تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نلب]:

صفحة 454 - الجزء 2

  والرُّجُوعِ لِوَقْتٍ، مرَّةً بعدَ مَرَّة. وقال ابْنُ منظور: النُّوبُ: جمعُ نائِبٍ من النَّحْل، [لأَنّها] تَعودُ إِلى خَلِيَّتِها. وقيل: الدَّبْرُ تُسَمَّى نُوباً، لسَوادِهَا، شُبِّهَتْ بالنُّوبَة، وهم جِنْسٌ من السُّودان.

  ونُوبُ: ة بصَنْعاءِ اليَمَن من قُرَى مِخْلافِ صُدَا⁣(⁣١)، كذا في المُعْجَم.

  والنَّوْبَةُ، بالفتح: الفُرْصَةُ، والدَّوْلَةُ، والجمع: نُوَبٌ، نادِرٌ.

  والنَّوْبَةُ: الجَمَاعةُ من النّاسِ.

  وفي الصَّحاح: النَّوْبَةُ واحدَةُ النُّوَبِ، بضمّ ففتْحٍ، تقول: جَاءَتْ نَوْبَتُكَ، ونِيَابَتُكَ، بكسر النّون في الأَخير.

  وهم يَتَناوَبُون عن النَّوْبَةَ فيما بينهم، في الماءِ وغيرِه. انتهى.

  فالمُراد بالنَّوْبة والنِّيَابَة هنا: الوُرودُ على الماءِ وغيرِه، المَرَّةَ بعدَ الأَولى، لا كما فسَّره شيخُنا بالدَّوْلَة والمَرَّةِ المتَداوَلةِ.

  والنُّوبَةُ، على ما قالَه الذَّهَبيُّ، بالضَّمِّ: بلادٌ واسِعةٌ للسُّودانِ، بجَنُوبِ الصَّعِيد. وتقدَّم عن الجَوْهَرِيّ: أَنّ النُّوبَ والنُّوبَةَ جِيلٌ من السُّودَانِ، والمصنِّف هنا فَرَقَ بينَهما، فجعل النُّوبَ جِيلاً، والنُّوبَةَ بِلاداً، لسِرٍّ خَفِيّ، يَظهَرُ بالتَّأَمُّل. ولَمَّا غَفَل عن ذلك شيخُنا، نسبه إِلى القُصور، والله حليم غَفُور. وفي المُعْجَم: وقد مَدَحهم النَّبِيُّ، بقوله: «من لَمْ يَكُنْ له أَخٌ، فَلْيَتَّخِذْ له أَخاً من النُّوبَةِ»، وقال: «خَيْرُ سَبْيِكُمُ النُّوبَةُ» وهم نَصارَى يَعاقِبَةٌ، لا يَطَؤُونَ النِّسَاءَ في المَحيض، ويَغتسِلونَ من الجَنَابة، ويَخْتَتِنُون⁣(⁣٢).

  ومَدينةُ النُّوبةِ اسْمُها: دُنْقُلَةُ⁣(⁣٣)، وهي منزلُ الملكِ على ساحلِ النّيلِ، وبلدُهم أَشبَهُ شيْءٍ باليَمنِ.

  مِنْها، على ما يُقالُ، سيِّدُنا بِلالُ بْنُ رَبَاحٍ الحَبَشِيُّ القُرَشِيّ التَّيْمِيُّ أَبو عبدِ الله، ويقالُ: أَبو عبدِ الرحْمن، ويقال: أَبو عبْد الكَريم، ويقال أَبو عَمْرو المُؤَذِّن، مولَى أَبي بَكْرٍ، ®. وأُمُّه حَمَامةُ: كانت مَوْلاةً لبعض بني جُمَحَ، قَدِيمُ الإِسلام والهِجْرَةِ، شَهِدَ المَشاهِدَ كُلَّها.

  وكان شديدَ الأُدْمَةِ، نَحِيفاً، طُوالاً، أَشْعرَ. قال ابْنُ إِسحاقَ: لا عَقِبَ له. وقال البُخَارِيُّ: هو أَخو خالدٍ وعَفْرَةَ، مات في طاعُونِ عَمْواسَ، سنة سَبْعَ عَشْرَةَ، أَو ثَمَانَ عَشْرَةَ⁣(⁣٤). وقال أَبو زُرْعَة: قَبْرُهُ بدِمَشْقَ. ويقال بدَارَيّا وقيل: إِنّه مات بِحَلَب. وقيل: إِن الّذِي مات بحلَبَ هو أَخوه خالدٌ.

  ونُوبَةُ، بلا لام: صَحابِيَّةٌ «خرجَ رسولُ اللهِ، ، في مَرَضِه بينَ بَرِيرَةَ ونُوبَةَ» قال الحافظُ تقيُّ الدِّين: وإِسْنَادُهُ جَلِيٌّ.

  وأَبو نَصْرٍ عبدُ الصَّمدِ بْنُ أَحمد بنِ محمّدِ بنِ النُّوبِيِّ، عن ابْن كُلَيْبٍ، مات كَهْلاً سنة ٦٢٥، وهِبَةُ الله بْنُ أَحمدَ، وفي نسخة: محمّد بْنِ نُوبَا النُّوبِيُّ: محدِّثانِ.

  ومنهم: أَبو رَجَاءٍ يَزيدُ بْنُ أَبي حَبِيبٍ المِصْريُّ، عن الحارث بْن جزْءٍ الزّبِيدِيّ، وأَبِي الخَيْر النُّوبِيّ⁣(⁣٥)، وعنه اللَّيْثُ وحَيْوةُ بْنُ شُريْح. وقال: الرّشاطيّ: أَبو حبيب اسْمُه سُوَيْدٌ، وهو مولى شَرِيكِ بْنِ الطُّفَيْل العَامِريّ⁣(⁣٦) نُوبِيٌّ من سَبْيِ دُنْقُلَةَ. وقال ابْنُ الأَثير ومنهم أَبو مَمطورٍ سَلّامٌ النُّوبِيُّ، ويُقَالُ: أَبو سَلّام مَمطور، وأَبو الفيْض ذو النُّونِ⁣(⁣٧) المِصْريُّ النُّوبيُّ.

  وناب الشَّيْءُ عنْهُ، أَي: عن الشَّيْءِ، نَوْباً، ومَنَاباً، وفي الصَّحاح اقتصر على الأخير: قَامَ مَقَامَهُ. وفي المِصْباح: نابَ الوَكِيلُ عنه في كذا ينُوبُ، نِيَابَةً، فهو نائبُ، وزيدٌ مَنُوبٌ عنه. وجمعُ النّائب، نُوَّابٌ، ككافِر وكُفّار. قال شيخُنا: والّذي صرَّحَ به الأَقدمُونَ أَنّ نِيابَةً مصدرُ نابَ، لم يَرِدْ في كلام العرب. قال ثعلب في أَمالِيه: نابَ نَوْباً، ولا يقال نِيَابَةً ونَقلَه ابْنُ هِشام في تذْكِرته واستَغربَه، وهو حَقيقٌ بالاستغراب. قلتُ: وفي لسان العرب، وغيرِه: ونَابَ عنِّي في هذا الأَمْر نِيَابَةً: إِذا قامَ مَقامَكَ.


(١) في معجم البلدان: صُدَاء.

(٢) عن معجم البلدان، وفي الأصل: ويختنون.

(٣) في معجم البلدان: دمقلة. بضم أوله، وسكون ثانيه وضم قافه.

ويروى بفتح أوله وثالثه أيضاً. وعن السكري: دنكلة.

(٤) قال ابن سعد: توفي بلال بدمشق ودفن بباب الصغير سنة عشرين وهو ابن بضع وستين سنة (عن أسد الغابة).

(٥) في تقريب التهذيب: أبو الخير: مرثد بن عبد الله اليزني.

(٦) في تقريب التهذيب: اختلف في ولائه.

(٧) في اللباب: ذو النون بن إبراهيم المصري.