تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[قوو]:

صفحة 108 - الجزء 20

  وقولُه تعالى: {يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ}⁣(⁣١)، أَي بجِدِّ وعَوْنٍ من اللهِ تعالى؛ كالقِوايَةِ، بالكسْر. يقالُ ذلكَ في الحَزْمِ، ولا يقالُ في البَدَنِ، وهو نادِرٌ، وإنَّما حُكْمُه القِواوَةُ أَو القِواءَةُ؛ قالَ الشاعِرُ:

  ومالَ بأعْناقِ الكَرَى غالِباتُها ... وإنِّي على أَمْرِ القِوايَةِ حازِمُ⁣(⁣٢)

  وقَوِيَ الضَّعيفُ، كرَضِيَ، قُوَّةً فهو قَوِيٌّ، والجَمْعُ أَقْوياءُ؛ وتَقَوَّى مِثْلُه، كما في الصِّحاح؛ واقْتَوَى كَذلكَ؛ قالَ رُؤْبَة:

  وقُوَّةَ اللهِ بها اقْتَوَيْنا

  وقيلَ: اقْتَوَى جادَتْ قُوَّتُه.

  وقَوَّاهُ اللهُ تعالى تَقْوِيَةً.

  وفي المُحْكم: قَوَّى اللهُ ضَعْفَك، أَي أَبْدَلَكَ مَكانَ الضَّعْفِ قوَّةً؛ وقد جاءَ كَذلكَ في الدُّعاءِ للمَرِيضِ، ومَنَعَه الإمامُ الشَّافِعِيّ؛ ذَكَره ابنُ السَّبْكيّ في الطَّبقاتِ.

  وحَكَى سِيْبَوَيْه: فلانٌ* يُقَوَّى، بالتَّشْدِيدِ، أَي يُرْمَى بذلك.

  وفَرَس مُقْوٍ، كمُعْطٍ: أَي قَوِيٌّ.

  ورجُلٌ مُقْوٍ: ذُو دَابَّةٍ قَوِيَّةٍ.

  وفلانٌ قَوِيٌّ مُقْوٍ: أَي قَوِيٌّ في نَفْسِه، ومُقْوٍ في دابَّتِه.

  وفي حديثِ غَزْوةِ تَبُوك: «لا يَخْرُجَنَّ مَعَنَا إلَّا رجُلٌ مُقْوٍ»، أَي ذُو دابَّةٍ قَوِيَّةٍ ومنه قولُ الأسْوَد بنِ يَزِيد في تَفْسِيرِ قولِه، ø: {وَإِنّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ}⁣(⁣٣)؛ قالَ: مُقْوُون مُؤْدُون، أَي أَصْحاب دَوابِّ قَوِيَّةٍ كامِلُو أَدَاةِ الحرْبِ.

  والقُوَى، بالضَّمِّ: العَقْلُ؛ أَنْشَدَ ثَعْلَب:

  وصاحِبَيْنِ حازِمٍ قُواهُما

  نَبَّهْتُ والرُّقادُ قد عَلاهُما ... إلى أَمُونَيْنِ فَعَدَّياهُما

  والقُوَى: طاقاتُ الحَبْلِ، جَمْعُ قُوَّة للطَّاقَةِ من طَاقاتِ الحَبْلِ أَو الوَتَرِ، ويقالُ في جَمْعِه القِوَى، بالكسْرِ أيْضاً؛ وأَنْشَدَ أَبُو زَيدٍ:

  وقيلى⁣(⁣٤) لها إنَّ القُوَى قد تَقَطَّعَتْ ... وما للقُوَى ما لم يَجِدَّ بَقاء

  وحَبْلٌ قَوٍ ووَتَرٌ قَوٍ: وكِلاهُما مُخْتَلِفُ القُوَى. وفي حديثِ ابنِ الدَّيْلمي⁣(⁣٥): «يُنْقَضُ الإسْلامُ عُرْوَةً عُرْوَةً كما يُنْقَضُ الحبْلُ قُوَّةً قُوَّةً».

  وأَقْوَى: إذا اسْتَغْنَى؛ وأَيْضاً: إذا افْتَقَرَ، كِلاهُما عن ابنِ الأعْرابيِ؛ ضِدٌّ، فالأوَّلُ بِمَعْنَى صارَ ذَا قُوَّةٍ وغِنًى، والثاني: بمعْنَى زالَتْ قُوَّتُه، والهَمْزَةُ للسَّلْب.

  وأَقْوَى الحَبْلَ والوَتَرَ جَعَلَ بَعْضَه، أَي بَعْضَ قُواهُ، أَغْلَظَ من بَعْضٍ، وهو حَبْلٌ مُقْوًى، وهو أن تُرْخِي قُوَّة وتُغَيّر قُوَّة فلا يَلْبَثُ الحَبْل أنْ يَتَقَطَّعَ.

  وأَقْوَى الشِّعْرَ: خالَفَ قَوافِيَهُ برَفْعِ بَيْتٍ وجَرِّ آخَرَ.

  قالَ أَبو عَمْرِو بنُ العَلاء: الإِقْواءُ أنْ تَخْتلفَ⁣(⁣٦) حَرَكاتُ الرَّوِيِّ فبَعْضُه مَرْفوعٌ وبَعْضُهُ مَنْصوبٌ أَو مَجْرورٌ.

  وقالَ أبو عُبيدَةَ: الإِقْواءُ في عيوبِ الشِّعْرِ نُقْصانُ الحَرْفِ مِن الفاصِلَةِ يَعْنِي مِن عرُوضِ البَيْتِ، وهو مُشْتَقٌّ من قُوَّةِ الحَبْلِ، كأَنَّه نَقض قُوَّة مِن قُواهُ، وهو مِثْلُ القَطْع في عَرُوضِ الكامِلِ، وهو كقولِ الرَّبيعِ بنِ زِيادٍ:

  أَفَبَعْدَ مَقْتَلِ مالِكِ بنِ زُهَيْرٍ ... تَرْجُو النِّساءُ عَواقِبَ الأَطْهارِ؟⁣(⁣٧)

  فنَقَص من عَرُوضِه قُوَّة، والعَرُوضُ: وَسَطُ البَيْتِ.

  وقالَ أبو عَمْرٍو: الإِقْواءُ اخْتِلافُ إعْرابِ القَوافِي، وكانَ يَرْوِي بيتَ الأَعْشى:


(١) سورة مريم، الآية ١٢.

(٢) اللسان والتهذيب.

(*) كذا، وبالقاموس: «وهو» بدل: وفلان.

(٣) سورة الشعراء، الآية ٥٦.

(٤) كذا بالأصل، ولم أجده.

(٥) الأصل والنهاية، وفي اللسان: ابن الديلمي! تحريف.

(٦) بالأصل: يختلف، والتصحيح عن اللسان.

(٧) اللسان والتهذيب والصحاح.