَتِّ البريةِ زَمْحَرِيِّ ال ... سَّواعِدِ ظَلَّ في شَرْيٍ طِوالِ(٧)
  الواحِدَةُ شَرْيَةٌ.
  والشَّرْيُ: النَّخْلُ يَنْبُتُ من النَّواةِ؛ الواحِدَةُ شَرْيَةٌ.
  والشَّرَى، كعَلَى، ووَهِمَ الجوهرِيُّ، أَي في تَسْكِينِه؛ رُذَالُ المالِ.
  ونَصَّ الجوهري: والشَّرْي أَيْضاً رُذَالُ المالِ مِثْل شَواهُ.
  وقالَ البَدْر القَرافِي: إسْنادُ هذا الوَهْم إلى الجوْهرِي لا يتمُّ إلَّا أَنْ يكونَ مَنْصوص أَهْل اللّغَةِ مَنْع وُرُود ذلكَ فيها، وإلَّا فمن حفظ حجَّة على مَنْ لم يَحْفظ.
  وأَيْضاً: خِيارُهُ كالشَّراةِ؛ ونصّ المُحْكَم: وإِبِلٌ شَراةٌ، كسَراةٍ: خيارٌ؛ ضِدٌّ(٨)، نَصّ عليه ابنُ السِّكِّيت.
  والشَّرَى: الطَّرِيقُ عامَّة.
(١) سورة التوبة، الآية ١١١.
(٢) عن النهاية واللسان: «الملاجة» ومثلها على هامش القاموس، وبالأصل «الملاحة».
(٣) ديوان شعر الخوارج، في شعر قطري بن الفجاءة، ص ١٢١ برواية «رأيت فتية» وانظر تخريجه فيه، وفي اللسان: «رأت فئة».
(٤) في ديوان شعر الخوارج ص ٢١١ عمرو بن ذكينة الربعي.
(٥) البيت لعمرو بن ذكينة الربعي كما في ديوان شعر الخوارج ص ٢١١ من أبيات كتب بها إلى عمر بن عبد العزيز لما استخلف، برواية: «بدين الله ... إليه أعظم الجاه» وانظر تخريجه فيه.
(٦) عن التهذيب واللسان، وبالأصل «يلح».
(٧) ديوان الهذليين ٢/ ٨٤ في شعر حبيب الأعلم، برواية: «حت البراية زمخري» كرواية الصحاح واللسان.
(٨) بعدها زيادة في القاموس. سقطت من الشارح. ونصها: «والجَبَلُ».