تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[قنى]:

صفحة 106 - الجزء 20

  [قنى]: ي القِنْيَةُ بالكسْر، والضَّمِّ: ما اكتُسِبَ، ج قِنًى، بالكسْرِ والضَّمِّ أيضاً أُقِرَّتِ الياءُ في القُنْية بحالِها التي كانتْ عليها في لُغةِ مَنْ كَسَر؛ هذا قولُ البَصْرِيِّين، وأمَّا الكُوفِيُّون فجعَلُوا قَنَيْت وقَنَوْت لُغَتَيْن؛ فَمَنْ قالَ قَنَيْت على قِلَّتِها فلا نَظَر في قِنْيَة وقُنْية في قولِه، ومَنْ قالَ قَنَوْت فالكَلامُ في قوْلِه هو الكَلامُ في قولِ مَنْ قالَ صُبْيان.

  وقَنَى المالَ، كرَمَى قَنْياً، بالفَتْح، عن اللّحْياني، وقُنِياناً، بالكسْر والضَّمِّ: اكْتَسَبَهُ.

  ومالٌ قِنْيانٌ: اكْتَسَبْته لنَفْسِك واتَّخَذْته، قالَ أبو المُثَلَّم الهُذَلي يَرْثي صَخْر الغيّ:

  لو كانَ للدَّهْرِ مالُ كانَ مُتْلِدَه ... لكان للدَّهرِ صَخْرٌ مالَ قُنْيانِ⁣(⁣١)

  والقِنَى: كإِلَى: الرِّضا؛ عن أبي زيْدٍ.

  وقد قَنَّاهُ اللهُ تعالى، بالتّشديدِ⁣(⁣٢)، وأَقْناهُ: أَي أَرْضاهُ؛ وبه فُسِّر قولُه تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى}⁣(⁣٣).

  وفي حديثِ وابِصَةٍ: «والإِثْمِ ما حَكَّ في صَدْرِك وإن أفتاك⁣(⁣٤) الناسُ عنه وأقْنَوْكَ»، أَي أَرْضَوْك؛ نقلَهُ الزَّمخشري في الفائِقِ.

  وأَقْناهُ الصَّيْدُ، وأُقْنَى له: أَي أَمْكَنَهُ، عن الهَجَرِي؛ وأَنْشَدَ:

  يَجُوعُ إذا ما جَاعَ في بَطْنِ غيرِهِ ... ويَرْمِي إذا ما الجوعُ أَقْنَتْ مَقاتِلُه⁣(⁣٥)

  وَقاناهُ مُقاناةً: خَلَطَهُ؛ عن الأصْمعي.

  وقالَ الليْثُ: هو إشْرابُ لَوْنٍ بلَوْنٍ، يقالُ: قُونيَ هذا بذاكَ، أَي أُشْرِب أَحَدُهما بالآخرِ؛ وأَنْشَدَ أبو الهَيْثَم لامْرئِ القَيْس:

  كبِكْرِ المُقاناةِ البَياضُ بصُفْرةٍ ... غَذاها نَمِيرُ الماءِ غيرَ مُحَلَّلِ⁣(⁣٦)

  قالَ: أَرادَ كالبِكْرِ المُقاناةِ البَياض بصُفْرةٍ أَي كالبَيْضةِ التي هي أَوَّل بَيْضةٍ باضَتْها النّعامَةُ؛ ثم قالَ: المُقاناةُ البَياضُ بِصُفْرةٍ أَي التي قُونيَ بَياضُها بصُفْرةٍ أَي خُلِطَ، فكانتْ صَفْراءَ بَيْضاءَ، فتَرَكَ الألِفَ واللامَ من البِكْر ٢ وأَضافَ البِكْرِ إلى نَعْتِها. وقالَ غيرُهُ: أَرادَ كبِكْرِ الصدَقَةِ المُقاناةِ البَياض بصُفْرةٍ لأنَّ في الصدَقَةِ لَوَنَيْن من بَياض وصُفْرةٍ أَضافَ الدُّرَّة إليها.

  وقانَى فُلاناً مُقاناةٌ: وافَقَهُ. يقالُ: ما يُقانِينِي هذا الشيءُ أَي ما يُوافِقُنِي؛ عن ابنِ السِّكِّيت.

  وهذا يُقانِي هذا: أَي يُوافقُه.

  وأَحْمرُ قانٍ⁣(⁣٧): شَديدُ الحُمْرةِ؛ صَوابُه بالهَمْزِ؛ ووَهِمَ الجَوْهرِيُّ.

  قالَ شَيْخُنا: لا وهمَ فقد ذكَرَه الجَوْهرِي في المَهْموزِ كما في أُصُولِه الصَّحيحةِ وأَعَادَهُ هنا إشارَة إلى الخِلافِ أَو إِشارَة إلى جَوازِ تَخْفِيفِه، كما ذَكَرَ المصنِّفُ شَنُوّة مع تَصْرِيحِهم بأنَّه مَهْمُوزٌ.

  * قُلْت: هو كما ذُكِرَ إلَّا أنَّ ذِكْرَ المصنِّفِ إيَّاه في هذا الحرْفِ بَعِيدٌ عن الصَّوابِ، فإنَّه مِن قَنَا يَقْنُو قَنْواً إذا اشْتَدَّتْ حُمرتُه، وأَحْمَرَ قانٍ شَديدُ الحُمْرةِ.

  * وممَّا يُسْتدركُ عليه:

  قَنَيْت الغَنَم: اتَّخَذْتُهَا للحَلْبِ؛ عن اللحْياني.

  وقَنِيَ قِنًى: مِثْلُ رَضِيَ رِضاً زِنَةً ومَعْنًى، عن أبي عبيدَةَ؛ قالَ ابنُ برِّي: ومنه قولُ الطمَّاحِي:

  كيفَ رأَيتَ الحَمِقَ الدَّلَنْظَى ... يُعْطَى الذي يَنْقُصهُ فيَقْنَى؟


(١) ديوان الهذليين ٢/ ٢٣٨ برواية: «عند متلده».

(٢) في القاموس قَناهُ، بالتخفيف.

(٣) سورة النجم، الآية ٤٨.

(٤) في اللسان والنهاية «أقناك» والمثبت كرواية الزمخشري في الفائق ١/ ٢٧٩.

(٥) اللسان.

(٦) ديوانه ط بيروت ص ٤٣، من معلقته، برواية: «غير المحلل» والمثبت كرواية اللسان والصحاح والمقاييس ٥/ ٢٩ وصدره في التهذيب.

(٧) في القاموس: قانئُ.