[غوو]:
  وغَوايَةٌ، بالفَتْح ولا يُكْسَرُ، هو مَصْدَرُ غَوَى يَغْوِي، كما في الصِّحاح وسِياقُ المصنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّه مَصْدرُ غَوِيَ، كَرَضِيَ، وكذلكَ سِياقُ المُحْكم. وقد فَرَّقَ بَيْنهما أَبو عُبيدٍ فجَعَلَ الغَوايَةَ والغَيَّ من مَصادِرِ غَوَى كرَمَى، والغَوَى الذي أَهْمَلَهُ المصنِّفُ من مَصادِرِ غَوِيَ كرَضِيَ.
  فهو غَاوٍ، والجَمْعُ غُواةٌ، وَغَوِيٌّ، كغَنِيٍّ، ومنه قولُه تعالى: {إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ}(١)، وغَيَّانُ: أَي ضَلَّ، زادَ الجَوْهري: وخابَ أَيْضاً.
  وقالَ الأزْهري: أَي فَسَدَ.
  وقالَ ابنُ الأثيرِ: الغَيُّ الضّلالُ والانْهِماكُ في الباطِلِ.
  وقالَ الراغبُ: الغَيُّ جَهْلٌ مِن اعْتِقادٍ فاسِدٍ، وذلكَ لأنَّ الجَهْلَ قد يكونُ مِن كوْنِ الإنْسان غَيْر مُعْتَقدٍ اعْتِقاداً لا صالِحاً ولا فاسِداً، وهذا النّحْو الثاني(٢) يقالُ له غَيٌّ.
  وأَنْشَدَ الأصْمعي للمُرَقّش:
  فمَنْ يَلْقَ خَيْراً يَحْمَدِ الناسُ أَمْرَه ... ومَنْ يَغْوَ لا يَعْدَمْ على الغَيِّ لائِمَا(٣)
  وقالَ دُرَيْدُ بنُ الصِّمَّة:
  وهَلْ أَنَا إلَّا مِنْ غَزِيَّة إن غَوَتْ ... غَوَيْتُ وإن تَرْشُدْ غَزِيَّة أَرْشُدِ؟(٤)
  وغَواهُ غيرُهُ، حَكَاهُ المُؤَرِّج عن بعضِ العَرَبِ، وأَنْشَدَ:
  وكائِنْ تَرَى منْ جاهِلٍ بعدَ عِلْمِهِ ... غَواهُ الهَوَى جَهْلاً عَنِ الحَقِّ فانْغَوَى(٥)
  قالَ الأزْهرِي: ولو كانَ غَواهُ الهَوَى بمعْنَى لَواهُ وصَرَفَه فانْغَوَى كانَ أَشْبَه بكَلامِهِم وأَقْرَب إلى الصَّوابِ(٦).
  وأَغْواهُ فهو غَوِيٌّ على فَعِيلٍ: قالَ الأصْمعي: لا يقالُ غَيْره، وعليه اقْتَصَرَ الجَوْهرِي، ومنه قولُ اللهِ تعالى حِكايَةً عن إِبْليس: {فَبِما أَغْوَيْتَنِي}(٧) أَي أَضْلَلْتَنِي، وقيلَ: فبِما دَعَوْتَني إلى شيءٍ غَوَيْتُ به. وأَمَّا قولُه تعالى: {إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ}(٨)، فقيلَ: مَعْناه أَنْ يُعاقِبَكُم على الغَيِّ، وقيلَ: يَحْكُمُ علَيْكم بغَيِّكُم.
  وغَوَّاهُ تَغْويَةً، لُغَةً، وقولُه تعالى: {وَالشُّعَراءُ} يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ(٩)، جاء في التَّفْسِيرِ أَي الشَّياطِينُ، أَو مَن ضَلَّ مِن النَّاسِ، أَو الذينَ يُحِبُّونَ الشَّاعِرَ إذا هَجَا قَوْما بما لا يَجوزُ، نقلَهُ الزجَّاجُ، أَو يَحبُّونَه(١٠) لمَدْحِهِ إيَّاهُم بما ليسَ فيهم ويُتابِعُونَه على ذلكَ، عن الزجَّاج أَيْضاً.
  والمُغَوَّاةُ، مُشَدَّدَة(١١) الواوِ أَي مع ضمِّ الميمِ: المُضِلَّةُ وهي المُهْلِكَةُ، وأَصْلُه في الزُّبْيةِ تُحْفَرُ للسِّباعِ، ومنه قولُ رُؤْبة:
  إلى مُغَوَّاةِ الفَتَى بالمِرْصادِ(١٢)
  يُريدُ إلى مَهْلَكَتِه وَمنِيَّتِهِ، كالمَغْواةِ، كمَهْواةِ، أَي بالفَتْح. يقالُ: أَرْضٌ مَغْواةٌ، أَي مُضِلَّةٌ، ج مُغَوَّياتٌ، بالألفِ والتاءِ هو جَمْعُ المُغَوَّاةِ بالتشْديدِ، وأَمَّا جَمْعُ المَغْواةِ فالمَغاوِي، كالمَهاوِي.
  والأُغْوِيَّةُ، كأُثفِيَّةٍ: المَهْلَكَةُ، وأَيْضاً: حُفْرَةٌ مِثْل الزُّبْيةِ(١٢) تُحْفَر للذِّئْبِ ويُجْعَلُ فيها جَدْيٌ إذا نَظَرَ إليه سَقَطَ يُرِيدُه فيُصادُ.
(١) سورة القصص، الآية ١٨.
(٢) ثمة سقط في الكلام المنقول عن الراغب أدى إلى اضطراب المعنى، وتمام عبارة المفردات:. بعد قوله: ولا فاسداً. وقد يكون من اعتقاد شيء فاسدٍ، وهذا النحو ... وقد نبه إلى هذا السقط مصحح المطبوعة المصرية.
(٣) المفضلية ٥٦ للمرقش الأصغر، البيت ٢٢، والبيت في اللسان والصحاح والمقاييس ٤/ ٣٩٩ وعجزه في المفردات.
(٤) اللسان والصحاح.
(٥) اللسان والتهذيب والتكملة.
(٦) الذي في التهذيب: أظن الرواية عوى جهلا عن الحق فانعوى بالعين، ومعنى عواه صرفه ولواه فانعوى وانثنى فصحّف وجُعِل غيناً وهو خطأ. وعبارة الأصل في التكملة نقلا عن الأزهري.
(٧) سورة الأعراف، الآية ١٦.
(٨) سورة هود، الآية ٣٤.
(٩) سورة الشعراء، الآية ٢٢٤.
(١٠) في القاموس: مُحِبُّوهُ.
(١١) في القاموس بالنصب منونة، وأضافها الشارح فرفع التنوين.
ديوانه ص ٣٨ وقبله: دليلة يحفزها يوم حاد والرجز في اللسان والتهذيب.
(١٢) في القاموس بالرفع.